اكتشاف “كبسولة زمن” عمرها 2.6 مليون سنة في الصحراء

حقق علماء آثار بولنديون اكتشافات هامة في صحراء البيوضة بالسودان، إحدى أقل المناطق دراسة في القارة الأفريقية، خلال ست سنوات من التنقيب والحفريات الميدانية. وقد أسفرت هذه الجهود عن اكتشاف أكثر من 1200 موقع أثري جديد، ونُشرت نتائج هذه الأبحاث في مجلة “Antiquity” العلمية المرموقة.

من بين الاكتشافات البارزة، عثر الفريق البحثي على بحيرة قديمة كانت تُستخرج منها مادة النطرون، وهو معدن نادر استخدمه قدماء المصريين في التحنيط وصناعة الزجاج والخزف. وأوضح البروفيسور هنريك بانير، رئيس فريق البحث، أن هذا الاكتشاف “يستدعي إعادة تقييم جذري لشبكات التجارة القديمة التي كانت تربط بين السودان ومصر”، نظرًا لندرة النطرون وتوفر وادي النطرون في مصر كمصدر تاريخي هام له.

– أقدم الآثار تعود إلى 2.6 مليون سنة

كما عثر العلماء على أقدم القطع الأثرية التي تعود إلى العصر الحجري القديم (2.6-1.7 مليون سنة مضت)، بما في ذلك أدوات تعود إلى تقنية “أولدواي” وورشات “أشولية”. كما تم العثور على العديد من القطع الأثرية من العصر الحجري الأوسط (300-50 ألف سنة مضت)، والتي صنعت باستخدام تقنية “ليفالوا” لمعالجة الحجر، مما يشير إلى “الوجود المبكر للإنسان العاقل في هذه المنطقة من إفريقيا”، وفقًا للبروفيسور بانير.

– مقبرة من العصر الحجري المتوسط ومستوطنة للصيادين

ومن الاكتشافات المميزة الأخرى مقبرة تعود إلى العصر الحجري المتوسط في وسط البيوضة، تحتوي على 16 قبرًا يعود تاريخ استخدامها إلى الفترة بين 7-6 آلاف سنة قبل الميلاد، وعُثر فيها على أصداف وأدوات حجرية وخرز مصنوع من قشور بيض النعام. كما تم اكتشاف مستوطنة للصيادين بالقرب من جبل الفول، حيث عُثر على حوالي 300 عظمة لحيوانات برية، ونحو 3400 قطعة خشبية متحجرة، وأكثر من 2000 قطعة فخارية، والعديد من الأدوات الحجرية، ويعود تاريخ هذه الاكتشافات إلى حوالي 6000 سنة قبل الميلاد.

وقد أظهرت الأبحاث أن صحراء البيوضة كانت مأهولة على مدى آلاف السنين، وتشير العظام الحيوانية والحشرات التي عُثر عليها إلى مناخ أكثر رطوبة في الماضي. وأكد البروفيسور بانير أن “هذه المواقع تقدم بيانات قيمة عن آلاف السنين من الاستيطان والتغيرات الحضرية والبيئية والمناخية في صحراء البيوضة”.