أخبارمال و أعمال

الكلفة الاقتصادية الباهظة في غياب التكامل المغاربي

تشهد جميع مناطق العالم بما في ذلك المنطقة العربية والمغاربية تغيرات جذرية في هياكلها الاقتصادية والاجتماعية، وكان من أبرز هذه التغيرات تلك الناتجة عن الاتجاهات الحديثة نحو التكامل الاقتصادي، فالعالم المعاصر يسير نحو التكتلات الدولية، حتى صار الهدف الأسمى الذي تسعى إلى تحقيقه الدول الكبرى قبل الصغرى، لكونه الوسيلة الوحيدة التي تعمل على تنسيق العناصر الاقتصادية المختلفة كليا أو جزئيا ضمن هذا التكتل، وبالتالي خدمة الأهداف المشتركة المرسومة بصورة موحدة من طرف دول المتكاملة.

فالتكتلات الاقتصادية، لها فائدة متبادلة تعود على الدول داخلها، سواء فيما يتعلق بعلاقاتها الاقتصادية فيما بينها، أو فيما يتعلق باقتصادها داخل التكتل مع منظمات ودول خارجية، وقد كانت النتائج الإيجابية التي حققها التكتل الإقليمي في أوروبا الغربية ولاسيما في نطاق السوق الأوروبية المشتركة حافزا مشجعا للبلدان المغاربية للتوحد داخل تكتل اقتصادي، وهو بمثابة فرصة تجميع إمكانيات كبيرة للتنمية على المستوى الإقليمي.

تعدّ قضیّة التّعاون والتّكامل الاقتصادي من القضایا الھامّة التي تثار حالیّاً وبشكل واسع على الصّعید العملي، لأنه نظريا كل الشروط موفرة من اتفاقيات ومسودات وتصورات، كما يجب أن تثار أيضا وبشكل جدي على الصّعیدین الرّسمي وغیر الرّسمي أیضاً، لأن مسألة التكامل الاقتصادي بین الدول المختلفة أصبحت مهمة في مجتمعات الیوم،,حتى أن التكامل الاقتصادي لم يعد مقتصرا على الشعوب التي تنتمي إلى أمة واحدة فقط، بل تجاوزتها لتضم شعوب تنتمي إلى أمم وأعراق  مختلفة، حتى أنّ بعضھا یضم دولا عانت من الحروب الطویلة فيما بینھا.

فقد طرحت الوظيفية الجديدة فكرة التكامل والاندماج كمبدأ جديد يقر بأفضلية التعاون على الصراع، وبضرورة تجاوز منطق السيادة الجامدة إلى إمكانية التخلي عن جزء من هذه السيادة لصالح كيانات جديدة، وتقديم بعض التنازلات التاريخية والأزمات السياسية من اجل مستقبل الشعوب، لأن الشعوب لا تعيش في الماضي ولم تكن طرفا فيه، فهي تريد حاضرا لائقا ومستقبلا واعدا للأجيال، فلما تُعاقب الشعوب بأخطاء السياسة القديمة؟

 فبلدان المغرب العربي، رغم التقارب الجغرافي، التاريخ المشترك، الوحدة اللغوية، والإمكانات الطبيعية،

لم تستطع بعد بناء هذا الصرح الاقتصادي المنشود، رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها، والتي يؤدي ثمنها المواطن في ظل غلاء الأسعار وتقلبات السوق العالمية، وتأثير طرق الإمدادات الغذائية بالحروب الدائرة.

فالتجارة البينية بين الدول المغاربية لا تتجاوز 3 بالمائة في مقابل 75 بالمائة مع السوق الأوروبية، إذ تسجل نسبة التبادلات التجارية داخل المنطقة أقل من 5 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية للبلدان المغاربية، وهو ما يؤثر سلبا على الواقع الاقتصادي والاجتماعي لشعوب المنطقة، وتعتبر المنطقة من أقل المناطق من حيث التبادلات التجارية في العالم.

فقد أشار تقرير لصندوق النقد الدولي عام  2018أن زيادة التكامل الاقتصادي بين البلدان المغاربية يضمن انعكاسات إيجابية من الناحية الاقتصادية، بحيث سيجعل المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة.  وسيساعد في خفض تكاليف التجارة داخل المنطقة وحركة رأس المال والحركة العمالية، وزيادة كفاءة تخصيص الموارد، كما أنه سيجعل المنطقة المغاربية أكثر مرونة لمواجهة الصدمات وتقلبات السوق العالمية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button