أخبارالعالمسياسة

الحاضر الغائب.. حكام العرب بين مطرقة ترامب وسندان الكرامة المفقودة!

في ساحة السياسة الدولية، يلعب الحكام العرب دور “الحاضر الغائب” بامتياز! فهم في مقدمة العناوين الرئيسية عند وقوع الأزمات، لكن تأثيرهم لا يتجاوز مستوى الضجيج الإعلامي. يتسابقون إلى أبواب واشنطن طلبًا للودّ، ويتدافعون إلى مكاتبها بحثًا عن رضاها، لكنهم في النهاية لا يحصدون سوى مزيد من التوبيخ والابتزاز، وكأنهم طلاب مشاغبون في مدرسة يديرها مدير صارم يُدعى دونالد ترامب!

لقد شبّه الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق التعامل مع أمريكا بأنه كالتعامل مع تاجر الفحم؛ كلما اقتربت منه، ازددت سوادًا. لكن يبدو أن بعض القادة العرب لا يمانعون في التحوّل إلى تماثيل فحمية مقابل ضمان بقائهم في الحكم! أما المثل الآخر الذي يقول “المتغطي برداء أمريكا عارٍ”، فقد أثبتت التجارب أنه حقيقي لدرجة أن بعض الحكام العرب أصبحوا يفضلون البقاء “برداء مكشوف”، على أمل أن يكون ذلك أكثر إثارة لاهتمام العم سام!

● ترامب: جزار الكرامة العربية!

في عهد ترامب، لم يكن هناك متّسع للعواطف الدبلوماسية. الرجل لا يقدّر الودّ ولا يراعي المجاملات، ولا يجد حرجًا في إهانة أي زعيم عربي متى شاء، وبالطريقة التي يشاء، سواء عبر تغريدة غاضبة أو تصريح ناري أمام الصحافة! كان الحكام العرب يسابقون الزمن لكسب وُدِّه، لكنه لم يكن يردّ عليهم إلا بالمزيد من الابتزاز والتهديد، وكأنه يقول لهم: “ادفعوا أو تذوقوا غضبي!”

أما نتنياهو، فقد كان الشريك المثالي لهذا النهج الوقح، إذ لم يكتفِ بالاستفادة من دعم ترامب غير المشروط، بل قرّر أن يضيف لمسته الخاصة عبر السخرية العلنية من الأنظمة العربية، كأنه يعلم مسبقًا أن أحدًا لن يجرؤ على الرد عليه.

● فرصة العمر… التي لن يغتنموها!

الآن، بعد كل هذا التجاوز والاستخفاف، أمام الحكام العرب فرصة ذهبية لتغيير المسار. لا نطلب منهم إعلان الحرب على أمريكا، ولا تشكيل تكتل اقتصادي يُرعب البيت الأبيض، بل فقط الحدّ الأدنى من الدفاع عن كرامتهم. أي حركة جماعية للتقليل من الخسائر ستكون إنجازًا، وأي خطوة تحفظ لهم جزءًا من هيبتهم ستكون بطولة أسطورية! لكن للأسف، يبدو أن الأنظمة العربية تتبع استراتيجية “التكيف مع الإهانات”، فكلما زاد التوبيخ، زاد التودّد والتقرب، وكأنهم يُطبّقون المثل الشهير: “إذا صفعك ترامب على خدّك الأيمن، أدر له خدّك الأيسر… ثم أرسل له دفعة جديدة من الأموال!”

التاريخ سيحفظ أن ترامب ونتنياهو كانا من أكثر القادة وقاحةً، لكنه سيحفظ أيضًا أن بعض الحكام العرب أضاعوا فرصة تاريخية للتحرر من الهيمنة الأمريكية، واختاروا بدلًا من ذلك أن يتقنوا فن الانحناء بطريقة لا تكسر ظهورهم… لكنها بالتأكيد تسحق كرامتهم!

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button