أقبح ما يكون هو نكران الجميل

بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي
ليس كل عداءٍ يُوجَّه إليك نابعًا منك، فبعض الخصومات تولد في الداخل، في تلك المساحة المعتمة التي يعجز فيها الإنسان عن مصالحة نفسه.

هناك من يراك مرآةً لخذلانه، فيكره ذاته فيك، لا لأنك أسأت، بل لأن حضورك يوقظ فيه ما عجز عن بلوغه. فإذا حاولت أن تغيّر نظرته، أو مددت له يد الخير، انقلب على نفسه أولًا ثم عليك، لأن النفس المريضة راحتهم في الإحسان إلا إدانةً صامتة لعجزها.
وتلكم لعمري ما قام به فريق كرة القدم الجزائرية في الفندق الفخم المعد لراحتهم بالتطاول على صورة ملك البلاد ورمز وحدتها.
هؤلاء لا يؤمنون بالحِكمة التي تقول إن إكرام الكريم تمليك، لأنهم لم يتعلّموا معنى الكرم أصلًا، ولا عرفوا الوفاء طريقًا.
وهذا ديدن صحفي جزائري فاشل رافق منتخبه حين انبهر بروعة انجازات المغرب وجمال المملكة انقلب على عقبيه يعد أصابعه ويدعو على البلد الذي أكرمه بما لا يليق مثل هؤلاء من دنسوا الاخلاق
يتمردون على القيم لا بحثًا عن حرية، بل هروبًا من استحقاقها، ويعصفون بحقوق من أحسنوا إليهم، وكأنهم ينتقمون من ضميرٍ يؤرقهم كلما ذُكّروا بأن الخير كان ممكنًا، لكنهم اختاروا غيره.
إنه اللؤم حين يتجسّد، لا في الفعل وحده، بل في النية التي تسبق الفعل. حقدٌ يتراكم، وحسدٌ يشتعل، ونارٌ كلما رأت نورًا اشتدت أوارًا. فكل تقدّم يحققه غيرهم يُعدّ هزيمة جديدة في داخلهم، وكل خطوة ثابتة نحو الأفضل تُربك حساباتهم، لأنهم يقيسون الحياة بمنطق المقارنة لا بمعيار القيم.
وفي الجهة الأخرى، يمضي من اختار البناء طريقًا، لا يلتفت كثيرًا للضجيج، ولا يستنزف طاقته في الخصومات. يبني للمستقبل، ويزرع للأجيال، وينشر السلام بين الناس، ويمدّ يده تسامحًا حتى لمن خاصمه، إيمانًا بأن العمل المشترك هو السبيل الأنجع لغدٍ أفضل، تعيش فيه الأجيال طمأنينةً لا خوف فيها، واستقرارًا لا تهدّده الأحقاد.
وهنا تكمن الحكمة: ليس المطلوب أن تغيّر الحاقد، ولا أن تنتصر عليه، بل أن تظل وفيًّا لقيمك. فالنار تأكل ما حولها، أما النور فينير دون أن يحترق. ومن صادق نفسه، لم يضره من عاداها، لأن السلام الحقيقي يبدأ من الداخل، وكل ما عداه أثرٌ لا أصل.



