أخبارتقارير وملفات

ضجيج المحطة الحرارية وغازاتها السامة تفتك بصحة ساكنة جرادة

اشتكت ساكنة جرادة ومجتمعها المدني المحطة الحرارية بمدينة الفحم الحجري، وطالبت العمل على رفع الضرر الناتج عن التلوث البيئي والسمعي الذي يسببه معمل المحطة الرابعة بجرادة مند مدة، متناسين الآفات التي أصبحت عليها المدينة بدون وجه حق، بعدما تفاءلت خيرا بإنشاء المحطة المذكورة من أجل انتعاش الاقتصاد واليد العاملة بالمدينة، لكن مع الأسف أصبحت الضوضاء جزءا أساسيا من الحياة اليومية التي تتعرض لها الساكنة بشكل دائم بحيث أضحت آفة لا يقتصر تأثيرها على الإزعاج والتوتر العصبي والنفسي فقط، بل ستمتد إلى الإصابة بأمراض خطيرة كأمراض القلب واضطرابات الدماغ بما يهدد سلامة المواطن.

ضجيج المحطة الحرارية يسبب أمراض القلب
وبات هذا الصوت الخطير أحد المخاطر الرئيسية على حياة الساكنة، الشيء الذي أكدته مجموعة من الدراسات الحديثة بأن الأشخاص الذين يتعرضون للضجيج و الضوضاء لفترة طويلة قد يكونوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب زيادة أن هذا التلوث له سلبيات جانبية كالأرق وأمراض التنفس المزمنة وارتفاع الضغط وغيره.
وأكد المجتمع المدني الفاعل على انه يجب التدخل العاجل حفاظا على صحة المواطنين لدى الشركة المعنية بالأمر وقف هذا الخرق السافر في حق المدينة وأبنائها وإجبارها على الالتزام بدفتر التحملات الذي يجرم هذا الفعل، لأنه ليس من المعقول أن يشيد معمل بهاته المواصفات الكبيرة دون وضع حواجز تصب في مصلحة المواطن وتعمل على سلامته.

ودعا المجتمع المدني إلى اعتماد التكنولوجيا الحديثة للتخلص من مخلفات الصوت والدخان الفتاكين بوضع كاتمات الصوت وكذا  “فلتر” اللذان يحتويان على فعالية كبيرة تحول دون انتشار التلوث سواء السمعي أو البيئي بالمدينة.

وسبق للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أن عقد لقاءا تواصليا في الخامس دجنبر 2017 بمقر الانتاج بالمحطة الحرارية بجرادة بحضور مدير المحطة والمديرية الجهوية للبيئة والمندوب الاقليمي للصحة العمومية ومنتخبو جماعة جرادة وعدد من مكونات المجتمع المدني. وبخصوص الضجيج الذي يحدثه الشطر الرابع على مدار الساعة أوضح المدير أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يترقب حضور خبيرا صينيا لإيجاد حلول سريعة لهذه المعضلة، ولم ينف بأنه الآن يرمى بشكل عشوائي بجوار حي الهناء 621 جرادة.
وأكدت المديرة الجهوية للبيئة أن المديرية بصدد مواكبة وتتبع التدابير البيئية المتخذة، حيث أصبح المكتب الوطني للكهرباء ملزما باحترام المعايير الدولية تطبيقا للقانون رقم 12.03.

موقع المحطة وسط المدينة قنبلة هيدروجينية
وطرحت عدة تساؤلات عن ماذا استفادت مدينة جرادة من تواجد المحطة الحرارية إذا لم يواكبها خلق وحدات تصنيعية، وتحويلها إلى منطقة حرة تستفيد من الإعفاءات الضريبية لأعوام معقولة وتحفيزات لتشغيل اليد العاملة المحلية وتقوية البنية التحتية وتثنية طريق رقم 17 المؤدية إلى وجدة…

ونبة النسيج المجتمعي إلى أن موقع المحطة وسط المدينة يشكل قنبلة هيدروجينية مؤقتة. وكان من الأجدر وضعها خارج المدار الحضري كمطروح مثلا وعلو 120 مترا غير كاف ، خاصة إذا علمنا بأن التضاريس المجاورة له، هي أعلى من المدخنة.. وأن الريادات في الاتجاه إما غربية أو شرقية في غالبيتها.. وهي مضرة كبرى للسكان خاصة، ومن واجبنا أن نتساءل عن عواقب التركزات والملوثات الجوية وأثرها على صحة الإنسان ونعطي كمثال أنواع الملوثات وتأثيرها على الإنسان: ثاني كبريت الكربون له أعراض نفسية وعصبية، حالات الغضب والانفعالات، اضطرابات في الأمعاء، اضطرابات جنسية. الزئبق يؤثر على الجهاز العصبي، فقدان حاسة الربط بين الأشياء، اضطرابات الأنف والرئة. الرصاص يؤدي إلى إصابة الكبد والكلي والأعصاب، أرسينيك يتسبب في الإصابة بسرطان الرئة، اضطرابات جلدية، فقر الدم.. الخ..”.
وطالب الحاضرون “بالحق في المعلومة الذي يضمنه دستور 2011، في معرفة الدراسات التي أقيمت على تحليلات الانبعاثات الغازية.. وكذلك خلق مرصد وبنك للمعلومات خاص بالأوضاع البيئية، وكذا محطة الأرصاد الجوية بالمدينة.. الاستفادة من الضريبة على الأرباح التجارية والأضرار البيئية والأخطار المحدقة بالسكان والتخفيض في ثمن استهلاك الكهرباء وإعفاء مرضى السيليكوز، الذين يستعملون آلات التنفس، من أداء ثمن تشغيلها بالكهرباء وإعفاء بلدية جرادة من أداء استهلاك الإنارة العمومية..”. مع التأكيد على “أن تنمية مدينة جرادة والإقليم يجب أن تدخل في إطار برنامج وطني شامل ويراعي كل الحيثيات.. وتنفيذ التوجيهات الملكية بتاريخ 18 مارس 2003 بصرف 2 مليار درهم التي تم الوعد بها إبان إغلاق شركة مفاحم المغرب في 17 فبراير 1998”.

البرلماني “بوكطاية” يسائل الوزيرة “بنعلي” عن أضرار المحطة الحرارية

وكان النائب البرلماني، رضوان بوكطاية، عن حزب الأصالة والمعاصرة، وجه سؤالا كتابيا لوزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، حول موضوع “التلوث السمعي والبيئي الصادر عن المركب الحراري بمدينة جرادة”.
وذكر “بوكطاية “بالدور المهم الذي تلعبه المحطة الحرارية الجديدة بجرادة؛ سواء عبر تلبية جزء من احتياجات البلاد الطاقية، أو مساهمتها الاجتماعية والاقتصادية على المستوى المحلي، وذلك بخلق 250 فرصة شغل واقتناء ما يفوق 16 ألف طن من الفحم المحلي.. وجرى تشغيلها منذ دجنبر 2017.

وقبل الإنطلاقة الفعلية لهذه المحطة نظمت الإدارة الوطنية والمحلية للمكتب الوطني للماء والكهرباء مجموعة من اللقاءات التواصلية مع هيئات المجتمع المدني والمنتخبين، وتم تقديم شروحات والتزامات على أساس احترام المحطة الجديدة للمعايير البيئية الدولية.
وأفاد بوكطاية إلى أنه سرعان ما تحولت هذه الإلتزامات والوعود إلى مجرد حملة تسويقية كان الهدف من ورائها توطين المركب الحراري وسط مجموعة من الأحياء لخفض تكلفة الإنشاء، وأضحى هذا المركب الحراري الجديد مصدر قلق وانزعاج للساكنة، نظرا لما ينفثه من غازات سامة وما يصدر عنه من ضجيج يقض مضاجع الساكنة ويحرمها النوم والراحة، خاصة خلال الليل.
وأشار إلى ما يتم تداوله من “أن الشركة الصينية المدبرة، وبهدف الاقتصاد في كلفة الإدارة، ونظرا لغياب المراقبة الليلية، لا تقوم باستعمال أجهزة محاربة التلوث (الفلترات الهوائية في المداخن) خلال الليل في خرق سافر لبنود دفتر التحملات”.
وتساءل عن “مدى التزام شركة SEPCO III والمكتب الوطني للكهرباء بدفتر تحملات مشروع بناء المحطة الحرارية الجديدة بجرادة فيما يخص الجانب المتعلق بالبيئة، وخاصة ما يتعلق باستعمال تكنولوجيات حديثة من قبيل فلترات التنقية؟ وما هي الإجراءات والتدابير التي ستتخذونها من أجل إلزام الشركة المدبرة بالتقيد بإجراءات خفض الانبعاثات والضجيج المنصوص عليها في دفتر التحملات، وخاصة خلال الليل؟”.

يبدو أن ممثل الساكنة في البرلمان رضوان بوكطاية، عندما يرفع تساءل ساكنة جرادة لإيجاد حل لمشكل التلوث الناجم عن المحطة الحرارية لإنتاج الكهرباء، لم يكن حديثه ينطلق من فراغ، بل لوجود تلوث حقيقي، أكده تقرير رسمي أنجزه المختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث، التابع لكتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، في يناير 2019، أكد وجود تلوث صوتي، وبسبب بعض المواد المستعملة في عملية إنتاج الكهرباء. ورصد بالنسبة للصوت تلوث يفوق المعدل المسموح به من طرف الأمم المتحدة (بين 50-55 ديسيبال)، حيث تصل في الفترة الأكثر ضجيجا إلى أزيد من 60 ديسيبال، في الفترة الصباحية، ونفس الشيء بالنسبة للفترة الليلية، إذ أن الفترة الأكثر صمتا تفوق بكثير المعايير الدولية. وتشكل المواد الجزئية العالقة في المتوسط ضعف المعيار الوطني (أكثر مرتين) وقد وصلت في الذروة إلى أربع مرات أكثر، وهي العتبة التي “تستدعي إعلان إنذار للعموم لتوخي الحذر”.
وسجلت كمية أكبر من المعيار الوطني بالنسبة لمادة البنزان، لكن تناقصت مع مرور الوقت.


مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button