أخبارحضارات

معرض مولاي ادريس.. من دخله مولود ومن خرج منه مفقود!

بقلم/ حنان الطيبي

في سلسلة حكايات أسماء أحياء فاس العالمة نروي لكم قصة “معرض” مولاي ادريس وسبب تسميته كذلك، قصة اقل ما يقال عنها انها اسطورة من الأساطير، إلا أنها أكثر حقيقة وواقعية حسب ما ترويه العجائز والمسنين ممن شهدوا على الحكاية وتناقلوها للأجيال التابعة ليس بالكلام فقط بل ايضا بالقسم والحلفان!.

بادئا ذي بدء فإن معرض مولاي ادريس ليس مكانا بأربع جدران ولا قاعة لعرض اللوحات الفنية أو غيرها، بل وليس حتى تسمية لحي من احياء مدينة فاس، فهو بكل بساطة اسم لقطعة من الخشب!.

بين نهاية حي راس الشراطين وبداية القيسارية، في وجهة إلى ضريح المولى إدريس الثاني مؤسس مدينة فاس، تم تتبيث قطعة من الخشب بشكل أفقي بين جداري الحي على ارتفاع متر ونص من سطح الأرض، طول الخشبة متران وعرضها حوالي 30 سنتيم، هذه القطعة الخشبية التي طال عمرها ل 12 قرنا من الزمن، بل ويحكى انها أطول عمرا من ذلك، ويحكي بعضهم أنه تم تثبيث الخشبة بهذه المواصفات حتى ينحني كل من هو مقبل على الدخول اتجاه ضريح مولى إدريس، وبمعنى آخر ليقدم تحية الاحترام إلى المولى إدريس بقصد إو بدون قصد!.

أما في رواية أخرى فيحكي اهل فاس أنه فيما مضى كان معرض مولاي إدريس يعتبر ملجأ أمان لكل باحث عنه، إذ أطلق عليها ايضا باب “المزاوكة”، بمعنى الاستجارة من خطر أو من خوف، فكان إذا تم كشف امر سارق مثلا، يقوم “المخازنية”، وهو ما كان يطلق على الشرطة المغربية آنذاك، فيقوم هؤلاء بمطاردة السارق وإذا ما بلغ معرض مولاي ادريس ومر من تحت “الخشبة”، تتركه الشرطة في حال سبيله ولا تجرؤ على مطاردته إلى حين ان يعود ادراجه منها!.

وتقول الحكاية أيضا أن معرض مولاي ادريس هو “بركة” فاس وعمودها الفقري، وهو لبس قطعة خشب كغيرها، بل إنها تجير من أجارها وتحمي من احتمى بها وتبدل الخوف طمأنينة لمن لجأ إليها..

ويستطرد الحكاة في قصة هي اقرب للمنطق، تفيد أن معرض مولاي إدريس كان بمثابة “صندوق أمانات”، بمعنى أنه كل من ضاعت منه محفظته أو مفاتيحه او أي شيء من هذا القبيل، كان يقصد معرض مولاي ادريس فيجد ما ضاع منه معروضا ومعلقا على الخشبة بعد أن تجده المارة في إي مكان في الشارع فيعلق مباشرة على المعرض كما كان متعارف عليه آنذاك.

ومهما كانت الحكايات حول معرض مولاي إدريس مختلفة ومتضاربة إلا أنها تبقى شيقة وممتعة ومهمة جدا، ليس فقط لأنها تغني رصيد الموروث الثقافي الشعبي والتاريخ الشفهي بل لأنها فقط تضع ألف سؤال حول قطعة من الخشب عاشت 12 قرنا وما تزال ثابثة وبقوة أكثر من التاريخ نفسه.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button