Hot eventsأخبارالعالم

بين استقرار العملة ورسائل الثقة: ماذا تقول مؤشرات بنك المغرب فعلاً؟


لا تبدو المؤشرات الأسبوعية لبنك المغرب، برسم الفترة من 11 إلى 17 دجنبر 2025، مجرد أرقام تقنية باردة، بقدر ما تعكس مزاجاً نقدياً مستقراً ورسائل طمأنة موجهة للأسواق في لحظة إقليمية ودولية تتسم بالحذر. فحين يتحرك الدرهم صعوداً، ولو بنسب محدودة، أمام الدولار والأورو، فإن الأمر يتجاوز الحسابات اليومية ليعكس توازناً محسوباً في تدبير سعر الصرف.

ارتفاع الدرهم بنسبة 0,9 في المائة مقابل الدولار و0,2 في المائة أمام الأورو، وإن بدا طفيفاً، يحمل دلالة مهمة: العملة الوطنية تتحرك داخل هامش مريح، دون توتر أو تدخلات استثنائية. وتأكيد بنك المغرب عدم إجراء أي عملية مناقصة في سوق الصرف خلال هذه الفترة يعزز هذا الانطباع، ويشير إلى أن السوق يشتغل بشكل طبيعي، دون ضغوط تستدعي تصحيحاً مباشراً من البنك المركزي.

أما الأصول الاحتياطية الرسمية، التي بلغت 436,2 مليار درهم، فهي الرقم الأكثر تعبيراً عن منسوب الأمان المالي. الارتفاع الأسبوعي، إلى جانب النمو السنوي القوي بنسبة 18 في المائة، يمنح هامش مناورة مريحاً للسياسة النقدية، ويقوي قدرة المغرب على امتصاص الصدمات الخارجية، سواء تعلق الأمر بتقلبات أسعار الطاقة أو اضطرابات الأسواق العالمية.

في المقابل، يكشف حجم تدخلات بنك المغرب، الذي بلغ في المتوسط اليومي 154,5 مليار درهم، عن سياسة نقدية نشطة ولكن متحكمة. فالضخ المستمر للسيولة، خاصة عبر تسبيقات السبعة أيام بقيمة 67,5 مليار درهم، يعكس حرص المؤسسة على تلبية حاجيات الأبناك، ودعم التمويل دون الانزلاق نحو الإفراط أو التضييق.

هذه المؤشرات، مجتمعة، ترسم صورة بنك مركزي يشتغل بهدوء، يوازن بين دعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار النقدي. لا قرارات صادمة، ولا تدخلات استثنائية، بل إدارة دقيقة للإيقاع المالي. وفي زمن تتقلب فيه المؤشرات بسرعة في العديد من الاقتصادات، يبدو هذا “الهدوء المحسوب” في حد ذاته مؤشراً إيجابياً، ورسالة ثقة في متانة الأسس الماكرو-اقتصادية للمغرب.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button