أخبارالرئيسيةرياضة

السيادة الكروية..

إنتصار المنتخب المغربي على المنتخب البرازيلي في ودية طنجة التاريخية يفتح الباب واسعا لإنهاء نقاش جانبي صغير يفتحه المناوؤون و المنهزمون شكلا و مضمونا في كل مناسبة حول أحقية هذا المنتخب في الوصول إلى نصف النهاية في مونديال قطر و يخرس بعض الأصوات النشاز من تجار الأزمات التي ترى في إنتصارات المنتخب و فرحة الشعب المغربي هزيمة لهم و لأفكارهم العدمية و الحكاية تعرفونها جيدا ..
لمدة ثلاث و عشرين سنة ظلت البرازيل شبحا حقيقيا للمنتخبات العربية فالمنتخبات الإفريقية غالبا ما كانت تنهزم أمام نجوم السيلساو جبابرة المستطيل الأخضر حيث كان البرازيل عقدة إفريقية و عربية والأسود الأطلسية إستطاعت تحطيم هذه الأسطورة و تحقيق إناصار مستحق بروح قتالية و آداء رياضي خرافي أكد أن ماعشناه في قطر كان عملا و إعدادا بدنيا و نفسيا لفريق متكامل إسمه المنتخب المغربي ، اليوم بدأ المغرب بشكل فعلي في تجسيد الحلم الذي إبتدأناه مباشرة بعد نهاية مباراة فرنسا الذي تمثل في العمل على صناعة المجد الكروي وتحقيق السيادة الرياضية المغربية و العمل على الريادة الكروية قاريا و عالميا .
الدعم الجماهيري الكبير الذي حظي به المنتخب المغربي داخل الملعب و خارجه في “ودية البرازيل” هو دليل متجدد على إيمان الجماهير المغربية بالنصر و رهان مستدام على فريق تألق في نهائيات المونديال وصنع معجزة إفريقية و عربية عنوانها الوصول عن جدارة و إستحقاق إلى نصف نهائي المونديال و تحقيق المركز الرابع عالميا ، الإنتصار الكروي على البرازيل يأتي في ظل ظروف إجتماعية صعبة مرتبطة بغلاء الأسعار و تواطئ المضاربين و تجار الأزمات و خفافيش الظلام لنهب جيوب دافعي الضرائب بزيادات غير مبررة و غير مقنعة في أثمنة العديد من المواد التي يستهلكها المغاربة ، فنسبة المشاهدة العالية و الإحتضان الجماهيري للمنتخب أثناء إجراءه لمباراة ودية لعبها شباب مغاربة صادقون في حبهم لهذا الوطن متسلحين بالنية و المعقول ، يقدمون أروع صور تمغربيت بإصرارهم على إدخال الفرحة على كل مغربية و مغربي.

بقلم : البراق شادي عبد السلام

و في الجانب الآخر نجد لامبالاة المواطن للندوة الأسبوعية التي يجريها السيد الناطق الرسمي بإسم الحكومة بعد كل مجلس حكومي الذي فشل مرتين : المرة الأولى فشل ذريع في تبرير عجز الحكومة السيطرة على الأسعار و تسقيفها و المرة الثانية فشل كوزير في هذه الحكومة في الوفاء بالوعد الذي قدمه قبل أسابيع بأن أثمنة الخضر و الفواكه ستعرف إستقرارا قبل دخول الشهر الفضيل هو رسالة واضحة المعاني بأن المغاربة اليوم ينتظرون الإنجازات بلهفة و يصفقون على الإنتصارات بحب و يدعمون الطموحات المستحيلة بصدق لتتحول إلى إنتصارات في الميدان ، فالمغاربة على عادتهم لا يفضلون الشعارات البئيسة و لغة التلاعب بالأرقام الجوفاء و الخطابات الغارقة في التمطيط و النمطية .
لايمكن للحكومة التعامل مع غلاء الأسعار و ضرب القدرة الشرائية للمواطن كأنها قضاء و قدر على المغربي البسيط التعامل معه بدعوى أنه نتيجة لسياسات حكومية سابقة تسقيف أسعار بعض المواد التي يكتوي بنيران أسعارها المغربي هو قرار سياسي بالأساس و ليس قرارا تقنيا ، فإستحضار المقاربة الإجتماعية و الإنسانية أثناء التعاطي مع هذه الأزمة هو السبيل الوحيد أمامنا اليوم لتجاوزها ، قبل أيام قليلة أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، على إعطاء انطلاقة العملية الوطنية “رمضان 1444″، التي تنظمها مؤسسة محمد الخامس للتضامن بمناسبة شهر رمضان الأبرك، والتي يستفيد منها هذه السنة 5 ملايين شخص ،حيث تعكس هذه المبادرة ذات الرمزية القوية في هذا الشهر الفضيل، العناية الملكية الموصولة بالأشخاص في وضعية هشاشة إجتماعية، كما تأتي لتكريس القيم النبيلة الإنسانية والتضامن والتآزر والتقاسم التي تميز المجتمع المغربي ، لذا فإستحضار البعد الإجتماعي التضامني هو ضروري أكثر من أي وقت مضى لتحقيق توازن بين القدرة الشرائية للمواطن و غلاء الأسعار .
عودة لأجواء المباراة و تداعياتها الإيجابية فالتنظيم الأمني المحكم في الميدان و الحضور المكثف والوازن للمؤسسات الأمنية في عين المكان و الإشراف المباشر للسيد المدير العام للأمن الوطني على البروتوكولات الأمنية المرتبطة بالمقابلة وفق المعايير الدولية المتعارف عليها في هذا المجال هو رسالة متعددة الأبعاد بأن أمن هذا الوطن بأيادي آمنة في تجسيد آخر للرؤية الملكية المتبصرة لدور المؤسسات الأمنية و السيادية في المساهمة بإنتصارات الوطن و المشاركة الدائمة بالأوراش التنموية الكبرى ، الجامعة الملكية لكرة القدم كانت في الموعد كعادتها فمثل هذه المباريات الدولية الكبرى للمنتخب المغربي ستساهم بشكل كبير في تطوير كرة القدم في المغرب و ستشكل فرصة ممتازة للاعبين المغاربة بإستغلال مواجهة أفضل فريق في العالم لتكريس قدراتهم الكروية العالمية وبالتالي تحسين مستوى اللاعبين الفني و التكتيكي والبدني؛ من جانب آخر فإن تنظيم مثل هذه المباريات ذات المستوى العالمي يساعد في تطوير البنية التحتية الرياضية في المغرب، حيث تتطلب هذه المباريات تحديث و تحسين الملاعب و المرافق الرياضية والإقامة و التنقلات و الأمن و السلامة و التغطية الإعلامية و غيرها من الجوانب الأخرى المتعلقة بتنظيم هذه الأحداث الكبيرة.

وهذا بدوره يعزز تطوير كرة القدم في المغرب و يساعد في تحسين مستوى اللعبة وزيادة الاهتمام بها خاصة و أن المغرب يشارك في إطار ملف ثلاثي لإحتضان كأس العالم 2030 رفقة جيرانه الشماليين إسبانيا والبرتغال فقرار الترشح لإستضافة كأس العالم 2030 رفقة شركاء إقليميين موثوقين يتماهى بشكل كبير مع الرؤية الملكية المتبصرة للنهوض بالقطاع الرياضي و التموقع الريادي الذي يتمناه الجميع للرياضة المغربية لتتحول المملكة في السنوات القليلة المقبلة إلى رائد قاري و عالمي و هذا لا يتأتى إلا بالتنزيل الدقيق لمضامين الإستراتيجيات الوطنية في هذا المجال و التي تمتح من الأفكار و الرؤى و التوجيهات التي تتضمنها الرسائل الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة 2013 بالصخيرات و المناظرة الدولية حول كرة القدم في إفريقيا سنة 2017 بالصخيرات وكذا الرسالة الموجهة بمناسبة تسليم جائزة التميز 2022 من “الكاف” للملك محمد السادس .

اليوم بهذا الإنتصار و الروح القتالية الكبيرة التي أظهرها اللاعبون و كذا الصفحات المشرقة التي سطرتها الجماهير المغربية كأحسن جمهور في العالم و الإستعدادات العالية المستوى التي رصدتها الجامعة الملكية المغربية بتنسيق مع باقي المؤسسات الإستراتيجية لجعل ودية البرازيل منعطفا حقيقيا للنهوض بالكرة المغربية و الرياضة المغربية بشكل عام ؛ اليوم المغرب يسير بخطى حثيثية نحو ترسيخ مفهوم جديد هو “السيادة الكروية” و السيد فوزي لقجع يعلنها مدوية إفريقيا و عالميا بأن زمن العبث التحكيمي و زمن الإملاءات و التفاهمات و التواطئات على حساب المغرب قد إنتهى و المغرب اليوم عازم كل العزم على إستعادته وضعه الطبيعي كقوة كروية قارية و عالمية بتفاصيل مغربية دقيقة و بتفرد مغربي أكد عليه جلالة الملك محمد السادس في رسالة كيغالي قائلا : ” وبقدر ما شرفت كرة القدم المغربية القارة الإفريقية خلال كأس العالم الأخيرة بقطر، فإنها قد أعلت من شأن القيم الإنسانية المتمثلة في روح المثابرة ونكران الذات، والدفع بالقدرات الذاتية إلى أقصى الحدود.

وهي القيم التي حرصنا على ترسيخها من خلال ضم الرياضة إلى التربية، سعيا منا إلى توسيع قاعدة ممارسة كرة القدم بشكل خاص، وتحرير الطاقات ومواكبة ما يتم اكتشافه من مواهب بما يناسب من تكوين وتأهيل. ” ..// إنتهى الإقتباس ؛ هذه المسيرة الكروية المتميزة أكيد سيكون لها أعداء و مناوؤون و متآمرون يرون في تقدم المغرب تراجعا لهم و في إرساء قواعد إحترافية للتباري و اللعب النظيف قاريا إضرارا بمصالحهم ، كلنا نتذكر بأسى المجازر التحكيمية التي كان المغرب ضحيتها في جميع المناسبات القارية بتواطئ مكشوف مع محاور إقليمية و قارية هيمنة لعقود طويلة على كرة القدم الإفريقية ، لذا اليوم الهدف السامي بتحقيق الريادة الكروية يتطلب العمل الجاد والاستثمار في اللاعبين والإداريين والمدربين والأنظمة والتكنولوجيا والتسويق، ويتطلب الالتزام بخطوات محددة واضحة و أساسية منها الإستثمار في القدرات الكروية و تطوير المواهب الشابة وتوفير البنية التحتية اللازمة لتدريبهم وتطوير مهاراتهم الفنية والبدنية و كذا تطوير النظم الإدارية والتقنية عن طريق الزيادة في الإستثمار بالأنظمة الإدارية والتقنية المتعلقة بالتدريب والإدارة والتحليل الفني والتكنولوجيا المتعلقة بالتسويق والاتصالات.

و فتح المجال أمام ابتكار الأفكار والإستراتيجيات الجديدة عن طريق التفكير في الأفكار الجديدة وإبتكار الإستراتيجيات التي تساعد على تحسين الأداء الرياضي والمالي والتسويقي و التركيز على تحسين الأداء الرياضي للفريق، وتحديد الأهداف والخطط الاستراتيجية اللازمة لتحقيق النجاحات الرياضية و كذا إبعاد البؤساء و الأغبياء عن تدبير الشأن الرياضي و بشكل خاص تحرير ملاعب القرب من سيطرة لوبيات جمعوية و إنتخابوية بئيسة تمارس الوصاية على المواهب الصاعدة و العمل إرساء قواعد صارمة للنهوض بالبطولة الإحترافية لكي تتحول إلى حاضنة حقيقية لنجوم المنتخب المغربي مستقبلا .
نعود مرة أخرى و نقول أن الإستفادة المباشرة من الإنتصارات التي حققها المنتخب المغربي و الدعم الملكي و الجماهيري المنقطع النظير لن يتم إلا بتطهير كرة القدم المغربية من سرطانات و بؤر فساد متحورة تؤثر على حركية رؤوس الأموال و الصناديق الإستثمارية الكبرى في مجال الرياضة ، السيد فوزي لقجع يمتلك مخططا لإصلاح منظومة كرة القدم و الإرتقاء بها و تشجيع المساءلة و الشفافية و الحكامة الرشيدة داخل المكاتب المديرية للفرق و الأجهزة الكروية المحلية و الجهوية و الوطنية ، واجبنا اليوم كعشاق للكرة المغربية هو دعم الرجل و مساندته و مساعدته بدل المشاركة بوعي أو بدون وعي في حملات مغرضة تستهدف سمعته و شرفه المهني .
المملكة المغربية اليوم تسابق الزمن رياضيا و تؤسس لنموذج متفرد في النهوض بالشأن الرياضي ليشكل رافعة أساسية لتنمية الوطن كما أكد جلالته في رسالة كيغالي قائلا : ” ولقد حرصت دوما على جعل كرة القدم في بلدي، المملكة المغربية، ركيزة للنجاح ورافعة للتنمية البشرية المستدامة. فلئن كانت لعبة تستأثر بقلوب الملايين، وموهبة تعكس طاقة إبداعية خلاقة، فهي تقوم أيضا على أساس رؤية مستقبلية ، والتزام طويل النفس، وحكامة قوامها النجاعة والشفافية، واستثمار في البنيات التحتية وفي الرأسمال البشري” ..// إنتهى الإقتباس .
و لاغالب إلا الله .

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button