أخبارالرئيسيةفي الصميم

عودة الايديولوجيات القاتلة

من غرائب المجتمعات العربية، كلما أثيرت قضايا دينية أو قضايا معاصرة، أي دخيلة على المجتمع العربي، إلا وتزاحمت الأفكار والانتقادات واصطف الناس وراء بعضهم لتشكيل فيالق مدافعين عن فكرة ما أو شخص ما، أو تبني إيديولوجية ما. فتجد الإعلام منقسم بين موقف الهجوم تارة  وموقف المتصدي تارة أخرى.

بقلم/ عبدالله العبادي

ثنائية المتشدد والحداثي، لم تندثر، مهما حاولنا نسيانها، فكلما كان هناك نقاش حاد، تظهر الثنائية من جديد. إنها ثنائية قديمة/جديدة، من وجهة نظري يجب أن تنتهي، وتختفي من المشهد العام، لا مكان للمتشددين ولا للحداثيين، الذين صاروا آكثر حداثة من الحداثة نفسها.  لأن هناك تيار جديد ظاهر للوجود هم المسلمون العاديون، أولئك الذين يمارسون طقوسهم الدينية بكل بساطة، أولئك الذين يتعايشون مع اليهودي والمسيحي والبوذي والعلماني والملحد وبدون مشاكل تذكر …
أولئك  الذين يجدون في دينهم، ومعتقداتهم أجوبة كافية لأسئلةعديدة ولقضايا متعددة، دون تعصب ودون انفتاح آكثر مما يجب، مطمئنون إلى ما  وصلوا إليه من فهم في أمور دينهم، ويعيشون بدون وصاية أحد او تدخل أحد،  لا داعية ولا رجل دين، فعهد صكوك الغفران قد ولى، وممارسات الكنيسة أثبت فشلها في تدبير الشأن الديني بتلك الطريقة.
المسلمون العاديون تيار الاغلبية وسط أقلية متشددة وحداثية تتجاذب أطراف النقاش العام، فمن فوضها بذلك؟ فرضوا أنفسهم متحدثون باسم المجتمع وباسم الدين وباسم الشعب وباسم الناس.
المسلمون العاديون يجدون في القيم البسيطة سماحة كبيرة وعميقة كانت وراء انتشاره بشكل كبير، قيم المحبة والتسامح والتعايش، والعفو والسلم والسلام. إلا أن الايديولوجيات تعكر دوما المياه الصافية، وتحن إلى فيضانات وصراعات فكرية ولغوية ومفاهيمية لا تنتهي، كلاهما يجيدان الصيد في المياه العكرة، إنها حرفتهم التي لا تتغير لا في الزمان ولا في المكان.
المجتمع بحاجة لعلماء دين وليس لدعاة ورجال دين، علماء في الميدان لنشر التدين السمح، وتصحيح أخطاء المتشددين وأخطاء الساسة والحداثيون، والمتطفلون على الحقل الديني، لعلهم يستطيعون تحويل التدين إلى أداة لتخليق المجتمع وبناءه من جديد.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button