أخبارتقارير وملفات

إقصاء ذوي الاحتياجات الخاصة يكلف الدولة خسائر مالية كبيرة

يستمر إقصاء ذوي الإحتياجات الخاصة رغم القوانين التي تنص على حقهم في العمل والحصول على نسبة 7 بالمائة من الوظائف العمومية، مما يكلف الدولة المغربية ملايين الدراهم سنويا. ورغم التقدم النسبي الذي عرفه المغرب في مجال التّشريعات الاجتماعيّة فإنّ تطبيق القوانين لا يزال غير نافذ خاصّة في ما يتعلق بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصا أن المغرب بدأ بملاءمة تشريعاته الوطنية مع الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادق عليها في عام 2008.

عدم إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة يكلف الدولة خسائر مالية كبيرة
ويحدد تعريف الشخص ذي الاحتياجات الخاصة بأنه ذلك الذي انخفضت إمكانيات حصوله على عمل مناسب بدرجة كبيرة، مما يحول دون احتفاظه به نتيجة لقصور بدني أو عقلي، مثل التخلف العقلي والصمم والإعاقات السلوكية والعاطفية، حيث يستوجب تعديلا في المتطلبات التعليمية والتربوية والحياتية بشكل يتفق مع قدرات وإمكانيات الشخص المعاق مهما كانت محدودة ليكون بالإمكان تنمية تلك القدرات إلى أقصى حد ممكن.
وسبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن كشف في أحد تقاريره حول إدماج الأشخاص الذين هم في وضعية إعاقة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل، أن عدم إدماج هؤلاء يكلف الدولة خسائر مالية كبيرة، وأن ما يزيد على 55 بالمائة من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تتجاوز أعمارهم 15 عاما لم يدخلوا سوق الشغل، وأن النظام التعليمي في المغرب لا يوفر الفرص المتكافئة بين الأطفال في وضعية إعاقة والأطفال الآخرين، ففي حين لا يستفيد من المدارس سوى 32.4 بالمائة من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 4 و15 عاما، فإن 96 بالمائة من الأطفال الآخرين يستفيدون منها.
وتعاني فئة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة عدة مشاكل على رأسها عدم تمتعها بكل حقوقها، ورغم أن كل القوانين الصادرة منذ الثمانينيات إلى الآن، فإن المعاق المغربي وللأسف لا يتمتع بحقوقه الكاملة، وهذا يكلف المغرب خسارة مالية كبيرة”. والذي حصل هو عكس ما تتوقعه الدولة، حيث رأت هذه الأخيرة أنها توفر بعض الدراهم من خلال عدم إدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل، غير أنه تبين بأنها تخسر، وهذا ما يؤكد أن تهميش هذه الفئة يكلف الدولة كثيرا، وحتى التوقيع على المعاهدة الدولية من أجل المعاقين، كان الهدف منه فقط الحصول على الدعم.
وأضحت بعض الجمعيات تكرس مبدأ “الإحسان والشفقة” في تعاملها مع ذوي الاحتياجات الخاصة بدلا من التعامل معهم كمواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم، وإنسانيا لا يمكن عدم التعاطف مع هذه الفئة من المجتمع، لكن الحكومة على صعيد آخر ملزمة بضمان كل حقوقهم التي ينص عليها الدستور.
يعتبر التعليم من الحقوق الأساسية التي يكفلها القانون المغربي للجميع، لكن فئات ذوي الاحتياجات الخاصة تعاني الحرمان من التعلم. وحتى الفئة التي استطاعت أن تدرس فهي مجبرة على الدراسة بمدارس غير عمومية، وللأسف ذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب محرومون من حقوقهم، فعلى سبيل المثال ليس لهم الحق في الولوج أو الانتساب إلى المدرسة العمومية، لذلك فإن غالبية الذين يدرسون منهم يتجهون للمدارس الخاصة، الأمر الذي يصعب من عملية اندماجهم في المجتمع وفي سوق العمل بعد نهاية المشوار الدراسي. ومن شأن هذا الأمر تكريس مبدأ التهميش والإقصاء.

50 بالمائة من ذوي الاحتياجات الخاصة البطالة
والحق في العمل شيء والواقع مسألة أخرى، ويعاني أكثر من 50 بالمائة من ذوي الحاجيات الخاصة البطالة، وهي نسبة تزيد عن نسب البطالة لدى الفئات الأخرى. وتأتي نسبة البطالة العالية هذه رغم تخصيص 7 بالمائة من المناصب المقيدة في المؤسسات العمومية لفائدة الأشخاص المعاقين حسب تشريعات صدرت في عام 2001. ورغم أن هناك نسبة 7 بالمائة سنها القانون إلا أنه لا يطبق، ولكن نلاحظ أن جميع المباريات الخاصة بالتوظيف لا تحترم هذه النسبة في مراحل سابقة، لكن الحكومة الحالية يظهر أنها حريصة على تطبيقها في المجالات الممكنة، بما أن جميع الوظائف والمباريات تراعيها في الوقت الحالي.
ويُذكر أن المغرب حقق إنجازات هامة إذ أطلق ورشات متعددة من أجل تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتمكينهم على كافة المستويات، لكن لا بد من متابعة العمل لتجاوز بعض التحديات التي لا تزال مطروحة من أجل اندماج شامل ومتكامل لهذه الفئة داخل المجتمع، ورغم المجهودات التي تؤكد الحكومة أنها تبذلها من أجل ذوي الإعاقة هناك من يرى أنها جهود لا ترقى إلى مستوى تطلعاتهم خصوصا وأنهم ما زالوا يعانون على أرض الواقع. وأبرز المشاريع المخصصة لهذه الفئة هناك مشروع إرساء النظام الجديد لتقييم الإعاقة، الذي يهدف إلى ترشيد العرض الاجتماعي للخدمات من خلال استهداف دقيق وفردي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، عبر إنشاء مرجعية وطنية لتقييم الإعاقة تتلاءم مع مقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومقتضيات القانون الإطار رقم 13 – 97 الذي يسعى لإصدار البطاقة الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، والتي ستتيح لهم الاستفادة من مختلف أوجه الدعم وحقوق الأولوية المنصوص عليها قانونيا، وستمكن من تجاوز الإكراهات التي يعرفها النظام الحالي والمرتبطة بثقل الإجراءات الخاصة بالحصول على شهادة الإعاقة وتعدد الأنظمة التقييمية والكلفة الباهظة المترتبة على ذلك.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button