المغرب الصاعد… كيف يصنع ذكاءه الدبلوماسي لحماية أمنه الاقتصادي في زمن الاضطراب العالمي؟

في عالم يزداد اضطرابا بفعل الأزمات الجيو–اقتصادية والصراعات على النفوذ تتقدم دول قليلة بثبات وتعمل على إعادة بناء أدوات قوتها بعيدا عن الضجيج. والمغرب من بين هذه الدول التي اختارت مسارا قائما على الذكاء الدبلوماسي وتعزيز الأمن الاقتصادي كركيزتين أساسيتين لحماية مصالحها وبناء قوتها الوطنية في بيئة دولية لم تعد تقيس النفوذ بالأسلحة فقط وإنما بقدرة الدول على التحكم في التكنولوجيا-الطاقة-سلاسل التوريد وتنوع الشراكات الاستراتيجية.
التحول العالمي ومعادلات القوة الجديدة
لقد انتقل العالم من منطق القوة العسكرية الصلبة إلى القوة الاقتصادية الذكية، حيث باتت الدول التي تمتلك القدرة على جذب الاستثمار، تأمين طاقاتها، وتطوير صناعاتها المستقبلية هي الفاعل الحقيقي في النظام العالمي الجديد. وفي هذا السياق يظهر المغرب كدولة صاعدة استطاعت قراءة التحولات الدولية مبكرا واستثمرت في موقعها الاستراتيجي كممر جيواقتصادي يربط إفريقيا بأوروبا والأطلسي بالعالم.
الصحراء المغربية… من ملف سياسي إلى منصة اقتصادية دولية
تحولت الأقاليم الجنوبية خلال السنوات الأخيرة إلى محور حقيقي للنهضة الاقتصادية الجديدة للمغرب.
فمن ميناء الداخلة الأطلسي إلى مشاريع الطاقات المتجددة -الهيدروجين الأخضر والمناطق الصناعية الجديدة،أصبحت الصحراء نموذجا لرؤية تنموية متكاملة تتجاوز الإطار السياسي نحو جعل المنطقة مركزا اقتصاديا دوليا.
وجاء الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه ليعزز جاذبية المنطقة للاستثمارات الكبرى.كما انخرطت شركات أمريكية وصينية وروسية في مشاريع استراتيجية،مما جعل الصحراء أحد أهم فضاءات التنافس الاقتصادي الدولي داخل شمال إفريقيا.
توازن دبلوماسي نادر بين القوى الكبرى
يتميز المغرب بقدرة استثنائية على إدارة علاقاته مع القوى الكبرى بمنطق التوازن الذكي دون الارتماء في أحضان أي محور دولي.
وهو توازن يمنح الرباط قوة تفاوضية كبيرة ومساحة واسعة لاتخاذ القرار السيادي.
فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة تعزز شراكاتها العسكرية وتستثمر في الصناعة والتكنولوجيا والطاقات.
الصين توسع حضورها في الصناعات التكنولوجية والبنيات التحتية وتفتح أسواقها للمنتجات المغربية.
روسيا تحافظ على علاقات تعاون استراتيجية في مجالات الطاقة-الحبوب والصيد البحري.
هذا التنوع يمنح المغرب قدرة فريدة على المناورة،بعيدة عن الاصطفاف ويؤسس لنموذج دبلوماسي قائم على الاستقلالية السيادية.
دبلوماسية اقتصادية… وليست فقط سياسية
يأتي تعيين محمد أمين بلحاج على رأس الدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز هذا التحول البنيوي داخل وزارة الخارجية. فقد أصبحت الدبلوماسية المغربية اليوم أكثر تركيزا على جلب الاستثمارات النوعية و فتح أسواق جديدة للمنتجات المغربية و حماية سلاسل التوريد و نقل التكنولوجيا والمعرفة مع استكشاف الفرص في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا
إنها دبلوماسية تتجاوز التواصل السياسي نحو هندسة اقتصادية هدفها حماية الأمن الاقتصادي الوطني في عالم تتزايد فيه التهديدات العابرة للحدود الطاقة -الغذاء-التكنولوجيا-اللوجستيك…
نموذج دولة صاعدة بثقة
لا يكتفي المغرب بالتكيف مع التغيرات العالمية،بل يشارك في صناعتها ويصوغ موقعا جديدا لنفسه كفاعل إقليمي مؤثر يعتمد على
الاستقرار السياسي
-رؤية اقتصادية واضحة
-مشاريع استراتيجية عملاقة
-دبلوماسية نشطة وعالية الاحترافية
وبين تعزيز السيادة الاقتصادية وترسيخ الحضور الدولي، يتحول المغرب إلى نموذج سيادي جديد في شمال إفريقيا والعالم العربي وإفريقيا نموذج لدولة تتحرك بثقة وتدافع عن مصالحها وتبني مستقبلها في عالم لا يعترف إلا بمن يملك أدوات القوة الحقيقية.



