أخبارحوار

الفيلسوف القليعي..إحياء الفلسفة إحياء للعقول وفي وأدها وأد للألباب

1/2

في نظر المفكر القليعي، ضرورة ملحة أن تؤخذ توصيات المراكز البحثية التربوية بعين الإعتبار لا أن توضع على الأرفف أو داخل الأدراج، فإذا ما نوقشت رسالة في التربية وقدمت توصياتها لابد من تفعيلها أو حتى على الأقل دراساتها وتطويرها. هذا على ما أعتقد ما تم في دولة ماليزيا ، فعقولنا العربية ليس أقل من العقلية الماليزية، فكما قالت ديكارت العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس. المهم في كيفية توظيف هذه العقول.

في الجزء الثاني من حوارنا مع الفيلسوف عادل القليعي، نساءله عن الإصلاحات المأمولة في قطاع التعليم وواقع العلوم الإنسانية ولماذا تم تهميشها؟

الدكتور عادل القليعي

   قطاع التعليم عرف العديد من برامج الإصلاح، ولم ينجح بعد؟

الإجابة على السؤال الأول تكمن في عبارة واحدة سألخصها ثم سأستطرد وسأسهب في شرحها إذا أدركت الأمم أن نهضتها ومواكبتها ومعاصرتها ورفعتها تبدأ من إصلاح حال التعليم والاهتمام به في كل مراحله بدءا من التعليم الإلزامي ما قبل الجامعي إلى التعليم الجامعي وما بعد الجامعي أعني تشجيع الدارسين على إكمال دراساتهم العليا الماجستير والدكتوراه.

نبدأ بالتعليم الإلزامي الإجباري لكن في البداية سأتحفظ على كلمة لم تنجح بعد، يا صديقي الأعز ما دمنا موجودين إذن فرص النجاح قائمة، تصيب ونخطأ، ونخطأ ونصيب إلى أن تتحقق المعادلة التي لا أرى أنها عصية الحل وأنه مهما تعقدت رموز شفراتها لكن ستفك فالذين فكوا رموز حجر رشيد عانى وعانى إلى أن توصل شمبليون إلى فك شفيراته ، هكذا الأمر في العملية التعليمية بكثير من جهود المخلصين الحقيقيين الذين يريدون رفعة أوطانهم والذي يسعون سعيا حثيثا للنهوض بالتعليم لن يبخلوا في تقديم الحلول والبرامج الإصلاحية والتي أري أن أهمها يبدأ من

 1-المتعلم هل حقا لديه نية التعلم ، هل حقا محبا للعلم ، أم أنه يريد أن يحصل على شهادة يقتات منها، وللأسرة هنا دور مهم، الأسرة الداخلية والأسرة الخارجية ممثلة في المجتمع، وذلك عن طريق توضيح أهمية العلم وكيف حثت الأديان على التعلم وما هو قدر ومنزلة أهل العلم بخطاب إعلامي توعوي مستنير، فالتعليم يفتح مغاليق ومجاهيل الأمور ، هل يستوي عالم وجاهل ، أن تكون صاحب علم أفضل أم تكون جاهلا.

2-توفير الحكومات الدعم سواء الدعم المادي أو المعنوي للنهوض بالعملية التعليمية، فعلى سبيل المثال الإهتمام بالدعم المادي وتوفير الإمكانيات اللازمة للإنفاق على إنشاء للمدارس وتجهيزها بالأجهزة الحديثة، أو تجهيز المعامل، أو تحديث البنية التحتية لها، عن طريق توفير العجز في المعلمين، وتخفيض المصروفات الدراسية بالنسبة للطلاب، وزيادة رواتب المعلمين ما يضمن معه توفير حياة كريمة تجعلهم ينتجون أكثر وأكثر.

ثم أمر مهم دعم مادي لإنشاء وتحديث مكتبات المدارس.

عقد دورات تدريبية للمعلمين في نهايتها توزع مكافآت مادية ولو حتى جوائز عينية بسيطة.

هذا بالنسبة للدعم المادي. أما الدعم المعنوي تنظيم مسابقات أدبية وشعرية وثقافية توزع فيها دروع وشهادات تقدير على الطلاب.

إحياء الأنشطة المدرسية، كجماعة التمثيل والشعر والخطابة والرسم.

الإهتمام بالمعلم في عيد المعلم وتكريم المجيدين منهم حتى يكونوا قدوة لتلاميذهم.

3-ثم أمر مهم ألا وهو الإهتمام بتطوير مناهج التعليم ولا يكون ذلك إلا من خلال خبراء تربويين متخصصين وتنقيح الكتب الدراسية من الحشو، مع المراجعة اللغوية للدقيقة، ومراجعة المادة العلمية بمنتهى الدقة منعا للعبث بها كتزييف التاريخ مثلا ، كذلك وضع مقرر التفكير النقدي ضمن هذه المبررات حتى نؤهل طالبا ناقدا نقدا صحيحا ينفعه في دراساته الجامعية وهذا المقرر يكون إجباريا ودرجاته تضاف للمجموع، كذلك لابد ألا تخلو المقررات من فكر تنموي بمعنى تنمية روح المواطنة لدى الطلاب والانتماء للوطن وقضاياه.

4-ثم أمر مهم، طرح خطة الوزارات المعنية بالتعليم للحوار المجتمعي والاستفتاء عليها، لماذا لأن الجميع شريك في هذا الأمر، وذلك عن طريق الإعلام المرئي المشاهد أو المسموع أو المقروء. إذا ما تم ذلك تأكدوا أنه سيتم الإصلاح.

5-ضرورة ملحة أن تؤخذ توصيات المراكز البحثية التربوية بعين الإعتبار لا أن توضع على الأرفف أو داخل الأدراج ، فإذا ما نوقشت رسالة في التربية وقدمت توصياتها لابد من تفعيلها أو حتى على الأقل دراساتها وتطويرها.

هذا على ما أعتقد ما تم في دولة ماليزيا ، فعقولنا العربية ليس أقل من العقلية الماليزية ، فكما قالت ديكارت العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس.

المهم في كيفية توظيف هذه العقول.

 ما هو في نظركم واقع العلوم الإنسانية في الوطن العربي؟

أما عن واقع العلوم الإنسانية في العالم العربي.

بداية ما المقصود بالعلم الإنساني، كل ما يمكن تعلمه ويستفيد منه الإنسان

الفلسفة علم إنساني، الاجتماع ، التاريخ، الجغرافيا ،اللغات، الإقتصاد سواء العلوم النظرية، أو العلوم العملية الطب، الهندسة، الزراعة .

إذا أردنا الحديث بصراحة لابد من تطويرها بمعني العصر كل عصر له حاجاته ومتطلباته ومن ثم بات الأمر ملحا للمواكبة فلابد من مسايرة ركب التقدم العلمي والتقني وعالم الذكاء الاصطناعي والرقمنة ، وخلافه من متطلبات العصر.

وإن كنت أرى أن كثير من الدول العربية أدركت ذلك ومنها مصر، أدركت أنه لابد من المواكبة وبدأنا تطوير منظوماتنا التعليمية عن طريق استحداث برامج جديدة باتفاقيات مع دول أوروبية تنقل لنا خبراتها في مجالات التكنولوجيا والبرمجة واستخدام الأجهزة الحديثة ، بدأنا الإهتمام بالترجمة من لغات أوربية إلى لغتنا العربية والعكس والفضل يرجع في ذلك إلى مراكز الترجمة كمركز جامعة الأزهر للترجمة الذي يشرف عليه فضيلة الإمام الأكبر ، ومركز الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة وغيرهما.

إذن بات الأمر ملحا للاهتمام بالعلوم الإنسانية ، لأن الإهتمام بها وبنهضتها اهتمام بالإنسان حجر الزاوية في المعادلة الكونية.

لماذا همشت الفلسفة في كثير من الأوقات؟

تهميش الفلسفة ليس بجديد منذ سقراط وأن الفلسفة عديمة الفائدة وأن للفيلسوف هو كالذي يبحث عن قطة سوداء في ليلة ظلماء في غرفة مظلمة ، يعني عديمة النفع والفائدة وأن الفيلسوف إنسان يعيشون في برج عاجي لا شأن له بواقعه.

وظل هذا الرأي سائدا حتى في العصور الوسطى المسيحية والإسلامية ، وذلك نتيجة أمرين أولهما أن الفلاسفة كانوا يخوضون في قضايا ميتافيزيقة عصية الفهم، والثاني محاربة رجال الدين للفلاسفة وهذا ما حدث مع توما الإكويني وبطرس ابيلارد ، وابن رشد وغيرهما من الفلاسفة.

ثم تصدير عبارة ابن تيميه للرأي العام من تمنطق فقد تزندق أي صار زنديقا، وشيوع أن الفلسفة ودراستها تقود إلى الكفر وإلى الإلحاد، أدى كل ذلك إلى أحجام الكثير عن دراستها وتعلمها وهمشت في مدارسنا وجامعاتنا ونحاول الآن على قدر استطاعتنا من كل محاضراتنا ، مؤتمراتنا، ندواتنا، مقالاتنا أن نعيدها سيرتها الأولي.

ففي إحياءها أحياء للعقول وفي وأدها وأد للألباب.

فالفلسفة دعوة للاعتبار والتدبر منهج رباني.

وما يعقلها إلا العالمون.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button