سقوط الأقنعة

سقوط الأقنعة
انقلبت الأحوال،
والثائر بالقوة انحدر طوعًا إلى خديم أجرب،
يروي أساطير تخدر العقول،
وتُنيم الكبار قبل الصغار.
خلع قميص التحدي،
ارتدى جُبّة الانحناء،
تخلى عن شموخ الخطى ليزحف على هيئة التماسيح،
يبرّر النسيان،
وينثر الرماد في العيون حتى لا ترى مصيرها.
هجر الشارع واختبأ في جحور الردّة،
كما أغلق رفاق دربه من قبله عليهم أبواب أبراجهم العاجية.
لكل مقام قناع،
ولكل لحظة لون،
ولكل انكسار نغمة تُنشِد وقاحته،
ونظرات تُروّج لهزيمته على أنها نصر.
صنع لكلماته سلاسل من الكذب يريدها قيودا للفكر،
وحُفَرًا من البهتان لتغرق الخيال،
وأحكامًا تنال من الكرامة.
كانوا يظنونه منّهم،
واعتقدوا صادقين أنه منهم،
حتى نفخ أوداجه،
وانسلخ عنّهم،
وعبر الخندق،
وبدّل اسمه،
ووصمهم بالألقاب المشينة.
أشار بسبابته إلى الوراء، ناصحًا باجتثاث الأحلام،
وترك الكسور على حالها،
والسكوت عن الجور طاعةً لمن اتَّخذه قطباً..
من المهد إلى اللحد، حتى القبور.
فقد المناعة،
انتقد كل شيء،
حتى شِيم الكبار،
اتخذ من المِرْياعِ* بوصلةً،
تقلّد وسام الكهنة،
تأبّط سِجلَّ التخوين والإدانة دون دليل،
ودفن الحقد في قلبه لكل جميل،
فكان مآله أن يُفضَح أمره …
ولم يتبعه سوى من رضع من نفس الثدي…
المِرياع: خروف يُفطم عن أمه منذ ولادته ويُربّى مع أتان ليحسبها أمه، ثم يُخصى ويُزيَّن ليبدو ذا هيبة، فيقود القطيع الذي يظنه زعيمًا، وهو لا يتحرك إلا إن تحرك الحمار، فيصير تابعًا لا قائدًا، والقطيع خلفه، وهو يحسب انه الزعيم السائس.
عبداللطيف زكي
مربيليا، في 5 ماي 2025



