
قال الزميل عبد العزيز كوكاس”ما جرى داخل المجلس الوطني للصحافة، كما كشفته التسجيلات التي نشرها حميد المهداوي، ليس مجرّد حادثة معزولة أو سوء تقدير مهني، بل هو شرخ عميق في بنية مؤسسة كان يُفترض أن تكون عنواناً للحياد والأخلاق والتحكيم النزيه. ما ظهر من مداولات وتدخلات وارتباك في احترام المساطر لا يسيء فقط لأعضاء المجلس أو للأشخاص المعنيين بالملف، بل يطعن في جوهر فكرة “تنظيم ذاتي” يُعَدّ أحد آخر حصون الثقة في الحقل الإعلامي المغربي.

إن ما تسرّب يشي بثقافة خفية تشتغل خلف الأبواب المغلقة، ثقافة تخلط بين السلطة الاجتماعية والتهرب من المسؤولية، وتحوّل الجلسات التأديبية من فضاء للإنصاف إلى مساحة لبناء الولاءات وتصفية الحسابات والانتقام. لذلك، فإن الاستنكار هنا أكبر من ردّ فعل أخلاقي بقدر ما هو دفاع عن الحدّ الأدنى من معنى المهنة، ومعنى المؤسسة، ومعنى العدالة الإجرائية.
وأضاف “برأيي المتواضع أن ما قام به المهداوي يستحقّ الاحترام من منظور الشفافية والمساءلة، لكن ليس من منظور “نصّ المادة” أو “تبرئة كل الأطراف تلقائياً”، وأعتقد أن هذه الحادثة قد تمثّل نقطة تحوّل محتملة في النقاش الإعلامي بالمغرب حول تنظيم الصحافة، خصوصاً أنّ أكثر من مائة صحافي/ة أصدروا بياناً يدينون فيه ما ورد ويطالبون بحلّ المجلس، لكن يبقى السؤال التالي في خطورة الأفعال والأقوال الواردة في الفيديو المسرب، هو ما يكمن خلف فعل التسريب نفسه: من سرَّب؟ ولماذا الآن؟ وهل التسريب دعوة إلى تطهير المؤسسة أم جزء من معركة أكبر تُستخدم فيها “الشفافية” كسلاح انتقائي؟ هل التسريب محاولة لردّ الاعتبار للمهنة أم وسيلة لتوجيه الرأي العام وإدارة صراع سياسي- مهني من خلف الستار؟
وأكد “إن عمق القضية لا يكمن في ما قيل داخل الجلسة فقط، وهو أمر بالغ الخطورة إذا صح الشريط المسرب وفيه ظلم فادح في حق المهداوي وفي حق مهنة الصحافة، بل في سؤال أكبر: هل نحن أمام أزمة مؤسسة، أم أزمة ثقة؟ وهل يمكن أن تُبنى الشفافية على تسريب مجهول المصدر، أم أن كل ذلك ليس سوى فصل جديد من مسرحية لا نعرف من كتب نصّها ولا من يتحكم في الإضاءة على خشبتها؟”.



