أخبارالرئيسيةتقارير وملفات

اللغة السواحلية وأثر العربية فيها حاليا للعلامة محمد الفاسي

الكل يعلم أن اللغات الإسلامية من فارسية وبربرية وتركية ولغة الأوردو وغيرها تأثرت كلها بالأساليب العربية، ودخلها عدد كبير من المفردات العربية يتراوح ما بين الخمسين والستين فى المائة، ولقد جعلتني أسفاري المتعددة فى نواحي العالم أتصل مباشرة بهذه اللغات، وأهتم بهذه الناحية من الإشعاع الحضاري واللغوي للغة القرآن.

وقد قدمت لكم فى السنين الأخيرة دراستين عن أثر اللغة العربية في البربرية وفي التركية، ولي دراسة أخرى عن الفارسية، وهي أكثر اللغات العجمية تأثرا بالعربية.

وقد آثرت في هذه الدورة أن أحدثكم عن لغة أخرى يتكلمها أهال إفريقيا الشرقية، وهي السواحلية، اللغة الرسمية لطانزانيا، ويتكلمها كل السكان المسلمون منهم وغيرهم من الوثنيين والمسيحيين في كل بلاد إفريقيا الشرقية من الأوغاندا إلى شمال الموزامبيق، بل ويستعملها كذلك بعض أهالي عمان.

ولقد أمكنني أن أدرس هذه اللغة خصوصا من ناحية المفردات عند مقامي بنايروبي عاصمة الكينيا، للمشاركة في المؤتمر التاسع عشر لليونسكو في شهري أكتوبر ونومبير الماضيين، وانتهزت هذه الفرصة فذهبت لدار السلام حيث استعمال اللغة السواحلية عام فى الحياة اليومية والإدارية، واقتنيت كتبا في النحو وقواميس مختلفة، وانكببت في هذه الأشهر الأربعة على استخراج المفردات العربية الموجودة حاليا في السواحلية، وأقول حاليا لأن فترة الاستعمار الإنكليزي جعلت ألفاظا إنكليزية وهندية كثيرة تحل محل مفردات عربية.

ويظهر من دراسات المتخصصين أن عرب عمان واليمن كان لهم اتصال متين ببلاد الزنج قبل الإسلام، ونزح منهم كثيرون إلى هذه البلاد للتجارة أولا ثم للاستيطان حيث تزوجوا من النساء الزنجيات ونتج عن ذلك امتزاج بين العنصرين وتأثير كبير للغة العرب على لغة البانتو الأصلية لسكان السواحل الشرقية.

ومن أقدم النصوص العربية التى نجد فيها استعمال لفظة السواحل ما ذكره ابن بطوطة فى رحلته حيث قال: «ثم ركبت من مدينة مَقْدَشَوْ (وقد ضبطها هكذا) متوجها إلى بلاد السواحل قاصدا مدينة كلوا من بلاد الزنوج فوصلنا إلى جزيرة مَنْبَسَى». واللغة التي نتجت عن امتزاج العرب بالزنوج في هذه السواحل سميت السواحلية.

إعداد: سعيد مبشور

وأصل السواحلية من لغة البانتو التي تتفرع إلى عدة لغات تستعمل في وسط إفريقيا وجنوبها من الكامرون إلى بلاد السواحل الشرقية، وتمتاز بكونها لا تقبل السكون في مقاطعها، وكل مقطع ينتهي بحرف محرك، وهذا ما جعل الألفاظ العربية التي دخلت هذه اللغة تتكيف حسب هذه القواعد، ومن مميزاتها أيضا أن لها عددا كبيرا من الزوائد في أول الكلمات (سوابق) وفي آخرها (لواحق) (Préfixes- Suffixes)‏ للتعبير عن عدة معان في الأسماء والأفعال، مما يجعل مثلا أحيانا الكلمة العربية عائمة وسط هذه المقاطع كما سنراه، وتمتاز كذلك بعدم وجود أداة للتعريف ولا فرق فيها بين المذكر والمؤنث.

والملاحظ أن التأثير العربي لم يتعد المفردات أما النحو والصرف فإنهما بقيا على أصلهما إلا ما كان من دخول بعض حروف الجر والعطف ونحوها، وبعض الظروف مثل حتى، لاكن، ولا، بعد، بلا، كما، أو.

ومن البديهي أن نطق كثير من أصوات الحروف العربية تغير كما هو الشأن في اللغات الإسلامية الأخرى باستثناء البربرية التي هي لغة سامية كما كنت شرحته في دراستي عنها.

وهكذا نرى أن الحاء والخاء والهاء تنطق كلها هاء وتكتب اليوم H ‏بعد أن عدلوا عن الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية تحت تأثير الإرساليات المسيحية.

والعين تنطق همزة حسب حركتها فيقولون للعسل أسلي، وللعمارة أمارا، وللعذر اُذُرُو.

والقاف تنطق كافا: كابيلا = قبيلة، كافلا = قافلة، كلامو = قلم، وترد أحيانا معقودة نحو ‎LME‏GA = قلب.

أما الطاء فتكتب مثل التاء أي بحرف وحده فيكتبون Taibu = طيب و Tabiru = تعبير.

وفي الكتابة بالحروف اللاتينية يميزون بين التاء والثاء بكتابة المثلثة بحرفي Th.

ويميزون في الكتابة اللاتينية الذال عن الدال بكتابته بحرفي Dh، ‏كما يكتبون الضاد كذلك بهذين الحرفين.

وتقلب الباء أحيانا ميما مثل Galme بمعنى قلب.

وتقلب الخاء أحيانا غينا نحو غافى = خفيف، بمعنى‏ أهميته خفيفة أي ضعيفة.

وينقلب الدال أحيانا تاء مثل دقة = Tike،‏ وبارود = ‎Baruti‏.

وينقلب الضاد أحيانا صادا والطاء دالا نحو ضبط – ‎Sabidi‏.

قدمنا أن الألفاظ العربية التي دخلت السواحلية تكيفت حسب قواعد هذه اللغة، وهكذا حيث أن السواحلية لا تكاد تقبل سكونا، فكلما اقتبسوا مفردة فيها سكون إلا وعوضوه بحركة، وكثيرا ما تكون كسرة، مثال ذلك:

أولا: تعويض السكون بالكسرة:

مَرْجان           =        مَرجاني  ‎Marijani ‏

مَطْلَب             =        مَطِلَبَا Matilaba‏

صِنْف             =        صَنِفو ‎Sanifu‏

‏سِتْر               =        سِتِري ‎Sitiri‏

‏مَجْرَى           =        مَجِرَا             Majira           

وَسْواس                     =        وَسِواسي Wasiwasi‏

‏فِتْنة                =        فِتِنا ‎Fitina‏

أُجْرة              =        أُجِرا Ujira‏

حَسْرة             =        هَسِرا ‎Hasira‏

‏ثانيا: تعويض السكون بالضم:

‎صِفْر           =        صِفُري SIfuri ‏

حُرْمة             =        هُرُما ‎Huruma‏

‏حُزْن              =        هُزُني Huzuni‏

‏قَصْد              =        كُسُدي ‎Kusudi‏

‏بُغْض             =        بُغُوضا ‎Bughuda‏

‏ثالثا: تعويض السكون بالفتح:

مدرسة           =        مَدَرَسَا ‎Madarasa‏

قَهوة               =        كَهَاوا  ‎Kahawa

وقت (بمعنى أثناء) =    وَكَتِي ‎Wakati‏

ومن التغييرات التي تطرأ على الكلمات العربية عند دخولها في السواحلية أن وزن فَعْل يصير فُعَلي مثل فَتْح = فُتَهِي، وفَسْخ = فُسَهي، وكذلك فِعْل يصير فُعْلِي نحو فِطْر = فُطَرِي.

ومن الأمثلة عن الكلمات العربية التي تدخل عليها زوائد تجعلها غامضة وكأنها عائمة وسط تلك الحروف والمتاطع العربية أورد ما يلي:

جُمْليثسا           =        أي جَمَعَ، وهذه اللفظة مأخوذة من مادة جملة

شُغُليكا =        أي شَغَل

صافيشا =        أي نظيف من الصفاء

تشاكولا =        أي أَكَلَ‎

ماجيبو =        أي جواب

إليميشا =        أي عَلَّم من إِليم = عَلِمَ.‏

والسواحلية من اللغات المسماة ذوات الطبقات، وذلك أنهم يجعلون حروفا أو مقاطع في أول الكلمات للتعبير عن الإفرأد والجمع وعن التصغير وعن أسماء حيوانات ونباتات وهكذا، فيقولون مثلا أن كلمة متى أي شجرة، وجمعها ميتى من طبقة Mi – M وكلمة مْتُو أي شخص وجمعها واتو من طبقة wa .M

وهذه الطبقات سبع وهي:

الطبقة الأولى: Vi. Ki‏ كي — مثالها: كيتو = شيء : ﭬيتو = أشياء.

الطبقة الثانية: Mi. M‏ مْ — مثالها: مْجِي = مدينة : ميجى‏ = مدن٠‏

‏الطبقة الثالثة: Wa. M مثالها: مْطوطو: ولد.‏ واطوطو: أولاد.

الطبقة الرابعة: N (ويتفق فيها المفرد والجمع)

الطبقة الخامسة: Ma (وهي كالتي قبلها)

الطبقة السادسة: U ولها استعمالات كثيرة.

الطبقة السابعة‎: Pa‏ لبعض الأسماء و Ku للأفعال.

ومن الطريف أنهم إذا اقتبسوا كلمة عربية تبتدىء بكاف مكسورة اعتبروا هذه الكلمة من الطبقة الأولى وجمعوها بحذف كـ وتعويضها بالمقطع Vi‏، مثال ذلك كتابو وجمعه عندهم ﭬِتابو أي كتب.

وتدل الكاف المكسورة أيضا عندهم على التصغير نحو كْسوماري وهو تصغير مْسومارې أي مسمار، ويلاحظ أنهم اعتبروا لفظ مسمار لابتدائه بالميم من الطبقة الثانية فلما أرادوا تصغيره حذفوا الميم من أوله لاعتبارها من الزوائد وجاؤوا بالكاف المكسورة للتصغير فصار كِسوماري لاكِمْسوماري.‏

وعندما يأخذون كلمة يجعلونها حسب أذواقهم من طبقة معينة فأَرْز الشجر المعروف مثلا قالوا فيه مْوِيرِيزِي Mwerizi‏ ووردة قالوا فيها مْوِيرِيدِي ‎Mweridi‏ وهكذا.

‏ومن أساليب أخذهم عن العربية أنهم يكررون بعض الكلمات جاعلين من المجموع كلمة واحدة فيقولون مثلا هالا هالا أي حالا، وسواسوا أي سواء، وكأنهم سمعوا العرب يؤكدون المعنى بتكرار اللفظ فاعتبروا ذلك كلمة واحدة.

ومنها أنهم يأخذون جملا كأنها لفظ واحد وذلك كقولهم كُنْ راضي Kunradhi‏ بمعنى اعذِرني لا تؤاخذني، وكقولهم للتشكر أسنت أي أَحْسَنْتَ، وكثيرا ما يقولون أَسَنْتِ صَنَا أي أَحْسَنْتَ صنعا، ولكنهم يعنون بذلك شكرا جزيلا ظنا منهم أن صنعا معناها كثيرا.‏ ومن هنا استعملوا لفظة حَسنا بمعنى كثيرا حتى في غير الشكر،‏ فالعبارة السابقة مثلا يضمون لها حسنا للزيادة في الاعتذار فيقولون كُنْ راضي صنا: ‎kunradhi Sana‏ ‎(أي كن راضيا جدا بمعنى اعذرني كل العذر).

ومن هذه العبارات قولهم ما‏ دام بنفس المعنى العربي ويكتبونها يالحروف اللاتينية هكذا Maadam‏، وحرف a الثاني بعد الميم للدلالة على المد.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيرا من المفردات العربية عندما تدخل اللغة السواحلية يطرأ على معائيها تغيير يبعد بها عن المعنى الأصلي كثيرا أو قليلا، ومن الأمثلة على ذلك الألفاظ الآتية حيث يبعد معناها عن المعنى الأصلي.

كَبْلا (أي قبلا) ومعناها باكرا.

صَدِيكي (أي صَدَقَ) ومعناها ظن.

صَرَفُو (أي صَرَفَ) ومعناه النقود.

فِكِيرِي (من فَكَّرَ) ومعناه اعتبر‏.

فُروضا (من الفرض) ومعناه مكتب الديوانة أي الكموك باللغة التركية.

دَواتي (من الدواة) ومعناها ما يكتب عليه.

مَفْرِجِي (من الفرج) ومعناه الخندق (لأنه منفرج).

تَرَاتِبُو (من الترتيب) ومعناه ظريف.

دَسْتوري (من الدستور) ومعناه المنهاج.

لازِما (من اللزوم) ومعناه الواجب.

لابْدا (من لابُدَّ) ومعناها ربما.‏

زَوَادِي (من الزيادة) ومعناها الهدية.

هفيفو (من خفيف) ومعناه لا قيمة له.

ومن الكلمات التي لا يبعد معناها كثيرا عن المعنى الأصلي ما يلي:

أماني (من الأمان) ومعناه السلم.

فَسيري (من التفسير) ومعناه تَرْجَمَ.

فَهالي (أي فَحْل) ومعناه ثور.

هَبا (أي حبة) ومعناه شىء قليل.

هَرَكا (أي حركة) ومعناها السرعة.

وإليكم الآن أمثلة من مفردات لم يتغير كثيرا لا مبناها ولا معناها فتظهر عربيتها لأول وهلة بدون إعمال نظر مع العلم أن السواحلية تزيد فى آخر الكلمة إما حركة مضمومة أو حركة مكسورة، وإذا كانت اللفظة العربية مفتوحة الآخر تركوها على حالها:

بارِدي             =        بارد                         سُكارِي           =        سُكَّر   

لِجامو             =        لجام                         إِلْفو                =        أَلْف

دَمو                =        دم                            فَهَمو              =        فَهِمَ

صَندكو           =        صندوق                               جِراها            =          جراحة

رصاصي                  =        رصاصة                             أَذا                 =        أَذى

غالي              =        غال                         أَصِلِي             =        أَصْل

طَبييو             =        طبيب                       بَرَكا               =        بركة

سَمَكِي             =        سمك                        بَطَا                =        بَطَّة

فرسي             =        فرس                        بِلَوْرِي            =        بِلَّوْر

أرضي           =        أرض                       بُنْدُكي             =        بندقية

دَوا                =        دواء                         ديني               =        دين

‏دَكيكا              =        دقيقة                         فَضِلِي             =        فَضْل

‎مَسْكيني           =        مِسكين                      هكيكا             =        حقيقة

زَبيبو            =        زبيب                        كَنيسا              =        كنيسة

ومن الكلمات التي لم يتغير معناها وإنما تغير إما مبناها أو نطق حروفها بسبب عدم وجود بعض الأصوات في السواحلية كالعين والحاء والخاء والقاف مثلا هذه الأمثلة:

‏جيبو              =        أَجاب‎

هميرا             =        خميرة‎  ‎

‏جِبِنِي              =        الجبنة‎

‏نسو               =        نصف‎

‏أَفِيا                 =        عافية

أَيْنا                 =        عينة‎

بَهارِي            =        بحر‎

‏كُفولِي             =        قُفْل

‏رهوسا           =        رُخْصة‎

بِرِيكا              =        بِرْكة‎

هِمَا                =        ‏خيمة

وقد عمدت إلى إحصاء الكلمات العربية الدخيلة في السواحيلية استنادا على قاموس سواحلي انكليزى فوجدت أنها تفوق الأربعين في المائة ولم أعد الكلمات المشتقة من مادة واحدة، ولم يخصص لها غالبا مؤلف القاموس محلا في ترتيبه العام وإنما اكتفى بما ورد منها في المادة المعنية على غرار ما يفعله أصحاب القواميس العربية القديمة ويظهر لي أن لو جمعت تلك المفردات كلها لأصبح عدد الكلمات العربية في السواحلية خمسين في المائة.

وفي الختام أريد أن أنبه إلى ظاهرتين ألفتتا نظري أثناء الدراسة:

أولاهما أن كثيرا من الكلمات العربية المستعملة في السواحلية لها شبه كبير بالاستعمالات المغريية وذلك نحو قولهم للتجارة بباشرا، أي البيع والشرا، وهي العبارة السائرة عندنا لهذا المعنى، فإن كنا نقول التاجر فلا نستعمل في لغة التخاطب لفظ التجارة وإئما نقول: البيع والشراء.

ومن ذلك قولهم: وادي ناسي أي ولد الناس، وهذا هي الاستعمال الشائع في المغرب للتعبير عن الإنسان الفاضل المتخلق بالأخلاق الحميدة.

ومن ذلك تسميتهم الرسالة بلفظ باروا وهى بالمغرب برا من اللفظ العربي براءة.

ومن ذلك تسميتهم الإسكاف مَهَرَزِي، أي مخرزي وهو ما نسميه بالمغرب خراز.‏

وكذلك تسميتهم الحبل الصغير كامبا وهو ما نسميه بالمغرب قنبة.

وكذلك تسميتهم الأسبوع جوما أي جمعة مثل ما نقول بالمغرب، ولعل هذا الاستعمال يوجد في لهجات عربية أخرى.

ومن ذلك قولهم حُضُورْيو للحضور في الكتاب القرآني وفي المغزب المحضري هو تلميذ المسيد أي المدرسة القرآنية.

وهذه الظاهرة كان لاحظها ابن بطوطة عند أهل اليمن وبالأخص في مدينة ظفار، وقد قدمنا أن عرب اليمن وعمان هم الذين كانوا ينزحون إلى بلاد السواحل للتجارة وللاستيطان، قال ابن بطوطة: (1) “ومن الغرائب أن أهل هذه المدينة أشبه الناس بأهل المغرب فى شؤونهم، نزلت بدار الخطيب بمسجدها الأعظم وهو عيسى بن علي الكبير القدر الكريم النفس، فكان له جوار مسميات بأسماء خدام المغرب إحداهن اسمها فَاخِتة والأخرى زاد المال (2) ولم أسمع هذه الأسماء في بلد سواها … وفي كل دار من دورهم سجادة الخوص معلقة في البيت يصلي عليها صاحب البيت كما يفعل أهل المغرب، وأكلهم الذرة، وهذا التشابه كله يُقَوِّي القول بأن صنهاجة وسواهم من قبائل المغرب أصلهم من حمير” اهـ.

وهذا ما يجرنا إلى الكلام عن الظاهرة الثانية التي ألفتت نظري في اللغة السواحلية، وذلك أنني لمحت كذلك شبها مع البربرية فى أصول هذه اللغة.

أولا‏: فى كون الأشياء التي ليست صلبة كالسوائل لا تستعمل الألفاظ التي تعبر عنها إلا جمعا كما هو الثأن في البربرية وفي العبرية وهكذا في السواحلية:

ماجى             =        المياه

مازِيوَا           =        الحليب

مافوتا             =        الزيت

وكل هذه الألفاظ على صيغة الجمع.

ثانيا: في مفردات لم تؤخذ عن العربية وتعتبر أصيلة في السواحلية ومنها:‏

فيسي              =        الضبع وهي في البربرية أفيس.

‎وا                  =        ابن وهو في البربرية او.

زورى           =        جميل وهو في فى البربرية زيل، واللام تقلب راء في

كثير من اللغات، وهذا يقع كذلك فى السواحلية، ‏فهم يقولون إِنـﯖِريزا للإنـﯖليز، ومن وجوه الشبه‎ ‏كذلك أنهم يزيدون همزة محركة بالضم هكذا U في أول الكلمات من‎ أسماء وصفات كما يزيد البرابرة همزة مفتوحة، وهكذا نجد في السواحلية أأربو (أي أُعَرَبو) ويقصدون به العربي، في حين يقول البرابرة للعربي أعَرْبِي، وفي السواحلية كذلك أفوكارا أي الفقير وفى البربرية أفقير.‎

ومن أوجه الشبه أن السواحلية ليست فيها أداة للتعريف كما هو الشأن في البربرية، وقد ذكرت في بحثي “البربرية شقيقة العربية” أن الهمزة في أول الأسماء والصفات بقية من أداة‏ التعريف القديمة، ولا شك أن “أ” في اللغة السواحلية كذلك.

هذه لبنة أخرى أضعها بين أيديكم في بناء هذا النصب الهائل لإشعاع اللغة العربية في العالم شرقا وغربا تحت لواء الإسلام الذي لولاه لبقيت منحصرة في جزيرتها المنقطعة من بقية العالم والسلام عليكم ورحمة الله.

ملحوظة: نشرت هذه الدراسة في العدد التاسع من مجلة المناهل يوليوز 1977.

1- طبعة المكتبة التجارية الكبرى القاهرة 1967 ج 1‏ ص 165.

2- وهذان الإسمان لا زالا معروفين بالمغرب ويقال للاسم الثاني اليوم: زيد المال.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button