لوبان..الجزائر لا تحترم القانون الدولي والحزم واجب اتجاهها

في ظل تزايد حدة التوتر بين فرنسا والجزائر، دعت زعيمة حزب “التجمع الوطني” اليميني الفرنسي، مارين لوبان، إلى اتباع سياسة أكثر حزما تجاه الجزائر، مشيرة إلى ضرورة تبني نهج مشابه لما اتبعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع كولومبيا فيما يتعلق بإعادة المهاجرين غير النظاميين.
مطالبة بتشديد التعامل مع الجزائر
في مقابلة مع قناة “LCI” الفرنسية، اعتبرت لوبان أن الجزائر “لا تحترم القانون الدولي” فيما يخص إعادة المهاجرين غير القانونيين الذين يتم ترحيلهم من فرنسا، مؤكدة أن باريس يجب أن تتعامل معها بنهج صارم على غرار سياسات ترامب.
وأوضحت لوبان أن ترامب كان قد فرض ضغوطا دبلوماسية قوية على كولومبيا بعد رفضها استقبال مواطنيها المرحّلين من الولايات المتحدة، معتبرة أن فرنسا يجب أن تستخدم الأسلوب نفسه مع الجزائر،لا سيما في ظل ما وصفته بـ”تراخي” الحكومات الفرنسية السابقة في التعامل مع هذه الملفات.
تصريحات مثيرة للجدل حول الاستعمار الفرنسي
إلى جانب مواقفها المتشددة تجاه المهاجرين والسياسة الخارجية،لم تتردد لوبان في إثارة الجدل مجددا بشأن التاريخ الاستعماري لفرنسا في الجزائر، حيث انتقدت الرواية الجزائرية حول حقبة الاستعمار الفرنسي (1830-1962).
وزعمت أن استعمار فرنسا للجزائر “لا يمكن وصفه بالمأساة كما تدعي الجزائر”،مضيفة أن باريس قدمت للجزائر رأس المال اللازم للتطور، لكنها على حد تعبيرها “لم تستغل الفرص بشكل صحيح”.
هذه التصريحات من شأنها تأجيج الجدل حول إرث الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وهو ملف شائك يثير توترات دبلوماسية مستمرة بين البلدين، لا سيما بعد أن رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتذار رسميا عن الجرائم الاستعمارية، مكتفيا بإبداء الأسف وإطلاق مبادرات رمزية للتصالح مع الذاكرة الجزائرية.
تصاعد التوترات الدبلوماسية بين باريس والجزائر
يأتي موقف لوبان في وقت يشهد فيه العلاقات الفرنسية الجزائرية توترات متزايدة على عدة أصعدة، أبرزها:
-ملف المهاجرين: حيث تعترض باريس على رفض الجزائر استقبال المرحلين من المهاجرين غير النظاميين،ما دفع مسؤولين فرنسيين إلى المطالبة بمراجعة اتفاقية 1968 التي تمنح امتيازات خاصة للجزائريين في التنقل والإقامة بفرنسا.
-قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال: حيث تم توقيفه في الجزائر،مما أثار موجة انتقادات في الأوساط الثقافية والإعلامية الفرنسية.
-إيقاف مؤثرين جزائريين في فرنسا: حيث اعتقلت السلطات الفرنسية عددا من الجزائريين بتهمة التحريض على العنف،ما زاد من التوتر بين الجانبين.
دعوات لمواقف أكثر صرامة
لم تكن تصريحات مارين لوبان معزولة عن السياق السياسي الفرنسي، حيث تصاعدت الدعوات داخل الحكومة الفرنسية نفسها لاتخاذ إجراءات قوية ضد الجزائر.فقد دعا وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إلى إعادة النظر في اتفاقية الهجرة لعام 1968 بين البلدين، والتي تمنح الجزائريين وضعا خاصا مقارنة بمواطني الدول الأخرى.
كما يضغط سياسيون فرنسيون خاصة من التيارات اليمينية لتشديد السياسة الفرنسية تجاه الجزائر، سواء فيما يخص ملف الهجرة أو التعاون الأمني والاقتصادي.
انعكاسات التصعيد على العلاقات الفرنسية الجزائرية
التصريحات المتشددة لزعيمة اليمين المتطرف قد تؤدي إلى تعميق الفجوة الدبلوماسية بين باريس والجزائر، خاصة أن الجزائر تبدي حساسية مفرطة تجاه أي خطاب يحمل طابعا استعماريا أو ينطوي على تدخل في شؤونها الداخلية.
وعلى الرغم من أن مارين لوبان ليست في السلطة حاليا ، فإن خطابها يعكس توجهات جزء كبير من اليمين الفرنسي الذي يسعى لاستغلال قضايا الهجرة والعلاقات مع الجزائر في الحملات الانتخابية،مما قد يزيد الضغوط على الرئيس إيمانويل ماكرون لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الجزائر، خصوصا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا.

اليمين الفرنسي يصعد من توتر باريس والجزائر
تصريحات مارين لوبان ليست مجرد موقف سياسي، بل تعكس تصاعد المد اليميني في فرنسا ورغبته في تبني سياسات أكثر حدة تجاه الجزائر. ومع استمرار التوترات الدبلوماسية بين البلدين، من المرجح أن يظل ملف الهجرة والعلاقات التاريخية محورا رئيسيا في الخطاب السياسي الفرنسي، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت باريس ستعيد النظر في سياساتها تجاه الجزائر،أم ستفضل الإبقاء على الوضع الراهن حفاظا على المصالح المشتركة.