في الصميم

كوارث الطبيعة..هل أخلفت الدولة موعدها

هناك حزن كبير يخيم علينا كإنسانية، سواء تعلق الأمر بزلزال المغرب أو فيضانات ليبيا أو براكين هنا وهناك، أو أي مأساة تحدث فوق هدا الكوكب. بالرغم من كل الأوجاع التي تخلفها الكوارث، والأحزان التي نتقاسمها مع عائلات الضحايا وأقاربهم ومجتمعاتهم كأفراد و جماعات، فالعديد من الأسر تضررت بشكل مباشر أو غير مباشر من هول الكارثة، ضحايا بالآلاف ومفقودين وخسائر مادية كبيرة، إلا أنها تعيد طرح العديد من علامات الاستفهام.

بقلم / عبدالله العبادي
نعم هده الكوارث تعيد طرح العديد من الأسئلة، فرغم هول الفاجعة إلا أن لها فضائل أيضا، حيث تعيد التفكير في سياسات الدولة وعمل المسؤولين ومهمة نواب الشعب … إذ تعيد طرح أسئلة المجال المهمش والمقصي من سياسات التنمية وغياب استراتيجيات تنموية بهده المناطق المهمشة.
فيضانات مدينة درنة الليبية كانت كارثية فعلا، عشرات الآلاف من القتلى والمفقودين، بعد انهيار سدين بضواحي المدينة مع مرور إعصار دانيال بالمنطقة، لم تكن المرة الأولى التي تتعرض لها المدينة لفيضان مدمر، لكن الدرس لم تستوعبه الحكومات المتعاقبة جيدا، تقرير إنذاري وجهه مكتب للدراسات من سويسرا، يطالب فيه بالصيانة الفورية والعاجلة للسد، كان ذلك قبل عشرين سنة أي ستة 2003، إلا أن المسؤولين لم يولوا أي اهتمام لذلك، لتدخل البلاد بعد 2011 في سلسلة أزمات لا زالت تتخبط فيها لحد الآن، والضحية المواطن.
زلزال الحوز بالمغرب بأعالي جبال الأطلس، يدعو إلى التفكير في مستقبل المدن والقرى الواقعة في مواطن الزلازل، حيث صعوبة الوصول إلى العديد من القرى، لصعوبة تضاريس المنطقة، ولأن السياسات العمومية لم تولي اهتماما كبيرا لهذه المناطق البعيدة عن المركز، وبعيدة أيضا عن اهتمام الساسة.
هناك فضيلة أساسية أنتجتها الأزمة، وهي فضيلة الأخوة والتضامن التي تحلى بها الشعب المغربي والليبي تضامنا مع المناطق المنكوبة، في المغرب تحرك شعب بكامله داخل وخارج المملكة لتقديم المساعدة للسكان المتضررين، المساعدات فاقت التوقعات، وعبرت عن عمق الخير الذي يسكن هدا الشعب العريق بمكوناته الثقافية والروافد المختلفة، لكنهم منصهرون في مغرب واحد من طنجة إلى الكويرة.
الشعب الليبي رغم المحن التي يعيشها مند أكثر من عقد من الزمن، لم يبخل على سكان درنة والنواحي بالمساعدات، فتحركت قوافل المساعدات من كل صوب نحو المدينة لنجدة أهلها وتقديم المساعدات، رغم كل المحن التي يعيشها الشعب الليبي، إلا أن الخير يسكن أعماق أحفاد عمر المختار.
فالأزمات ليست دائما كوارث إنسانية، قد تكون أيضا دروسا سياسية ومجتمعية، تعيد التفكير في الهامش وصيانة المنشآت، وتعزيز السياسات العمومية بترسانة من القوانين والمشاريع التي تخدم المناطق العميقة في كل بلد، وتحقيق المساواة بين المركز والهامش.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button