
هذا ما ينطبق أساسا على ما سمي ببلاغ هيئة الأغلبية الحكومية التي خرجت تطل علينا بعد مدة ببلاغ أقل ما يقال عنه “إنشاء”، ليس إلا.. إنشاء بالجمل والكلمات والعبارات التي تم استخدامها في هذا البلاغ أقل ما يقال عنه أنه بلاغ لا يسمن ولا يغني من جوع..
في الوقت الذي كان لزاما على الحكومة أن تعقد اجتماعا طارئا تناقش فيه نقطة فريدة واستعجالية تتعلق بالمطالب الاجتماعية التي رفعها شباب، تهم قطاعات حيوية، الصحة، التعليم، الشغل، ومحاربة الفساد، فضلت هذه الحكومة التي قالت أغلبيتها أنها “منفتحة”، الاختباء والرجوع الى الخلف والاكتفاء فقط بالتتبع عن بعد لما سيقع، وهو ما يكشف حقيقة الحكومة التي يمكن وصفها “بالفاشلة”، كيف لا وهي التي لم تقوى حتى على فتح قنوات الحوار مع الشباب قبل الخروج إلى الشارع للاحتجاجات والمسيرات..
الأحداث التي عشناها جميعا خلال نهاية الأسبوع الماضي وبداية هذا الأسبوع يجعلنا نستحضر الخطاب الذي سبق لوزير العدل الحالي أن صرح به بمجلس النواب جوابا عن الأسئلة الشفوية بخصوص حملة المقاطعة آنذاك، حيث قال وهبي موجها كلامه للوزير الداودي، “بالله عليك واش المغاربة يخوضون حملة للمقاطعة وأنتم تسبونهم و تصفونهم بالمداويخ والخونة والقطيع، وكأن مواقع التواصل نزلت من السماء، ولا تعبر عن واقع الشعب”.
إذن ما الذي تغير، أليس من الأجدر أن تقوم الحكومة الحالية بفتح قنوات الحوار لهاته الفئة وتنصت لهم وتناقش معهم الأفكار ويستجيب لطالبهم؟…
الجواب بات واضحا: لا ثم لا، لأن الأحزاب المشكلة للحكومة، اصبحت هي أصل المشكل، ولم يعد يهمها المواطن، بقدر ما يهمها تصدر الانتخابات والمشهد الحكومي لقيادة حكومة “المونديال”، كما يقولون ويصرحون.. الحكومة فضلت تنظيم لقاءات هنا وهناك بخطابات سياسية بئيسة ومتكررة من طرف أشخاص كانوا سببا في نفور الشباب من السياسة، أحدهم يقول “جريو علينا بالحجر”، “والمسمار كبير” وكأننا في ورشة، وآخر يطبل ويزمر لانجازات لا توجد إلا في مخيلته، لأنه يخاف على فقدان منصبه. وآخر يعرف لون التقاشر ويتحدث عن العفو الملكي “بشغله هداك”، خطاب سياسي فاقد لكل شيء..
اليوم على الحكومة أن تعي أن المواطن المغربي، لم يعد فقط مستقبلا للخطاب السياسي العدمي، بل أصبح سياسيا يحلل ويناقش، وأصبح قوة اقتراحية وجب احتضانه، وليس جعله مجرد عدد في الانتخابات، يجب أن يتم إشراكه في التدبير والتسيير، لا فقط قائدا لحملات انتخابية لفائدة أشخاص هرموا داخل الأحزاب وكانوا سببا في اغتيال السياسة بصفة عامة..
وأخيرا، وعودة إلى بلاغ هيئة الأغلبية الحكومية، فقد تناست الأغلبية أن تضمن في بلاغها نقطة مهمة، والمتعلقة بمنع بعض القادة السياسيين من الكلام في اللقاءات الحزبية، لأنه خطاباتهم وكلامهم يزيد من تأجيج الوضع أكثر منه خطابا سياسيا يتحدث عن المستقبل..
باركة من الشطيح ومن تخراج العينين، والفاهم يفهم.



