ارتفاع الدين الخارجي يضع المغرب أمام اختبار الاستدامة المالية في أفق 2025

في سياق الضغوط الاقتصادية العالمية وتزايد وتيرة الاستدانة في بلدان الجنوب، كشف تقرير حديث صادر عن البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير أن المغرب بات يحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة أكبر الدول الأفريقية من حيث حجم الدين الخارجي، بنسبة 5.9% من إجمالي ديون القارة. يأتي ذلك بعد كل من جنوب إفريقيا (13.1%)، مصر (12.0%)، ونيجيريا (8.4%).
– دين خارجي متصاعد وسط تحذيرات من تجاوز العتبة الحرجة
حذر التقرير، الصادر تحت عنوان “عبء الدين في إفريقيا ومنطقة الكاريبي”، من اقتراب المغرب من العتبة المرجعية الدولية لنسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي، والمحددة في 50% وفقًا للمعايير المعتمدة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في إطار تقييم استدامة الدين (DSF). وتشير التقديرات إلى إمكانية تجاوز هذه النسبة بنهاية عام 2025، ما يثير مخاوف بشأن الضغط على المالية العمومية وقدرة المملكة على الحفاظ على توازناتها الاقتصادية.
– مقارنة قارية: المغرب يتقدم على دول ذات هشاشة مالية
رغم أن ثلث ديون إفريقيا الخارجية تتركز في ثلاث دول فقط، فإن المغرب جاء في المرتبة الرابعة متقدمًا على دول مثل السودان (5.2%) وموزمبيق (5.4%)، ما يبرز اتساع حجم التزامات الرباط على الساحة المالية القارية ويؤشر إلى تزايد حاجتها للتمويل الخارجي لتمويل مشاريع البنية التحتية والإصلاحات الاقتصادية.
– الدين الخارجي لإفريقيا مرشح لبلوغ 1.3 تريليون دولار
وفقًا للتقرير، فإن إجمالي الدين الخارجي لدول القارة الأفريقية مرشح لتجاوز 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2025، مع نمو مستمر حتى عام 2029، نتيجة تأثيرات السياسات النقدية العالمية المتشددة وارتفاع تكاليف التمويل وتراجع قدرة الدول الأفريقية على جذب التمويلات بشروط ميسّرة.
– مؤشرات مرنة لدى المغرب رغم تصاعد الدين
ورغم هذه المعطيات المثيرة للقلق، أشار التقرير إلى بعض المؤشرات الإيجابية في الحالة المغربية والتي تخفف من حدة المخاوف في المدى القصير:
نسبة الدين إلى الصادرات لا تزال تحت العتبة المرجعية البالغة 180%، مما يعكس قدرة المملكة على تغطية التزاماتها الخارجية من خلال العائدات التصديرية.
نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات العامة بقيت دون السقف الحرج المحدد في 20%، ما يعزز مرونة الميزانية في الوفاء بالمدفوعات المستحقة دون اللجوء إلى تقشف حاد.
– خطر مشترك في القارة الأفريقية
التقرير ذاته حذر من أن أكثر من 60% من الدول الأفريقية مرشحة لتجاوز نسبة 50% من الدين إلى الناتج المحلي بحلول عام 2025، في وقت تعرف فيه بعض الدول مثل السودان وغانا والرأس الأخضر معدلات ديون تفوق 100% من ناتجها المحلي، مما يضعها أمام مخاطر انهيار مالي وشيك.
كما سجل تراجعًا في عدد الدول التي تتجاوز فيها نسبة الدين إلى الصادرات حاجز 180%، حيث انخفض العدد من 23 دولة في 2024 إلى 14 في 2025، غير أن بعض البلدان ما تزال تسجل نسبًا صادمة مثل إريتريا وساوتومي، التي تجاوزت فيها تلك النسبة 800%.
– دعوة إلى إصلاحات مالية هيكلية
في ظل هذه المؤشرات، يواجه المغرب تحديًا استراتيجيًا للحفاظ على استدامة دينه الخارجي دون المساس بتمويل التنمية أو إثقال كاهل الاقتصاد. ويتطلب هذا الوضع:
-تعزيز انضباط المالية العمومية.
-تقليص الاعتماد على الاقتراض الخارجي.
-إصلاح منظومة الجبايات وترشيد الإنفاق العمومي.
-تحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات المنتجة بدل التمويل بالديون.
يشار إلى أن فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، سبق أن أكد أن الدين العمومي المغربي لا يزال “تحت السيطرة”، غير أن مراقبين ماليين يعتبرون أن استمرار هذا المسار دون ضبط دقيق قد يؤدي إلى هشاشة اقتصادية مزمنة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية والتقلبات المستمرة في الأسواق الدولية.



