مشروع قانون تنظيم “السوشيال ميديا” في الجزائر يثير مخاوف من نسف “فتات” حرية التعبير

فجّر مشروع قانون جديد يهدف إلى تنظيم منصات التواصل الاجتماعي في الجزائر جدلاً واسعاً، حيث يرى معارضوه أنه خطوة تشريعية جديدة لـ “تشديد القيود على الفضاء الرقمي”، في ظل سياق سياسي يتسم بتضييق متزايد على الحريات وملاحقة النشطاء.
وتأتي هذه المبادرة التشريعية بالتزامن مع تزايد وتيرة ملاحقة النشطاء بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت “المتنفس الأخير للمعارضة” بعد حظر المسيرات وكافة أشكال الاحتجاج الميداني منذ حراك 2019.
صلاحيات واسعة ونصوص فضفاضة للتأويل
تُعبّر منظمات حقوقية وإعلامية عن مخاوفها من أن يكون الهدف الحقيقي للقانون هو تشديد الرقابة على المحتوى وتقليص الهامش المتاح للتعبير عن الآراء المنتقدة للسلطة، خاصة بعد تدجين الإعلام التقليدي.
ويرى المنتقدون أن القانون المقترح يمنح “صلاحيات واسعة للسلطات في مراقبة وحجب المحتوى” بشكل قد يُستخدم تعسفياً للتضييق على النشاط الرقمي.
وتتضمن بنود المبادرة التشريعية نصوصاً “فضفاضة قابلة للتأويل”، تسمح للسلطات باستخدامها لمعاقبة “المخالفين” بذرائع مختلفة، مثل:
- “الإضرار بالمجتمع”
- “نشر الفوضى”
- “المساس بالأمن القومي”
وهي مصطلحات يمكن توظيفها لقمع أي انتقادات سلمية موجهة للنظام.
سياق التضييق التشريعي وتراجع حرية الصحافة
تندرج هذه الخطوة في سياق تشريعي سابق شهد تضييقاً على حرية الإعلام، أبرزه “القانون العضوي المتعلق بالإعلام” الذي دخل حيز التنفيذ عام 2023، والذي اعتبره البعض انتكاسة لحرية الصحافة. ونتيجة لذلك، حلّت البلاد في مرتبة متدنية في مؤشر حرية الصحافة العالمي (المرتبة 136 من 180 عام 2023).
في المقابل، يدافع مؤيدو القانون عن ضرورة إرساء “بيئة رقمية منظمة ومسؤولة”، ويؤكدون أن الهدف هو تحقيق توازن بين حرية التعبير وحماية المصالح العليا للدولة والمجتمع من “التهديدات السيبرانية والفوضى”، مشيرين إلى ضرورة منع استغلال المنصات لزعزعة استقرار البلاد.
المنظمات الدولية تطالب بالإفراج الفوري
ويعكس هذا الجدل سياقاً سياسياً متأزماً اتسم بحل منظمات حقوقية بارزة وملاحقة النشطاء بـ”تهم المساس بسلامة وحدة الوطن”، مما اضطر العديد من المعارضين للفرار من البلاد. كما تشير تقارير دولية إلى ضغوط تستهدف العائلات وإجراءات منع السفر على النشطاء المقيمين في الخارج.
وتدعو منظمات دولية، مثل منظمة العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش”، السلطات الجزائرية إلى:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الصحفيين والنشطاء المحتجزين تعسفياً.
- وقف استغلال الترسانة القانونية الحالية لقمع حرية التعبير.
- احترام الالتزامات الدولية للجزائر في مجال حقوق الإنسان.



