Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

المغرب يبتكر وفرنسا على حافة الافلاس

في مطلع هذا الأسبوع، يبدو أن المشهد الاقتصادي العالمي يعيش حالة غير مسبوقة من الترقب والقلق، خاصة بعد التقارير الصادرة من باريس، والتي حذرت من وصول الاقتصاد الفرنسي إلى مرحلة حرجة تُنذر بإفلاس محتمل. فالأرقام المعلنة تكشف عن دين عام قياسي بلغ 3.303 تريليون يورو، أي ما يعادل 114% من الناتج المحلي الإجمالي، في وقت تتوقع فيه المؤشرات المالية تباطؤ النمو خلال سنة 2025 إلى 0.6% فقط، وهو تراجع حاد مقارنة بالعام الماضي. ومع توقعات بأن يصل العجز المالي السنوي إلى نحو 175.97 مليار دولار، بما يعادل 440 مليون دولار يوميًا، تتصاعد المخاوف بشأن قدرة باريس على مواجهة هذا التدهور، خصوصًا مع إعلان 32 ألف شركة إفلاسها خلال النصف الأول من العام وتشريد أكثر من 30 ألف منصب شغل، في حين بلغ عدد حالات الإفلاس في يونيو وحده 5830 شركة.

ومع استمرار الضغوط على الشركات الفرنسية، تؤكد تقارير مرصد BPCE أن الوضع مرشح لمزيد من التدهور، خاصة مع تسجيل 66 ألف حالة إفلاس خلال العام الماضي 2024، وارتفاع تكلفة الاقتراض بفعل فقدان الأسواق المالية صبرها تجاه الإنفاق الحكومي، بينما تراقب وكالات التصنيف الائتماني هذا المسار بقلق، محذرة من خفض محتمل للتصنيف الفرنسي إذا لم تُعتمد إصلاحات جذرية لاحتواء العجز والتضخم.

وفي الوقت الذي تواجه فيه أوروبا واحدة من أعقد أزماتها الاقتصادية، يواصل المغرب رسم مسار مغاير قائم على الابتكار والاستثمار في الطاقات المتجددة، إذ أطلق مشروعًا رائدًا يتمثل في أول محطة عائمة للطاقة الشمسية على خزان سد وادي الرمل بطنجة، بمساحة تناهز 10 هكتارات وبقدرة إنتاجية تصل إلى 13 ميغاواط. ويعكس هذا المشروع الطموح الوطني نحو تعزيز أمنه الطاقي وتوسيع حصة الطاقات المتجددة لتتجاوز 52% بحلول 2030، مع توفير الكهرباء النظيفة لميناء طنجة المتوسط وحماية الموارد المائية في الآن ذاته.

وبالتوازي مع مسار الطاقة، تعزز المملكة مكانتها في مجال البحث العلمي بعد أن تصدرت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات ترتيب المؤسسات البحثية المغربية وفق تصنيف “نيتشر إندكس” 2025، بحصولها على المرتبة 1647 عالميًا ومساهمتها بـ 83 بحثًا علميًا شكلت 4.36% من الإنتاج الدولي المدرج في المؤشر، وهو إنجاز يؤكد ريادة المغرب في الابتكار والمعرفة.

أما على مستوى مناخ الأعمال، فقد أحرز المغرب تقدمًا مهمًا في تقرير الجاهزية لأنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، بحصوله على 76 نقطة، مما عزز جاذبيته الاستثمارية وسهّل تأسيس الشركات وتعزيز تنافسية القطاع الخاص. وتترجم هذه الجاذبية في التوسع الملحوظ للاستثمارات الأجنبية، لاسيما الصينية، حيث أعلنت شركتان جديدتان عزمهما إنشاء فروع صناعية بالمملكة، إحداهما متخصصة في إلكترونيات السيارات باستثمار يفوق 683 مليون درهم، والأخرى في صناعة سجاد وأرضيات السيارات برأسمال 13.7 مليون دولار، وهو ما يكرس حضور المغرب كوجهة استراتيجية في سلاسل الإنتاج العالمية.

ويتواصل هذا الزخم مع تقرير “أفريكان إكسبوننت” الذي صنف المغرب رابع أفضل بلد في إفريقيا في مؤشر الحكامة الجيدة لسنة 2025، باحتلاله المرتبة 75 عالميًا بفضل معدل 0.470 نقطة، وهو ترتيب يعكس توازن السياسات العمومية والاستقرار المؤسساتي.

وعلى صعيد الاستثمارات الوطنية، تتجه الأنظار نحو مدينة مراكش التي تشهد ورشًا تنموية ضخمة استعدادًا لاستضافة كأس العالم 2030، باستثمارات تجاوزت 917 مليون درهم تشمل تحديث البنيات التحتية والطرق والممرات تحت الأرض والمرافق المحيطة بالملعب الكبير، في خطوة تعزز مكانة المدينة كوجهة سياحية ورياضية عالمية.

وفي سياق متصل، تواصل الحكومة دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر تخصيص 30% من الصفقات العمومية لها، مع تدابير جديدة لإدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية، فيما ارتفعت الأصول الاحتياطية للمغرب إلى 409.6 مليار درهم، محققة نموًا سنويًا بلغ 13.2%، وهو ما يعزز صلابة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة التحديات الخارجية.

وفي ظل هذه المؤشرات الإيجابية، صادق مجلس الحكومة على مرسوم جديد يقضي بإحداث رسم شبه ضريبي لتمويل صندوق التضامن ضد الكوارث بنسبة 1% من أقساط التأمين، بما يعزز قدرة الدولة على مواجهة الكوارث الطبيعية والبشرية الطارئة. كما تم الإعلان عن دعم مالي مباشر لجميع مربي الماشية بهدف إعادة تشكيل القطيع الوطني وضمان تموين الأسواق الوطنية باللحوم الحمراء، في إطار مقاربة شمولية تستهدف الأمن الغذائي.

أما على الصعيد الرياضي، فقد طغت الفرحة الوطنية على مختلف الأرجاء بعد أن بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس، برقية تهنئة للمنتخب الوطني للاعبين المحليين عقب تتويجه المستحق بلقب كأس أمم إفريقيا للمحليين 2024، مؤكداً في كلمته أن هذا الفوز يعكس روح العزيمة والالتزام التي يتحلى بها أبناء الوطن في مختلف الميادين.

وفي موازاة ذلك، يواصل المغرب تعزيز موقعه الاستراتيجي في الأسواق العالمية، خاصة في مجال الفوسفات ومشتقاته، إذ ساهمت صادراته في استقرار سوق حمض الفوسفوريك عالميًا، بعد أن بلغ حجم صادراته 53 ألف طن ما بين غشت وشتنبر 2025، محتلاً المرتبة الثالثة عالميًا خلف الصين والسنغال.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button