أخبارفي الصميم

تراجع إنتاج القيم في المجتمع

عندما تتراجع الأخلاق وتسوء التربية، بالشكل المخيف الذي نراه، ولا يعرف الرجال الصالحون ماذا يفعلون لوقف الزحف الهائل والهادف لتدمير المجتمع، يزدهر الشر، ويسود الفساد وتنخر اللاعدالة جسم المجتمع بأكمله.

إن الأمم التي لا تتعلم من الدروس يصعب عليها الوقوف مجددا إلا إذا تجاوزت عثرات الماضي، وفهمت الأحداث جيدا، والمجتمع الذي لا يتعلم من أخطائه فهو لا يريد أن يغير واقعه ولا يمكنه أن يعيش المجتمع المأمول الذي يحلم به.

الحق هو أسمى النضالات التي دافعها عنها البشر منذ القدم، فهو يسمو بالمجتمع أو يدخله في متاهات الفوارق الطبقية والظلم الفساد. إنه يبني أمما ويهدم أخرى في نفس الوقت، فمهما تعددت الانقسامات بين أفراد المجتمع واختلفت أفكارهم وتوجهاتهم فإذا ساد الحق، كفل للجميع حياة عادلة في مجتمع عادل يسوده الحق والقانون.

اليوم، نعيش صفحة أخرى من التفاهة السياسية، في وقت عرفت البلاد والعالم العديد من التحولات التي أثرت كثيرا على الاقتصاد والمكونات المجتمعية وعلى السياسة أيضا. فمجتمع ما قبل الجائحة لن يكون كمجتمع ما بعد كورونا، تغيرت الكثير من المعطيات، ومعها يجب أن تتغير العديد من التصورات والمشاريع.

إلا أن الملاحظ اليوم، أن لا شيء تغير، نفس الوجوه، نفس الأكاذيب والوعود الانتخابية، ليس هناك مشاريع أحزاب، والمجتمع لم يتعلم شيئا من الماضي، لا زال الشخص أكثر تأثيرا من المشروع الحزبي الذي يحمله، فالناس تصوت على الشخص لا على المشروع، إنه إعادة إنتاج نفس الكارثة في الزمان والمكان.

والطريق الذي نسلكه اليوم، لن يؤدي إلى بناء مجتمع ديمقراطي والغد المأمول بل يعيد نفس الماضي بشكل قديم جديد. التغيير الذي نأمله لن يتحقق بالطريقة التي يتعاطى بها لا العديد من الناخبين ولا الكثير من المنتخبين.

نريد أن يبدأ التغيير بتغيير الفكر الانتخابي، أي كيف يرى العامة الانتخابات والهدف منها، حين تفهم العامة طبيعة الانتخابات المأمولة التي تبني المجتمع العادل، آنذاك نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في البناء الديمقراطي، ولأن السماسرة والأميين لازالوا يعتبرون الانتخابات فرص لا تعوض لتحقيق المصالح الشخصية، فالطريق لا زال طويلا، والغد الجميل لا زال بعيدا.

إذن، هي ورطة جماعية ، إشكالات وتناقضات، تهم الأحزاب السياسية والعامة والنخب المثقفة، الكل يؤمن بالديمقراطية ويلهث وراءها والكل يعبث بالواقع ويساهم في نشر الفساد بقصد أو بدون قصد، كلنا مسؤولون عن ما آل إليه الواقع.

الكل يحلم بالمجتمع الديمقراطي، وبغرابة الكل يعرقل بناءها. هل نحن أمام عقلية مشوهة ترسخت بشكل قوي في المخيال الجماعي السياسي؟ عقلية انفصامية تدافع عن الديمقراطية والانتخابات النزيهة وفي نفس الوقت تعمل على تشويهها والوقوف أمام تحقيقها.

كلنا مسؤولون أمام التاريخ والوطن، أننا أسأنا يوما تقدير الوضع، وتغافلنا عن قول الحقيقة والوقوف في وجه الانتهازيين وسماسرة الفساد، والذين لا يمكنهم العيش إلا في الظلام والصيد في الماء العكر. إنها ورطتنا الجماعية، كلنا نتحمل المسؤولية، لنعمل على محاربة أولئك الذين يريدون إقبار الديمقراطية، أمامنا متسع من الوقت ليكون الحاضر فرصة التصالح مع الذات والوطن ومعانقة العدالة والحق والمجتمع الديمقراطي الذي نناضل من أجله، من أجل كرامتنا وكرامة الأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button