إفريقياتقارير وملفات

المغرب شريك استراتيجي للتحالف الدولي في محاربة الإرهاب

أكد المغرب مرة أخرى باحتضانه مؤخرا في مراكش، لاجتماع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، تجنده القوي إلى جانب شركائه الدوليين في مجابهة خطر الإرهاب المحدث بالعالم.
وحقق نجاحا في محاربة الإرهاب على المستوى الداخلي، وتجاوزه ليلعب دورا محوريا في التصدي للتنظيمات المتطرفة دوليا. وأشادت منظومة الأمم المتحدة، بريادة المغرب وجهوده في مجال مكافحة الإرهاب. وأعربت عن تقديرها للتعاون مع المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، مشيدة ب “الدعم القوي” للمملكة لبرنامج مكافحة الإرهاب.
ونوهت بدور المغرب باعتباره رئيسا مشتركا للمنتدى العالمي لمحاربة الإرهاب، وكذا شريكا للأمم المتحدة في مجال محاربة هذه الظاهرة الكونية.

قاطرة في شمال إفريقيا لمحاربة الإرهاب

يرجع النجاح المغربي في محاربة الإرهاب على المستوى الداخلي، إلى وجود استراتيجية محكمة، تبناها منذ عام 2003.
ومكنت الاستراتيجية التي نهجها المغرب منذ تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، من إطلاق مشروع واسع يتعلق بإعادة هيكلة الحقل الديني.
وشمل هذا المشروع مجموعة من المجالات الدينية كالإمامة والوعظ والإرشاد، وإعادة صياغة المفاهيم والتعريف بالثوابت وركائز المملكة في الجانب الديني.
ومكنت المغرب كل هذه العناصر العامة الدينية، من وضع خطة شاملة أهلته ليكون قاطرة في منطقة شمال إفريقيا فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب.
وانخرط المغرب منذ تفجيرات الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001، في الاستراتيجية الأمريكية والدولية في محاربة ظاهرة الإرهاب والتطرف.

منصة مهمة بإفريقيا لمحاربة الإرهاب والتطرف

مكن المغرب كل هذا من الاعتراف به كشريك استراتيجي خارج “حلف الناتو”. وأصبح نموذجا يقتدى به، بحيث أنه تم فتح فرع من قبل الأمم المتحدة في إطار “برنامج الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب” في الرباط، وهذه اول خطوة تتم على صعيد القارة الإفريقية.
واجتمعت ما يفوق 80 دولة في مراكش من أجل محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وفلوله وكذا أفكاره في المنطقة والقارة الإفريقية وباقي بقع العالم. ويدل هذا على أن المغرب أصبح منصة مهمة في القارة الإفريقية في محاربة الإرهاب والتطرف.
ويقوم المغرب بتفكيك الخلايا الإرهابية من عدة جوانب، منها الجانب الأمني الإستخباراتي، وكذلك على مستوى إعادة هيكلة الحقل الديني من جديد وضم كل المساجد العشوائية التي كانت خارج منظومة الدولة إلى مصالح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وضبط الإرشاد الديني داخل المساجد، إضافة إلى ضبط الأئمة كذلك والوعظ ، نظرا لكون هذا الجانب في جزء كبير منه في الماضي كان بطرق عشوائية.
وتم إنشاء مؤسسة محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، والتي تقوم باستقطاب شخصيات من إفريقيا أو أوروبا من اجل تكوينها، وسيكون الفوج الأول والثاني والثالث عند عودتهم لبلدانهم أوصياء على مواجهة التطرف، كما أنهم يشكلون قنوات أسياسية لبث خطاب معادي للتطرف. وطلبت دول أوروبية وإفريقية مساعدة المغرب في تكوين الأئمة لديها في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة لمواجهة خطاب التطرف.

موقع استراتيجي على المستوى الدولي

ولم يقتصر النجاح المغربي في محاربة الإرهاب والتطرف، على المستوى الداخلي، بل تعداه، ليرسم المغرب موقعا استراتيجيا له على المستوى الدولي.
وقدم معلومات استخباراتية لدول عدة منها الأوروبية كفرنسا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا والعديد من الدول الأخرى والتي جنبتها خسائر عديدة في الأرواح والممتلكات.
وقدم معلومات قيمة لاستخبارات الولايات المتحدة، وجنبها هي الأخرى العديد من الخسائر خاصة وأنه تبين أن (داعش) استطاعت أن تستقطب جندي من الجنود الأمريكيين العاملين في صفوفها.
وقدم للعديد من الدول الإفريقية خاصة دول الساحل والصحراء، العديد من المعلومات الإستخباراتية القيمة وساعد في تفكيك العديد من الخلايا سواء في ليبيا أوالتشاد.
ولم تأتي من فراغ “القدرة الاستثنائية” للمغرب في تقديم معلومات استخبارية قيمة تمتاز بالدقة والمصداقية، بل جاءت من جهد وعمل دؤوب على المستوى الداخلي.
وقام المغرب في العقود الأخيرة بتدشين العديد من الإصلاحات الواسعة على مستوى الأجهزة الاستخباراتية وكذا على مستوى الأجهزة الأمنية، ومواكبة أحدث التقنيات العالمية فيما يخص الجانب الأمني.
وهناك بنية تواصلية مهمة جدا، حيث أن جميع الإصلاحات الهيكلية التي يتم إحداثها، تتم عملية إخراجها للعلن.

إصلاحات كبيرة

وقام بإصلاحات كبيرة عرفها المرفق الأمني بشكل عام، كان على مستوى القوانين، وإصلاح المنظومة الأمنية، والأجهزة الأمنية سواء في الجانب المادي أو باقي الجوانب المتعددة، والتي برهنت على أهمية دورها في مكافحة الأخطار والإرهاب داخليا وخارجيا، وأكدت دور المغرب المحوري في محاربة الإرهاب، وكدولة ذات مصداقية ولها علاقة قائمة على الثقة مع مختلف شركائها.
من جهة أخرى أخذ تنظيم (داعش) الإرهابي يتمدد في المثلث الحدودي الذي يجمع مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وقد خلف العديد من الضحايا والخسائر وتهجير العديد من ساكنة تلك المناطق.
وعكس لقاء مراكش الدرجة الكبرى للإستعانة بخبرة المغرب في الحد من تمدد التنظيمات الإرهابية خاصة في منطقة الساحل الإفريقي.
ورغم التواجد الفرنسي منذ 2013 والأمريكي والأممي في منطقة الساحل الإفريقي، فإن القضاء على التنظيمات الإرهابية جد صعب، وقد تبين أن فرنسا لم تنجح في هذه المهمة.
وللمغرب مسؤولية تاريخية في بناء السلم والاستقرار في هذه المنطقة، وحضوره سيكون له أهمية كبرى فيما يخص الحد من انتشار (داعش) والتي تتواجد في منطقة الصحراء الكبرى.

إشادة أممية وإجماع دولي على مجهودات مكافحة الإرهاب

أشاد وكيل الأمين العام، مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بمناسبة افتتاح مقر مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، أنه “منذ إحداثه سنة 2017، وضع برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا مجموعة من البرامج للتصدي للإرهاب ومكافحته، كما أن افتتاح مكتب لهذا البرنامج بالرباط سيساهم في تقريب الخبرة المغربية من باقي بلدان القارة الإفريقية”. ولاحظ أن مكتب البرنامج بالرباط “يعتبر مركزا للتكوين يكتسي أهمية بالغة لجهودنا في التكوين وتقوية القدرات، لاسيما بالنسبة لغرب إفريقيا”.
وأعربت من جهتها المنسقة المقيمة للأمم المتحدة بالمغرب، عن فخرها للمشاركة في حفل افتتاح المكتب “الذي جاء ثمرة تعاون وثيق ورؤية موحدة بين برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا والمملكة المغربية”، واصفة إياه ب” الخطوة الكبيرة في معركتنا ضد التهديد الإرهابي في إفريقيا”.
وسجلت المسؤولة الأممية أنه بالنسبة للمطلعين، فاختيار الرباط هو “أمر بديهي” بالنظر إلى “أن التزام المغرب لفائدة الاستقرار والأمن بالقارة من خلال مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد أمر جلي”، لافتة إلى أنه في مواجهة التهديد الإرهابي الذي صار أكثر تعقيدا، “من الضروري للغاية تقوية التعاون والقدرات والتعلم من بعضنا البعض”. موضحة أن هناك الكثير لنتعلمه من المملكة “التي راهنت على مقاربة متعددة الأبعاد، تجمع بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية”.
واعتبر رئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا بالرباط، أن هذا المكتب الجديد سيكون “مركزا” للتكوين في مجال مكافحة الإرهاب، ويروم تقوية كفاءات المستفيدين من التكوينات من خلال “خلق عقيدة إيجابية”.
وأكد بدوره سفير الكاميرون بالمغرب، في كلمة باسم مجموعة السفراء الأفارقة المعتمدين بالرباط، أن القارة “لا يمكن إلا أن تشيد بجهود المملكة في مجال مكافحة الإرهاب”. وقال، أن “المغرب أبان عن انفتاحه لتقاسم تجربته مع البلدان الإفريقية من خلال التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مجال الأمن وتبادل المعلومات”. معتبرا أن افتتاح مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب بالرباط هو “اعتراف في حد ذاته بالاستقرار والأمن اللذين تتمتع بهما المملكة”، وهو أيضا “تصديق” لجهودها المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب بإفريقيا.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button