“ألياف البحر الأحمر” .. ثورة سعودية صامتة تعيد حياكة مستقبل الأزياء المستدامة

أطلقت هيئة الأزياء ابتكاراً سعودياً لافتاً في عالم المنسوجات المستدامة تحت مسمى «ألياف البحر الأحمر»، وهو مشروع طموح ينطلق من أعماق البحر ليعيد رسم ملامح صناعة الأزياء الصديقة للبيئة، ويترجم رؤية المملكة في تحويل الموارد المحلية إلى فرص اقتصادية وإبداعية واعدة.
جاء الكشف عن هذا الابتكار خلال منتدى مسك العالمي، حيث أعلنت هيئة الأزياء عن تطوير نسيج حيوي مبتكر من ألياف مستخرجة من البحر الأحمر، حُولت داخل «ذا لاب» – استوديو تطوير المنتجات التابع لهيئة الأزياء – إلى قطع أزياء مستدامة جاهزة للارتداء، في خطوة تشكل محطة محورية في مسار بناء منظومة أزياء سعودية مستدامة ومهيأة للمستقبل.
في جلسة بعنوان «نسيج المستقبل: مبادرة ألياف البحر الأحمر»، شارك كل من بوراك شكماك الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء، وفيونا سايمز الرئيس التنفيذي للعمليات في KAUST Beacon Development (KBD)، وريجينا بولانكو الرئيس التنفيذي لشركة PYRATEX®، حيث تم استعراض الأساس العلمي لهذا النسيج الجديد، ومراحل تطويره، والآفاق التي يفتحها أمام صناعة الأزياء محلياً وعالمياً.
تعاون علمي – صناعي من أجل استدامة عملية المشروع هو ثمرة شراكة ثلاثية بين هيئة الأزياء، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، وشركة PYRATEX®، ليجمع بين البحث العلمي الرصين، والاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية، وأحدث تقنيات تصنيع المنسوجات المستدامة.
تولت KBD، الرائدة في أبحاث الطحالب، مهمة مسح وجمع ألياف البحر الأحمر بطريقة مسؤولة تحافظ على خصائصها الحيوية وتحمي النظام البيئي البحري، لتتحول هذه الكتلة الحيوية إلى قاعدة لإنتاج ألياف عالية الجودة، قابلة للتتبع بالكامل، ومرتبطة بموارد محلية متناغمة مع أهداف المملكة في الاستدامة.

أكد بوراك شكماك أن إطلاق «ألياف البحر الأحمر» يمثل نقطة تحول في رحلة هيئة الأزياء لبناء منظومة أزياء مستدامة، قائلاً إن تحويل مورد طبيعي محلي إلى نسيج مستدام وقابل للتتبع يجسد قوة التحالف بين العلم والإبداع والصناعة، ويبرهن أن الابتكار المنطلق من المملكة قادر على تقديم حلول مؤثرة لمستقبل صناعة الأزياء على مستوى العالم.
من جانبها، أوضحت فيونا سايمز أن هذه المبادرة أتاحت توظيف أبحاث كاوست حول الطحالب البحرية في قطاع جديد داخل المملكة، حيث جرى تحليل الخصائص الكيميائية الحيوية لألياف البحر الأحمر، ودمجها في خيط مبتكر ممزوج، بالتعاون مع PYRATEX وهيئة الأزياء، لتحويل مورد طبيعي محلي إلى مكوّن نسيجي عملي وخلاق يفتح الباب أمام فرص اقتصادية مستدامة.
بالتعاون مع PYRATEX®، تم دمج الكتلة الحيوية لألياف البحر الأحمر مع مادة لايوسيل لإنتاج ألياف نسيج جديدة، غُزلت ونُسجت لتتحول إلى قماش متكامل يجمع بين لايوسيل، وألياف البحر الأحمر، والقطن العضوي.
هذا القماش طبيعي المصدر، لطيف على البشرة، وشفاف بالكامل عبر سلسلة التوريد، وقد استُخدم لأول مرة داخل «ذا لاب» لصناعة قطع أزياء حقيقية قابلة للارتداء، في مبادرة تُعد الأولى من نوعها لهيئة الأزياء، وتبرهن أن الموارد المحلية المستدامة يمكن أن تتحول إلى منتجات أزياء فاخرة من قلب المملكة.
يسلط مشروع «ألياف البحر الأحمر» الضوء على التزام هيئة الأزياء بدفع الابتكار في مجال المواد الحيوية والمنسوجات المستدامة، وتعزيز ظهور قطاع أزياء مسؤول يتقاطع فيه العلم والتقنية والإبداع.
ومع استمرار الهيئة في تطوير مواد جديدة وحلول مبتكرة، يُعد هذا الإنجاز بداية لمسار أوسع لتحول قطاع الأزياء في المملكة، من مستهلك للمواد إلى مُنتِج لمواد نسيجية مستدامة قادرة على المنافسة عالمياً.



