تويوتا تواصل تحطيم الأرقام القياسية في المبيعات وتواجه تحديات السوق العالمية

سجلت شركة صناعة السيارات اليابانية العملاقة تويوتا أداءً استثنائياً للشهر الثالث على التوالي، حيث ارتفعت مبيعاتها العالمية خلال شهر مايو. جاء هذا النمو مدعوماً بالإقبال الكبير على السيارات الهجينة في الأسواق الرئيسية مثل الولايات المتحدة، اليابان، والصين، وذلك على الرغم من الضغوط المتزايدة الناتجة عن التوترات التجارية العالمية.
– نمو قياسي في المبيعات والإنتاج
أعلنت تويوتا أن مبيعاتها العالمية، والتي تشمل شركتي “دايهاتسو” و”هينو موتورز” التابعتين لها، بلغت 955,532 مركبة في مايو. يمثل هذا الرقم نمواً ملحوظاً بنسبة 8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما وصل حجم الإنتاج العالمي للشركة إلى 906,984 وحدة، مما يعكس قدرتها على تلبية الطلب المتزايد.
وسجلت مبيعات سيارات تويوتا و”لكزس” التابعة لها ارتفاعاً لافتاً داخل اليابان بنسبة تجاوزت 4%، بينما شهد السوق الصيني زيادة بنسبة 7%. وفي أمريكا الشمالية، قفزت المبيعات بنسبة 11%، مما يؤكد قوة انتشار تويوتا في هذه الأسواق الحيوية.
– مراجعات الأسعار وتأثير الحروب التجارية
في إطار مراجعة دورية لأسعارها، قررت تويوتا تعديل أسعار بعض الطرازات التي تبيعها في السوق الأميركية، لتشهد ارتفاعاً بأكثر من 200 دولار اعتباراً من الشهر المقبل. يأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه السوق منافسة شديدة وضغوطاً نتيجة ارتفاع تكاليف الرسوم الجمركية.
تتزامن خطوة تويوتا هذه مع إعلان شركة “ميتسوبيشي” أيضاً عن زيادات مماثلة في أسعار بعض سياراتها، في مؤشر واضح على أن شركات السيارات الكبرى تتجه لضبط استراتيجياتها السعرية لمواجهة الآثار المتصاعدة للحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وفي مؤشر على استقرار أداء الشركة وثقة المساهمين، أعيد انتخاب أكيو تويودا رئيساً لمجلس إدارة تويوتا بنسبة دعم بلغت 97% خلال الاجتماع العام السنوي. هذا التأييد الواسع جاء بعد فترة شهدت تراجعاً في نسب التصويت خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يعكس رضا المستثمرين عن الاتجاه الذي تسلكه الشركة في خضم التحديات العالمية التي تواجه صناعة السيارات.
– تهديد الرسوم الجمركية على أرباح شركات السيارات اليابانية
بدأت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على السيارات المستوردة تلقي بظلالها على الأرباح. فقد توقعت تويوتا خسائر تقدر بـ 180 مليار ين (ما يعادل 1.2 مليار دولار) خلال شهري أبريل ومايو فقط نتيجة لهذه الرسوم.
من جانبها، تتوقع كل من “نيسان” و”هوندا” خسائر مجمعة تصل إلى 3 مليارات دولار. بينما قررت “سوبارو” و”مازدا” سحب توقعاتهما المالية للعام المالي المنتهي في مارس 2026، في ظل حالة الضبابية التي تحيط بأسواق التصدير.
أعرب كبير المفاوضين التجاريين اليابانيين، ريوسي أكازاوا، عن رفض بلاده القاطع للرسوم الجمركية الأميركية البالغة 25% على السيارات. مشدداً على أن شركات السيارات اليابانية تتمتع بوجود كبير في السوق الأميركية، حيث تنتج نحو 3.3 مليون مركبة سنوياً داخل الولايات المتحدة، مقارنة بـ 1.37 مليون سيارة فقط يتم تصديرها إليها، مما يؤكد مساهمتها الاقتصادية الكبيرة.
– تحديات الانتقال نحو السيارات الكهربائية ومستقبل تويوتا
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته تويوتا في مجال السيارات الهجينة، تواجه الشركة تحديات كبيرة في سباق التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية. يأتي ذلك خصوصاً مع التسارع الذي يشهده المنافسون العالميون مثل “تسلا” و”بي واي دي” في إطلاق طرازات كهربائية بأسعار تنافسية.
لكن تويوتا أعلنت مؤخراً عن استثمارات ضخمة في تطوير تقنية بطاريات الحالة الصلبة الواعدة، والتي من المتوقع أن تعزز مكانتها مستقبلاً إذا تم طرحها تجارياً بنجاح. ومن المؤكد أن قدرة تويوتا على الدمج بين الابتكار واستراتيجيات الإنتاج المرنة ستحدد مدى تفوقها في هذه المرحلة المفصلية من التحول الصناعي.
تعتمد تويوتا بشكل كبير على الأسواق العالمية، وخاصة السوق الأميركية. وبالتالي، فإن أي تصعيد في الحروب التجارية يؤثر بشكل مباشر على أرباحها وخططها التوسعية. الرسوم الجمركية المفروضة أضرت بموازنات الشركات اليابانية، بما في ذلك تويوتا، التي باتت مضطرة لإعادة التفكير في سلاسل التوريد وخطط التصنيع المحلي. في حال استمرت هذه التوترات، قد تلجأ تويوتا إلى تعزيز استثماراتها داخل الولايات المتحدة لتقليل المخاطر وتعويض التكاليف المتزايدة، مما قد يعيد تشكيل خارطة إنتاجها العالمية.



