أخبارالرئيسيةجهات المملكة

الدكتور محمد واحمان يوصي بإعادة قراءة الذاكرة الأندلسية كذاكرة إنسانية مشتركة

احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، المغرب، المؤتمر الدولي بعنوان “الحوار بين الأديان نحو أخوة إنسانية مشتركة”. جاء هذا المؤتمر بشراكة مع سفارة المملكة المغربية في إسبانيا، ومعهد الأديان التابع لجامعة كومبلوتينسي في مدريد، تعزيزا للتعايش والحوار بين الثقافات والأديان ، و يأتي المؤتمر في سياق التحديات المعاصرة، مثل تصاعد خطابات الكراهية والإسلاموفوبيا في الفضاء الأورومتوسطي، بهدف تعزيز الفهم المتبادل والأخوة الإنسانية المشتركة.

وشارك في هذا المؤتمر علماء وباحثين من المغرب وإسبانيا، مع التركيز على النماذج التاريخية والحديثة للتعايش الديني.

وفي نفس السياق، قدم الدكتور محمد واحمان، الباحث والصحافي المغربي، مداخلة رئيسية بعنوان “حوار الأديان في التجربتين المغربية والإسبانية: من الذاكرة الأندلسية إلى رهانات الحاضر”. ركزت المداخلة على أهمية الحوار الديني كضرورة حضارية، مستندا إلى التراث التاريخي المشترك بين الضفتين المتوسطيتين، ومقترحا مسارات عملية لمواجهة التحديات المعاصرة.

وأكد الدكتور واحمان أن الحوار بين الأديان لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة ملحة تمليها التحديات العالمية، خاصة الإسلاموفوبيا والتوترات الثقافية. مستشهدا بفيلسوف الأديان هانس كينغ قائلًا: “لن يكون هناك سلام بين الأمم ما لم يتحقق السلام بين الأديان، ولن يكون هناك سلام بين الأديان ما لم يكن هناك حوار بين أتباعها”. يرى أن جوهر الحوار يكمن في الاعتراف المتبادل بالكرامة الإنسانية واحترام التنوع، دون تنازل عن العقائد أو تذويب الخصوصيات.

و استعرض المتحدث الذاكرة الأندلسية كفضاء تاريخي للتفاعل بين المسلمين والمسيحيين واليهود، حيث انصهرت الثقافات دون فقدان الهويات، مستشهدا ؛ خوليان ريبيرا (1935):”تعايش المسلمين والمسيحيين واليهود لقرون طويلة أفرز لغة وثقافة مشتركة”. والمؤرخ هاينريش غرايتس (1891): الأندلس “نموذجًا لاندماج اليهود في مجتمع متعدد الديانات دون فقدان هويتهم. وأيضا المؤرخ جان بيير دي فلوريان (1791): “سمح المسلمون بالاحتفاظ بالكنائس وعبادات الشعوب المفتوحة، مما يعكس التسامح الإسلامي”.

وأبرز الدكتور واحمان النهج المغربي المبني على الوسطية والاعتدال، من خلال إحداث معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين، الذي يستقبل طلبة من إفريقيا وأوروبا لنشر الخطاب الديني المعتدل، والرابطة المحمدية للعلماء، التي تجدد الخطاب الديني وتواجه التطرف علميًا وفكريًا.

و أضاف المتحدث أنه في الجانب الإسباني، أشاد الدستور لعام 1978 بتعزيز التعددية الدينية، لكنه حذر من الصور النمطية التاريخية التي ترى المسلمين مصدر تهديد، كما في الأمثال الشعبية مثل “Hay   moros en la costa”. استشهد بخواكين إيغورين (2011): “الجالية المغربية في إسبانيا تلعب دور الوسيط الثقافي، لكنها تواجه تحديات الاندماج وتمثلات الخوف”. التحديات تشمل الإسلاموفوبيا، قيود على بناء المساجد والمقابر، والصور التاريخية المشوهة مثل محاكم التفتيش.

ومع ذلك، أشار إلى فرص مثل دور المرأة المسلمة في الدفاع عن المواطنة، وانتقال الإعلام نحو إبراز المشترك الإنساني، بالإضافة إلى تضامن حقيقي في الأزمات مثل زلزال الحوزبالمغرب، فيضانات فلنسية باسبانيا، وحرائق جنوب إسبانيا.

وفي ختام مداخلته ضمنها اقتراحات وتوصيات عملية لتعزيز الحوار، مثل تأسيس مركز مغربي-إسباني دائم للحوار الديني والأكاديمي، وتفعيل برامج شبابية مشتركة في الترجمة، الإبداع، والإعلام، و إعادة قراءة الذاكرة الأندلسية كذاكرة إنسانية مشتركة، وأيضا تعزيز الدراسات الإسبانية في المغرب كرافعة للحوار، مستشهدًا بالآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، مشددًا على أن المغرب وإسبانيا يجمعهما مصير إنساني مشترك.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button