Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

المغرب .. دينامية متجددة نحو المستقبل

يستيقظ المغرب اليوم على حزمة من المستجدات الوطنية والدولية التي تعكس تنوع مساراته وتعدد أوراشه بين الإصلاحات الداخلية، والتحولات الاقتصادية الكبرى، والانخراط الدائم في قضايا الأمة العربية والإسلامية.

ففي المجال المؤسساتي، أطلقت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج برنامجا تكوينيا متقدما بتيفلت، بشراكة مع مركز مصالحة، لفائدة 180 موظفا في ست دورات متتالية، حول سبل مكافحة التطرف العنيف، واستراتيجيات الوقاية والتحصين المجتمعي وتأمين الفضاء السجني، بإشراف خبراء وأساتذة متخصصين. هذه المبادرة تندرج ضمن مساعي المملكة لتعزيز مناعة المجتمع ومواجهة الفكر المتطرف.

وفي الشأن العلمي والتعليمي، واصل الطلبة المغاربة ريادتهم على الساحة الدولية، حيث تجاوز عددهم 42 ألف طالب في فرنسا، يمثلون عشرة في المائة من مجموع الطلبة الأجانب، متفوقين في مجالات الهندسة والرياضيات، وهو ما يعكس القيمة المتزايدة للكفاءات المغربية عالميا.

أما على المستوى الدبلوماسي، فقد جسدت مشاركة المغرب في القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة التزام المملكة الثابت بقضايا الأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس الشريف، حيث مثل صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس. وقد أشادت القمة بالدور الريادي لجلالته في الدفاع عن المدينة المقدسة وصون هويتها، في ظرفية إقليمية دقيقة مطبوعة بالاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر. كما أكد سفير المغرب بالقاهرة أن مشاركة المملكة كانت فعّالة، وأسهمت في دعم القرارات المؤيدة لدولة قطر الشقيقة وصون أمنها وسلامة أراضيها.

وفي الجانب التنموي، توقف تقرير البنك الدولي عند المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كنموذج رائد في المنطقة، مبرزا دورها في توسيع نطاق الولوج إلى خدمات الطفولة المبكرة، والحد من الهشاشة، والارتقاء بأوضاع الفئات الأكثر احتياجا منذ إطلاقها سنة 2005 بمبادرة ملكية سامية.

وإلى التحولات الاقتصادية، يستعد المغرب لاحتضان أكبر مصنع إفريقي لبطاريات السيارات الكهربائية بمدينة القنيطرة، باستثمار صيني يبلغ 5,6 مليارات دولار تقوده شركة “غوشن هاي تيك”. هذا المشروع الضخم، بطاقة إنتاجية أولية تصل إلى 20 جيغاواط ساعة سنويا بحلول 2026، يضع المملكة في قلب الثورة الخضراء العالمية، مع خطط توسعية مستقبلية تصل إلى 100 جيغاواط ساعة.

ومن زاوية الأمن والاستثمار، أبرز تقرير لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي أن المؤسسة الأمنية المغربية، بكفاءتها المعترف بها دوليا، ساهمت بشكل مباشر في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب، ما انعكس على تدفقات الاستثمارات التي بلغت 43,2 مليار درهم سنة 2024.

وعلى مستوى السياسة الجنائية، دعا رئيس النيابة العامة الوكلاء العامين والوكلاء بالمحاكم إلى مراجعة برقيات البحث بانتظام، وعدم إصدارها إلا للضرورة، حماية لحرية الأفراد وضمانا لحقوقهم، في خطوة تعكس الحرص على التوازن بين العدالة والحرية.

أما في مجال الابتكار، فقد حقق المغرب صعودا لافتا في مؤشر الابتكار العالمي لسنة 2025، متقدما بتسع مراتب إلى الرتبة 57 عالميا، وهو أعلى تصنيف يحققه حتى الآن، مما يجعله من بين الاقتصادات المتوسطة الدخل الأكثر تقدما منذ 2013.

وفي السياق الاقتصادي ذاته، يزور وفد يضم 30 مقاولاً فرنسياً المملكة ما بين 21 و26 شتنبر الجاري للمشاركة في أول تظاهرة ترويجية لـ “دائرة أوجين دو لاكروا” ونادي رواد الأعمال، بهدف تسريع وتيرة الاستثمارات الفرنسية – المغربية في قطاعات حيوية مثل الطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية، والصحة، والصناعات الدوائية، والتكنولوجيات المبتكرة.

وفي البعد الروحي، شهدت مدينة شفشاون تسليم هبة ملكية لشرفاء زاوية مولاي علي شقور، بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لوفاة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، وذلك في حفل ديني بالمسجد الأعظم حضره عامل الإقليم، وممثلو السلطات المحلية والأمنية والعسكرية، وأعضاء المجلس العلمي المحلي ومريدون وزوار.

أما في زمن التحولات الرقمية، فقد أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني أن الأمن السيبراني لم يعد مجرد وسيلة للتحصين من المخاطر، بل أصبح مرادفا للسيادة الرقمية وداعما للنمو الاقتصادي، بما يعزز مناخ الأعمال، ويجذب الاستثمارات، ويرفع من تنافسية المقاولات.

هكذا إذن، تتشكل ملامح المشهد المغربي اليوم من دينامية متعددة الأبعاد: إصلاح مؤسساتي، وحضور دبلوماسي وازن، وتحولات اقتصادية كبرى، وإشعاع علمي وروحي متواصل، بما يجعل المملكة تمضي بخطى واثقة في رسم مستقبلها بثبات وانفتاح.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button