أخبارقضاء وقانون

الأمن القضائي للمحاكم التجارية يوفر المناخ الملائم للإزدهار الاقتصادي والاجتماعي

علاقة الإستثمار بالتنمية كعلاقة الدم بالشريان وموقع القضاء منهما بمثابة دور القلب الذي يضبط الضغط ويحافظ على التوازن الصحي

يعتبر القضاء رافعة أساسية في كل مخطط تنموي يروم دعم الاستثمار وتحفيز المقاولات، فلا يمكن الحديث عن جلب الاستثمار دون الحديث عن دور القضاء في حمايته، فتوفير البيئة القضائية الآمنة شرط لبعث الثقة لدى المستثمر وتبديد مخاوفه من عدم قدرته على الدفاع عن مصالحه الاقتصادية، بحيث يعتبر مقياسا حقيقيا لنجاح الخطط التنموية للدولة. ويعتبر الأمن القضائي مجالا خصبا في تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، بحيث هناك مجموعة من العوامل التي كان لها دور كبير في الاستثمار واستقطابه بدءا بالاستقرار السياسي مرورا بالانفتاح الاقتصادي، والحقيقة أن الدول اليوم تراهن على الاستثمار من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال توفير مناخ ملائم يتجلى في الأمن القضائي. ويعتبر الأمن القضائي كذلك إحدى الوظائف الأساسية للدولة، هذا الأخير له دور فعال في حماية الحقوق واستقرار المعاملات والتحفيز على الإستثمار من اجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أولى المشرع المغربي عناية خاصة للجهاز القضائي، وذلك بجعله كسلطة مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية، والتي تعتبر من أولى الخطوات لتحقيق الأمن القضائي.
وقال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في المؤتمر الدولي للإستثمار ورهانات التنمية المنعقد في مارس المنصرم بمدينة الداخلة، “أن علاقة الإستثمار بالتنمية هي كعلاقة الدم بالشريان، وأن موقع القضاء منهما بمثابة دور القلب الذي يضبط الضغط ويحافظ على التوازن الصحي”، وأضاف بأن “العلاقة بين القضاء والإستثمار وثيقة ومثينة الجذور، فوظيفة القضاء الأساسية تتجلى في حماية الحقوق والحريات وصون الممتلكات. ولذلك فإن نجاعة القضاء ونزاهته تؤثر بشكل مباشر في زيادة النمو الإقتصادي وتؤسس لفضاء آمن للإستثمار يُضْمنُ به الإستقرار الإجتماعي والإقتصادي والحقوقي،ويُنتج آفاقا كبيرة للتنمية. وهي رؤية أكد عليها جالالة الملك محمد السادس نصره الله في العديد من المناسبات، من بينها ما تضمنته الرسالة السامية إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني للعدالة يوم 21 أكتوبر 2019 بمراكش والتي جاء فيها “إن خلق فضاء آمن للإستثمار بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والهيكلية، يفرض علينا جميعا اليوم، بذل المزيد من الجهود في اتجاه ترسيخ دولة القانون، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، ودعم التنبؤ القانوني، وتأهيل الفاعلين في المجال القضائي، وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها، من خلال مقاربة شمولية مندمجة، تتعامل مع قضايا الإستثمار في مختلف جوانبها، المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية، والضريبية والجمركية، والعقارية والتوثيقية والاجتماعية، وتستحضر الأبعاد
الدولية والتكنولوجية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات”.

المحاكم التجارية فاعلة قضائيا للدفع بعجلة التنمية

غني عن البيان أن الدور الذي أصبحت تلعبه المحاكم المختصة عموما والمحاكم التجارية على وجه الخصوص في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال الضمانات التي تمنحها هذه المحاكم على مستوى فض المنازعات المعروضة عليها والتي تتسم بالسرعة والفعالية والإحترافية، لأن مجال المال والأعمال من الأمور التي تعرف نوع من الحركية و السرعة في التداول.
وسيظل أمر الأمن القضائي يشغل بال الرأي العام ببلادنا لكونه إحدى الركائز الأساسية في المغرب، وباعتبار المغرب دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات وذلك عبر وتطوره كسلطة مؤسساتية دستورية، تنبني عليها أسس العدالة، التي توفر الأمن والإستقرار، وتعطي الضمانة القوية لحقوق المواطنين وواجباتهم، وتقوي المؤسسات العامة والخاصة، وتوفر المناخ الملائم للإزدهار الاقتصادي والاجتماعي من أجل تحقيق التنمية المنشودة التي يراهن عليها المغرب، وذلك من خلال التشجيع على الإستثمار، وجلب المشاريع، التي تفتح الآفاق الواسعة لسوق الشغل للعاملين، وتوظيف الأطر والكفاءات لحاملي الشهادات.
ويواجه القضاء في الميدان التجاري قضايا شائكة محلية، ودولية بحكم النزاعات المطروحة، وبفعل المعاملات المالية، والتجارية التي أصبحت قطب الرحى في كل ميدان، حيث أضحت المحاكم التجارية، فاعلة قضائيا، محكوم عليها بالفصل السريع فيما يعرض عليها من القضايا ذات الصبغة التجارية بتعدداتها، وكثرة تشعباتها، سواء بين الأفراد، أو بين المؤسسات الوطنية ،أو ذات الجنسيات المتعددة، أو المختلطة.
والمغرب، باعتبار قربه الجغرافي من الأسواق الاوروبية وامتداده العربي والإفريقي، ونهجه لسياسة اقتصادية منفتحة وتعدد شركائه يحظى بوضعية خاصة تؤهله لأن يكون رائدا في المجال الإقتصادي وهو ما يفسر تعدد المبادرات التـي تقوم بها الدولة لتحفيز الاستثمار ودعم المقاولة التي تشكل عصب الاقتصاد، بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
وتم اتخاذ عدة تدابير تهدف إلى إصلاح الإطار القانوني والمؤسساتي للاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة للمستثمرين المغاربة والأجانب حيث تم العمل على تحسين فرص جاذبية الاستثمار من خلال اتخاذ إجراءات اقتصادية وقانونية ومؤسساتية، حيث أقدمت بلادنا على تحديث المنظومة القانونية للأعمال وتأهيلها لمواكبة التطورات والتحولات الوطنية والدولية التي تعرفها العلاقات التجارية، وبادرت إلى تبني جملة من التوجهات انعكست في العديد من القوانين كقانون الشركات وقانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، وقانون البورصة وقانون مجلس القيم المنقولة والقانون المنظم للمجموعات ذات النفع الاقتصادي، علاوة على مدونة التجارة.

القضاء التجاري صمام الأمان لتحقیق التنمیة المستدامة

أكد الرئيس الجديد للمحكمة التجارية بوجدة، أن القضاء التجاري في جهة الشرق “كما ھو الحال في باقي ربوع المملكة، كان ولازال في صلب الحدث، بل إنه المعول علیه في مجال تشجیع الإستثمار، وصمام الأمان لتحقیق متطلبات التنمیة المستدامة، وجلب الاستثمارات الوطنیة والأجنبیة، مما یجعل حرصنا أكیدا، وعزمنا وطیدا لإرساء سبل الحكامة القضائیة الجیدة، التي تنھض على ضمان احترام الأجل المعقول للبت في مختلف القضایا المعروضة على ھذه المحكمة، وتحقیق النجاعة والفعالیة والجودة في مضمون مختلف المقررات القضائیة الصادرة عنھا بما یتلاءم مع النصوص القانونیة ذات الصلة”.
وتعیین رشيد الرفيق رئيسا للمحكمة التجارية بوجدة، “یأتي في سیاق ضخ دماء جدیدة في مناصب المسؤولیة القضائیة، كما یأتي انسجاما مع رؤیة المجلس الأعلى للسلطة القضائیة بجعل القضاء في خدمة المواطن، والسھر على الرقي بدور القضاء التجاري، في تشجیع الإستثمار، والحفاظ على مناصب الشغل، وضمان الأمن الاجتماعي والحفاظ على النظام العام الاقتصادي، من أجل تحقیق الرؤیة الاستراتیجیة لعاھل البلاد الملك محمد السادس نصره ﷲ، وتحسین مناخ الأعمال بالمغرب، وكسب رھان التنمیة المستدامة، وھي الرؤیة التي حددھا جلالته في مجموعة من الخطب الموجهة للسلطة القضائیة على وجه الخصوص، من أجل تفعیل دورھا الریادي في تقویة القضاء التجاري، بما یؤدي إلى تنقیة مناخ الأعمال، وتجویده وتحسینه بما یحقق رھان التنمیة المستدامة على المدى القریب والمتوسط والبعید”. وفي ھذا السیاق، استحضر رشيد الرفيق بكل فخر مضمون الرسالة الملكیة السامیة الموجھة للمؤتمر الدولي حول “العدالة والاستثمار” بتاریخ 21/10/2019 والتي أكد فیھا جلالته حفظه ﷲ بقوله “إن خلق فضاء آمن للاستثمار بأبعاده الاقتصادیة والاجتماعیة والحقوقیة والإداریة والھیكلیة، یفرض علینا جمیعا الیوم، بذل المزید من الجھود في اتجاه ترسیخ دولة القانون، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، ودعم التنبؤ القانوني، وتأھیل الفاعلین في المجال القضائي، وتطویر الإدارة القضائیة، وتعزیز حكامتھا، من خلال مقاربة شمولیة مندمجة، تتعامل مع قضایا الاستثمار في مختلف جوانبھا، المرتبطة بالقوانین التجاریة والبنكیة، والضریبیة والجمركیة، والعقاریة
والتوثیقیة والاجتماعیة، وتستحضر الأبعاد الدولیة والتكنولوجیة التي تفرضھا عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات”.
وأكد رئيس المحكمة التجارية بوجدة أنه “أضحى لزاما على السلطة القضائیة، بكل مكوناتھا، وعلى رأسھا القضاء التجاري، أن تقیم مسؤولیاتھا المھنیة، والأخلاقیة، والقضائیة تجاه ھدف “تحسین مناخ الأعمال وكسب رھان التنمیة المستدامة”، من خلال الحرص على ترسیخ مفھوم دولة القانون، قصد دعم مؤشرات التنبؤ القانوني في المجال التجاري، وتعزیز متطلبات استقلال السلطة القضائیة بما یؤدي إلى تطویر الإدارة القضائیة ودعم حكامتھا، عبر دمج مختلف الفاعلین في مجال القضاء التجاري، والإنفتاح على جمیع مكونات العدالة والإستماع إلى ھمومھم وتطلعاتھم، بما فیھا على وجه الخصوص ھیئة
الدفاع، وأطر الإدارة القضائیة، وموظفو كتابة الضبط والخبراء والمحاسبین والموثقین والمفوضین القضائیین، وباقي مساعدي العدالة في سبیل تحقیق ھذا الھدف، وتحمل المسؤولیة بأمانة في شأن المساھمة الفاعلة والناجعة من أجل تنزیل مضامین النموذج
التنموي الجدید الذي أعلن عنه عاھل البلاد حفظھ ﷲ، والذي ینھض على تقویة الصناعة الوطنیة وتشجیع الاستثمار، بمایتماشى مع مضامین المخطط الاستراتیجي الذي وضعھ المجلس الأعلى للسلطة القضائیة للفترة من 2021 إلى 2026 ، والذي یتمثل في النھوض بالقضاء التجاري والفاعلین فیه”.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button