Hot eventsأخبارأخبار سريعةتقارير وملفاتشرق أوسط

أطفال اليمن… أرقام تصرخ وجعًا وصمت العالم يضاعف النزيف

بقلم: سجى عبد المجيد شبانة/ فلسطين

في اليمن، لم تعد الطفولة فسحة للبراءة ولا مسرحًا للضحكات الأولى، بل غدت ساحة معركة يومية مع الجوع والمرض والخوف. أكثر من عقد من الصراع مزّق البلاد، فصار الحلم رفاهية بعيدة، واللعب ذكرى باهتة، وصار المستقبل يتسرب من بين أصابع الصغار كما يتسرب الماء من كفٍ مثقوبة. هنا، تتشابك السياسة مع المجاعة، ويتحالف الفقر والحرب لانتزاع حق الحياة من قلوب لم تزل تتعلم النبض.

جوع على حافة الفناء

الأرقام ليست مجرد بيانات؛ إنها نداءات استغاثة بلغة الأوجاع: نصف أطفال اليمن دون الخامسة يواجهون سوء تغذية حاد، بينهم 537 ألف طفل في المرحلة الأشد خطورة، حيث تفصلهم خطوة واحدة عن الموت إن لم تصلهم الرعاية العاجلة.
في الحُديدة وحدها، يقف 33% من الأطفال عند حدود الكارثة الإنسانية كما يعرفها العالم. وعلى امتداد البلاد، يواجه 17 مليون إنسان جوعًا قاسيًا، بينهم أكثر من مليون طفل ينتظرون لقمة تنقذهم من هاوية الفناء.

مدارس صامتة… وكتب بلا قرّاء

ليست الأجساد وحدها التي تتهاوى، بل العقول أيضًا. 3.7 مليون طفل تركوا مقاعد الدراسة، ومن بقي منهم يواجه قاعات مكتظة، ونقصًا فادحًا في المعلمين والكتب، وبيئات تعليمية مهددة بالخطر.


الأدهى أن 94.7% من الأطفال في سن العاشرة لا يستطيعون قراءة نص بسيط — رقم لا يُخبر فقط عن أزمة تعليم، بل عن جيل مهدد بفقدان القدرة على الحلم نفسه.

صحة تتنفس بصعوبة

أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن مغلقة أو تعمل بطاقة مشلولة. ورغم أن اليونيسف تدعم نحو 3,200 مرفق، وتوفر علاج سوء التغذية الحاد لأكثر من 600 ألف طفل، فإن شبح الانهيار يلوح في الأفق.
توقف التمويل الدولي يعني أن 7.6 مليون إنسان، بينهم مئات آلاف الأطفال، قد يُتركون لمصير بلا دواء ولا طبيب.

ما وراء الأرقام… وجوه تقاوم وأحلام مؤجلة

كل رقم هو قلب صغير يخفق في الظلام، وابتسامة وُئدت قبل أن تكتمل، وقصة توقفت في منتصف الحلم. إنها طفولة تختبئ من الرصاص، وتبحث عن فتات الخبز في زمن القسوة، طفولة أُجبرت على أن تنمو قبل أوانها.

اليمن يحتاج… الآن لا غدًا

النجاة هنا ليست شعارًا ولا وعدًا مؤجلًا، بل فعل عاجل:

إيصال برامج التغذية العلاجية لكل مخيم وقرية بلا استثناء أو عائق.

إعادة إعمار المدارس وصناعة بيئات تعليمية آمنة، بدعم حقيقي للمعلمين.

تمويل مستدام يعيد للحياة مرافق الصحة، ويضمن الأدوية والمعدات دون انقطاع.

إن مأساة أطفال اليمن ليست خبرًا عابرًا، بل ميزانًا يقيس إنسانية العالم. الصمت ليس حيادًا، بل تخلٍ عن أضعف من يسكن الأرض. وكل يوم يتأخر فيه الفعل، هو يوم تُسرق فيه ضحكة، ويُطفأ فيه حلم، ويُنتزع فيه حق طفل في أن يعيش… لا أن ينجو بالكاد

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button