Hot eventsأخبارأخبار سريعةصحافة وإعلام

عين الحدث الإفريقي: المغرب على خط الإصلاح العميق ومواجهة الفساد في لحظة حاسمة

في زمن تتزايد فيه التحديات على الساحتين الإفريقية والدولية، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كشريك موثوق ومبادر، مستندًا إلى رؤية ملكية ثاقبة تجمع بين المبادرة الدبلوماسية، والدعم الإنساني، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

ففي بادرة تعكس مكانة المملكة كفاعل دولي رصين، بعث جلالة الملك محمد السادس رسائل تهنئة إلى رئيسة الكونفدرالية السويسرية، كارين كيلير-سوتير، وإلى رئيس جمهورية البنين، باتريس تالون، بمناسبة احتفالات بلديهما بالأعياد الوطنية. وهي رسائل لا تندرج فقط في إطار المجاملة الدبلوماسية، بل تعكس الحرص الموصول لجلالته على تعميق علاقات الشراكة والتعاون، سواء مع بلدان أوروبا أو مع الدول الإفريقية الصديقة.

ولأن البُعد الإنساني لا ينفصل عن التوجه السياسي المغربي، فقد نوه الشيخ عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى، بالمبادرة التي أطلقها جلالة الملك، رئيس لجنة القدس، والمتمثلة في إرسال مساعدات إنسانية وطبية عاجلة إلى قطاع غزة، في وقت يعاني فيه السكان من حصار ومجاعة. مبادرة تندرج ضمن رؤية متكاملة تقودها المملكة دفاعًا عن الحقوق الفلسطينية وصمود القدس، عبر دعم عملي تشرف عليه وكالة بيت مال القدس الشريف.

وفي السياق الحقوقي الوطني، برز موقف واضح من وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي شدد على أن مطالبة الموظفين المدنيين بوثيقة مغادرة التراب الوطني تُعد ممارسة غير قانونية، ولا تستند إلى أي نص دستوري أو تنظيمي، باستثناء الفئات الأمنية الخاصة. موقف يُعيد الاعتبار لحرية التنقل كحق مكفول بموجب الفصل 24 من الدستور، ويضع حدًا لإحدى الممارسات الإدارية القديمة.

أما على مستوى العلاقات المغاربية، فقد شكل خطاب العرش الأخير مناسبة للتأكيد على تمسك المغرب بخيار الوحدة والتكامل، حيث نوّه المركز المغاربي للدراسات والإعلام بهذا الالتزام المتجدد، معتبرًا أن اليد الممدودة نحو الجزائر ليست مجرد موقف دبلوماسي، بل خيار استراتيجي يدعو إلى بناء فضاء مغاربي مشترك، بعيد عن منطق الخصومة الإعلامية والسياسية.

في الاتجاه ذاته، حذر الأكاديمي إدريس لكريني من كلفة القطيعة بين المغرب والجزائر، معتبرًا أنها تُهدر فرصًا تنموية هائلة وتُضعف مناعة المنطقة في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، داعيًا إلى تجاوز الحسابات الضيقة وفتح المجال أمام شراكة مغاربية حقيقية، تنطلق من واقع الجوار والتاريخ المشترك.

وفي إطار الشفافية ومحاربة الفساد، كشفت وزارة الداخلية عن فتح تحقيقات معمقة في أقسام التعمير بعدد من العمالات الكبرى، وذلك على خلفية تسريبات وثائق وتواطؤات محتملة مع مضاربين عقاريين، ما أسفر عن توقيف عدد من أعوان السلطة وإطلاق عملية تدقيق شاملة لممتلكاتهم، في خطوة ترمي إلى تقوية مناعة الإدارة وتعزيز الثقة في المرفق العمومي.

أما في القطاع الصحي، فقد كشف بحث ميداني حديث عن تحديات خطيرة تعيق الكشف المبكر عن سرطان الثدي لدى النساء المغربيات، حيث يتداخل ضعف الوعي والمستوى التعليمي والموقع الجغرافي في تأخير التشخيص، رغم توجه غالبية المصابات إلى الطبيب في وقت مبكر. توصيات الدراسة شددت على ضرورة تقليص آجال التشخيص، ورفع مستوى التثقيف الصحي، خاصة في المناطق القروية وشبه الحضرية.

وعلى المستوى التربوي، تنتظر النقابات التعليمية اجتماعًا حاسمًا مع وزارة التربية الوطنية لمناقشة تداعيات مقاطعة التكوينات الصيفية، وسط مطالب بإعادة برمجتها خارج فترات العطل، وتجنب ربطها بمحاضر الخروج التي أثارت جدلاً واسعًا. نقاش يعكس التوترات القائمة حول توازن الحقوق المهنية والواجبات التكوينية لهيئة التدريس.

اقتصاديًا، تتسارع وتيرة التدقيقات الضريبية في ملفات التهرب العقاري، حيث رصدت المديرية العامة للضرائب شبكات تستغل فواتير مزيفة وقروضاً وهمية للتهرب من أداء المستحقات، مع تنسيق مباشر مع بنك المغرب لكشف تلاعبات مالية أضرت بخزينة الدولة ومصداقية السوق العقارية.

ورغم هذه التحديات، يواصل القطاع البنكي إظهار متانته، كما ورد في التقرير السنوي لبنك المغرب، الذي سجل تراجعًا في أسعار الفائدة على القروض، مقابل ارتفاع ملحوظ في قروض الاستثمار، وتحسن مطرد في ودائع الأسر، مما يعكس دينامية متوازنة بين العرض المالي وثقة المواطنين في المؤسسات البنكية.

وفي مؤشرات السوق، عرف سعر صرف الدرهم استقرارًا نسبيًا، مع تسجيل ارتفاع طفيف مقابل الأورو وتراجع أمام الدولار، بينما سجل مؤشر “مازي” في بورصة الدار البيضاء ارتفاعًا ملحوظًا بفضل أداء قوي لقطاعات المعادن، البنوك، والصحة.

هكذا يمضي المغرب، في هذا المفصل الإفريقي الحاسم، برؤية متكاملة توفّق بين التموقع الدولي، والعدالة الاجتماعية، والصلابة الاقتصادية، ضمن مشروع ملكي يتجاوز الحدود ويصون السيادة ويصنع الفارق في محيط إقليمي متقلب.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button