أخبارتقارير وملفات

المخابرات المغربية الأقوى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط  

  
لعبت أجهزة الاستخبارات خلال الأعوام الأخيرة،دورًا مهمًا ورائدًا في مواجهة التنظيمات الإرهابية بمختلف أشكالها، في ظلِّ قدرتها على توجيه ضربات استباقية وإجهاضية لنشاط تلك التنظيمات، وذلك من خلال قدرتها على جمع المعلومات الدقيقة عن عناصرها ومصادر تمويلها وخريطة انتشارها وشبكة علاقاتها الداخلية والخارجية، إضافةً إلى قدرتها عن التنبؤ المستقبلي بمسارات حركتها وأهدافها.

تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وإشادة دولية

صنف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقرير له صادر في يوليو 2015، المخابرات المغربية بأنها الأقوى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط؛ نظرًا لما تقوم به من جهد في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.  
كما أن التعاون بين الاستخبارات الخارجية “لادجيد” والداخلية “الديستي” قد ساهمت بشكل كبير في تطور أداء الاستخبارات المغربية وتفوقها خلال الأعوام الأخيرة؛ حيث يرجع له الفضل في ما وصلت إليه المخابرات المغربية من فاعلية وقوة نالت اعترافًا وتنويهًا من الجميع دول ومنظمات إقليمية ودولية، وأصبحت نموذجًا تسعى كثير من الدول إلى الحذو حذوه.  
وتلقت أجهزة الاستخبارات المغربية خلال الأعوام الأخيرة إشادة واسعة من أطراف دولية أوروبية، مثل بلجيكا وفرنسا وإسبانيا، لما قدمه من معطيات استخباراتية مكنّت تلك الدول من تجاوز وقوع اعتداءات إرهابية، كان من الممكن أن تمثل تهديدًا خطيرًا لأمنها واستقرارها وقد كان من ضمن آثار هذه النجاحات المذهلة، أن أصبحت أجهزة المخابرات العالمية تخطب ود الاستخبارات المغربية وتسعى إلى توقيع اتفاقيات شراكة معها، للتعاون الأمني وتعزيز قدراتها، لاسيما وأن نجاحاتها قد تجاوزت الأراضي المغربية إلى أوروبا؛ حيث أعلنت دول أوروبية عن إحباطها هجمات إرهابية وشيكة بفضل معلومات استخباراتية وصلتها عبر الاستخبارات المغربية، وهو ما يضاف إلى جهودها الكبيرة في اختراق وتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، فضلًا عن منعها للتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود من الوجود على الأراضي المغربية.  

الاستباق المُتعدِّد المسارات

نجحت الأجهزة الأمنية المغربية في الحدّ من التهديدات الأمنية التي تمثلها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، عبر تفكيك العديد من الخلايا النائمة خلال العام 2021، في ظل سياق إقليمي معقد، لاسيما تفاعلات الجوار الجغرافي المباشر، بعد تمدُّد تأثيرات الصراع الليبي، وانتقال المقاتلين عبر الحدود مع تونس، والتوتر المزمن مع الجزائر، وتنامي استفحال الأنشطة الإرهابية بمنطقة الساحل جنوب الصحراء. وتزامن ذلك مع معاناة شركاء المغرب في أوروبا، وخاصة فرنسا وألمانيا، من عجز أمني في إجهاض العمليات الإرهابية في الأعوام الماضية، سواء تلك التي تشنها مجموعات صغيرة منظمة أو يُقدِم عليها أفراد لا تربطهم علاقات تنظيمية واضحة مع جماعات متطرفة (الذئاب المنفردة). 
ويمارس المغرب سياسات “الاستباق المُتعدِّد المسارات” في مواجهة الإرهاب، كتكيُّف الأجهزة الأمنية مع تغيُّر أنماط التهديد الإرهابي، إذ باتت السياسة الأمنية المغربية أكثر تنسيقاً وتكيُّفاً وسيطرةً على الأجهزة المتعددة، سواء من خلال المجلس الأعلى للأمن الذي يترأسه الملك ونصَّت عليه المادة 54 من دستور 2011، أو مع إطلاق برنامج “حذر” في عام 2014 للمكافحة الاستباقية للإرهاب، عبر آلية أمنية تتضمن في تشكيلتها عناصر من الجيش والدرك الملكي والشرطة وقوات الاحتياط، بل وجرى أيضاً استحداث المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في مارس 2015 تحت سلطة مديرية التراب الوطني لملاحقة الإرهاب وتفكيك خلاياه، وردع تشابكاته مع الجريمة المنظمة. كما أن مصادقة الحكومة والبرلمان على قانون الأمن السيبراني من شأنها تحسين أمن نظم المعلومات في مختلف المؤسسات العمومية والشركات الوطنية.  

تكثيف التعاون الأمني مع دول الجوار الإقليمي

يقدم المغرب نفسه لأطراف دولية وإقليمية مختلفة، سواء في منطقة الساحل بإفريقيا أو دول الجوار في الشمال الإفريقي أو الشركاء المتوسطيين في أوروبا، باعتباره حليفاً مهماً في محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية. وبدا المغرب مساحة استقرار في منطقة متصارعة، وهو ما عزز من مكانة جهاز الاستخبارات، لاسيما أنه قدم معلومات لأجهزة مناظرة له في عدد من الدول الغربية، خاصةً مع تغلغل الاستخبارات المغربية الخارجية (المديرية العامة للدراسات والاستعلامات “لادجيد”) في أوساط الجاليات المغاربية في الخارج، والتي ارتبط بعض أفرادها بهجمات خطيرة في أوروبا.  
وفي نفس السياق،قدمت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالمملكة المغربية لفائدة مصالح الاستخبارات الفرنسية الداخلية والخارجية، بتاريخ فاتح أبريل 2021، معلومات دقيقة حول مواطنة فرنسية من أصل مغربي كانت بصدد التحضير لتنفيذ عمل إرهابي وشيك كان يستهدف مكانا للعبادة بفرنسا (كنيسة).  
ويعتبر من أهم عوامل قوة الاستخبارات المغربية هو تعاونها القوي مع أجهزة الاستخبارات الخارجية، من خلال تبادل الخبرات والمعلومات، لاسيما وأن المغرب حاضر بقوة في مجال التنسيق الأمني بين مختلف دول العالم في إطار محاربة الظاهرة الإرهابية في المنطقة؛ حيث أن المغرب مد جسور التعاون مع معظم دول العالم؛ من أجل تبادل المعلومات، فعلى سبيل المثال تعاونت الاستخبارات المغربية مع نظيرتها الإسبانية للحدِّ من تنامي نشاط المجموعات الإرهابية التي تسعى إلى القيام بأعمال عنف داخل المملكة وتجنيد الشباب المغربي للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية سواء في سوريا أو العراق، وهو ما ساعدها على تفكيك خلايا إرهابية خارجية، كانت تمثل خطرًا على الأمن القومي للمملكة، على غرار تفكيك خلية التونسي محمد بن الهادي مساهل، المرتبطة بالقاعدة وبالجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية سابقًا، في مارس 2006، وتمكنها من إفشال عدد من المخططات الإرهابية التي كانت تستهدف مقر مديرية مراقبة التراب الوطني سابقًا بفرنسا، وقطار الأنفاق في ميلانو، وكنيسة “سان بيترونيو” في مدينة بولونيا. 

المساهمة الدولية للمغرب في مكافحة الإرهاب

استفادت دول عدة من التعاون مع الاستخبارات المغربية بشكل كبير، من خلال حصولها على معلومات قيمة عن العناصر والتنظيمات التى تهدد أمنها واستقرارها، على غرار المعلومات التي قدمتها للجهات الأمنية في الدانمارك عن مخطط إرهابي في شكل عملية انتحارية بتوجيه ودعم من تنظيم “القاعدة” ضد رسام كاريكاتوري دنماركي.
وقدمت معلومات ميدانية مهمة حول عملية خطف الرهائن في موقع “عين أميناس” في الجنوب الجزائري، والتي نفذتها في يناير 2013، المجموعة الإرهابية المسماة “الموقعون بالدم”.
ومكّن التعاون بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيراتها الأوروبية في أكثر من فرصة من إحباط مجموعة من الاعتداءات الإرهابية في أوروبا. فقد تم إحباط اعتداءات وشيكة كانت تستهدف دول أوروبية، بفضل تبادل معلومات استخباراتية مهمة بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيراتها الأجنبية.
وتقدم المخابرات المغربية بشقيها الخارجي والداخلي وبالإضافة إلى حمايتهما للأمن الداخلي للمملكة، (تقدم) خدمات عبارة عن معلومات ودعم استعلاماتي إلى أصدقائهما عبر العالم، وفي المقدمة فرنسا وبلجيكا وقبلها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وإيطاليا وتونس والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومالي وغيرها من الأقطار. وهو ما أكده  ياسين المنصوري المدير العام لمديرية الوثائق والمستندات (أحد أكبر الأجهزة الاستخباراتية في المملكة) من على منبر لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي بنيويورك “إن الجهود المبذولة من قبل المصالح الأمنية المغربية لمواجهة التهديدات الإرهابية الداخلية لن تحد في شيء من مساهمة المملكة في مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي لاسيما من خلال تقاسم المعلومات الاستخباراتية الهامة جدا والتي أدت إلى إفشال العديد من المؤامرات الإرهابية ضد البلدان الصديقة”.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button