أخبارإفريقياالرئيسية

المغرب في العمق الأفريقي..مشروع مجتمعي يبني قارة أكثر استقرارا

للمغرب تاريخ عريق من الروابط القوية مع القارة الأفريقية، تتجذر في الجغرافيا، الدين، والثقافة. هذه الروابط لم تكن مجرد علاقات عابرة، بل شكلت ركيزة أساسية للهوية المغربية. وعلى الرغم من بعض فترات الجمود، شهدت السياسة الخارجية للمملكة في العقدين الأخيرين تحولًا نوعيًا، إذ أعاد المغرب إحياء دوره كشريك استراتيجي للقارة.

 هذا التوجه الجديد، الذي يقوده الملك محمد السادس، يعكس قناعة راسخة بأن مستقبل المغرب مرتبط بمستقبل أفريقيا، وبأن التنمية المشتركة هي السبيل الوحيد لتحقيق الازدهار.

ولذلك لم يعد دور المغرب في أفريقيا يقتصر على البعد السياسي والدبلوماسي فقط. فبالإضافة إلى جهوده الدبلوماسية النشطة في حل النزاعات ودعم الاستقرار الإقليمي، أصبح البعد الاقتصادي محركًا رئيسيًا للعلاقات. يتجلى ذلك في الاستثمارات المغربية المتزايدة في مختلف القطاعات، مثل البنوك، التأمين، الاتصالات، والفوسفات. شركات مغربية رائدة مثل مجموعة التجاري وفا بنك والبنك الشعبي و”اتصالات المغرب” و”المكتب الشريف للفوسفات” (OCP) أصبحت فاعلة رئيسية في العديد من الدول الأفريقية، مما يساهم في خلق فرص عمل ونقل الخبرات.

هذه الاستثمارات لا تهدف فقط إلى تحقيق الربح، بل تعكس نموذجًا للتعاون جنوب-جنوب يركز على المنفعة المتبادلة والتضامن. من الأمثلة البارزة على ذلك المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى تسهيل وصول دول الساحل غير الساحلية إلى المحيط الأطلسي، مما يفتح آفاقًا جديدة للتجارة والتعاون.

و يلعب البعد الروحي والثقافي دورًا حاسمًا في تعزيز الروابط بين المغرب ودول العمق الأفريقي. فالمغرب، باعتباره بلدًا يتبنى المذهب المالكي، يحظى بمكانة دينية مرموقة لدى العديد من شعوب غرب أفريقيا. هذه المكانة مكنت المملكة من المساهمة في نشر قيم الإسلام المعتدل والمتسامح، ومكافحة التطرف عبر مبادرات مثل تكوين الأئمة في المغرب، وهو ما يساهم في ترسيخ الاستقرار الفكري والاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، يعمل المغرب على تعزيز التبادل الثقافي عبر تنظيم المهرجانات والمعارض، ودعم التعاون الأكاديمي والطلابي. فآلاف الطلاب الأفارقة يتابعون دراساتهم في الجامعات المغربية، مما يخلق جيلًا جديدًا من القيادات الأفريقية التي تحمل نظرة إيجابية عن المغرب ودوره.

 يمكن القول إن دور المغرب في العمق الأفريقي يتجاوز كونه مجرد سياسة خارجية، بل هو مشروع مجتمعي شامل يرتكز على التضامن والتعاون المشترك. هذا التوجه لا يخدم مصالح المغرب فقط، بل يساهم في بناء قارة أفريقية أكثر استقرارًا وازدهارًا، وهو ما يعكس رؤية المغرب للمستقبل كشريك لا غنى عنه في التنمية الأفريقية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button