أخبارثقافة و فن

عين الاختلاف

ندعو القارئ أن يواصل الاستمتاع مع الشاعر الفيلسوف محمد الهلالي، وهو يتجول بنا في سراديب فلسفة الحياة في ديوانه “عين الاختلاف”، يعمل “الحدث الافريقي” على نشر نصوصه الشعرية اتباعا…قراءة ممتعة.

(تتمة)

التّكرار سنهْا

والاختلافُ فريضهْ

المماثلةُ حيلهْ

والتطابقُ نَقِيضهْ

♦♦

الفمُ نار تلتهب

والنهدُ لذة تحتجب

والحَلَمَة في أناة تنتصب

كيف البقاء

كيف الانسحاب

ولذة اللذات تقترب

♦♦

This image has an empty alt attribute; its file name is %D8%AF%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%81.png

خذ قلبك

بين يديك

واعترفْ

بأن ما تعرفه

جهلٌ

واقترفْ

ذنبَ النسيان

لتغترفْ

الحياةَ بالفعل

♦♦

طفتُ بي المدنَ

باحثا فيها عنِّي

أفرغتُ شوارعي مِنّي

وفي سُفنِ قلبي

بنيتُ لك السفنَ

♦♦

زيّن الوقاحة بالتقوى

فظنّ أنه الأقوى

أخفى وجهه في الصلاة

فصار وجها للفوات

يسبقه فمه للهلاك

يوزّع النار والجنة

وشيئا من السِّواك

♦♦

على امتداد ساقيك

أتهيأ للممات

ولأني أحبك

أسقط من أعلى نهديك

في جرحي

فيغمرني الحريق

من كل الجهات

♦♦

حين رمّمَ الكونَ

اتهموه بالتقليد

وحين خلقَ كونَه

اتّهموه بالكفْر

بفِكر العبيد

♦♦

بعد ألف من الآهاتْ

توجتُ فمي بنهدك

كملكٍ

يبني عرشَه بالقبلاتْ

♦♦

تنهش الرغبة

قوة الإرادة

في قلب الرذيلهْ

ذرة من فضيلهْ

وفي الحب

تجري دماء القلب

♦♦

أنا لست القدر

وأنتِ لستِ الصُّدف

لا رقصك سيُسكر البوْح

ولا تعبي سيُطرب النوْح

لو كنتُ أنا القدر

لزرعتُ في قلب الثبات السفر

ولو كنتِ أنتِ الصُّدف

لدفنتِ الذكرى في أعماق الحفر

احتجبَ في قلبي الوجود

فهو مثل الحب موجود ومفقود

♦♦

لا يتواضعُ

 إلا محارب أو حكيم

فالكبرياء جحيم

لا ينحني لكي يركع

 لا يعتذر

لكي يرى رأسه تقطع

♦♦

فاضتْ كؤوسُ الصبحْ

بسكرِ قبلة الرمحْ

فلاح قمر النهدين

نشيدَ إنشاد

سحرَ قرآن

ولحناً بينَ العهدين

♦♦

لا يكفي لتوجد

أن تولد

فقد تولد

دون أن توجد

وقد توجد

قبل أن تولد

♦♦

لو زرعنا الكون ورودا

وملأنا قلوبهن وعودا

واعترفنا

بما اقترفنا

لَمَا فتحت لنا

 أبواب الجنان

حُكْنَا الخديعة ليلا بالقبل

وضعنا أوحالنا على الخدود

علقنا أسمالنا على النهود

ونسينا الوصية الحادية عشر

“فِي البَدْءِ كانَتِ النّساءْ

ثمَّ كانَ الوردُ والضّياءْ”

♦♦

تُشترى الفضيلهْ

بعرَق العمال

وتباعُ الرذيلهْ

ليُنمّى الرأسمال

هوة هنا وهوة هناك

سنفنى في بعضنا

ولن نبلغ الهلاك

فكيف نذوق الغنى

وقد فتنّا بسواك

♦♦

حين أعشقُ

يتدفق من الكون السباتُ

وحين تعشقين

تذوب في الله الصفاتُ

♦♦

حين أكتبُ

تُدمى بحروفي الجماجمْ

وحين تكتبين

تتراقص كالحيات العمائمْ

♦♦

حين أرغبُ

تنتصب النهود كالرمانِ

وحين ترغبين

يكفُ النسيان عن النسيانِ

♦♦

حين أجَنّ

ينقضّ الحمام على صبحي

وحين تجنين

تختبئ السكاكين في جرحي

♦♦

حين أصمتُ

أفقد في الصمت صوابي

وحين تصمتين

أجد في صمتك جوابي

♦♦

حين أغضبُ

يصير الموت أليفا

وحين تغضبين

يصير الحب عنيفا

♦♦

حين أصلّي

تكون العبادة شموعا

وحين تصلين

تملئين المعابد خشوعا

♦♦

حين أحبكِ

يصير الكلام عشقا

وحين تحبين

تملئين الحياة صدقا

♦♦

اجتمع الأشرارْ

ليبيعوا الناسَ

للناس

فمال الكأس

على الكأس

وقال له:

لا خير بدون شر

ولا بوح بدون سر

فغنّي لنا

لتطول الأعمارْ

♦♦

خداكِ غيمتانِ

تُسرع إليهما القبلُ

وحين تَغيثان العطشى

يعود للناس الأملُ

♦♦

يزرعُ التناقض

في حديقته

يمجدُ العمل

ويُعدّد كل العلل

ليُنمّيَ ثروة أمته

ويدعو الله

لحفظ الجدل

♦♦

الحكاية عاشقةٌ

يقتلها الخجلُ

تُنشدُ عشقَها بصمتٍ

ولما يأتيها معانقا

تضيّعها السبلُ

♦♦

لا أصل للأصل

حتى وإن حفرنا الأرض

طولا وعرضا

فما فات إما مات

وإما صار فكرة

عن غد آت

من يسافرُ كثيرا

في الماضي

سيصبح

إما السجان أو القاضي

♦♦

قبلة عذراء تتسلق عِقْدا

ضاعت في اشتهاءٍ شبِق

صار حبّها مِن الصدّ فَقدا

♦♦

الإشباع تحدّي

والرغبة تحدّي التحدّي

ثلج في القلب لا يذوب

وحرارة الحب

سرّ تاه في الدروب

أرغبُ في قلب

نبضُه التحدي

ورغبتُه حدٌ

لا يتعَبُ في بحثه عن الحدّ

♦♦

نفَس يلاحقُ صُبح شموس

يستحمّ في يقظة خفقان

ويملأ بنوره طقوسَ كؤوس

♦♦

النّسق عَدوى

النّسق بَلوى

سياجُ موتٍ

ينزل من الأعلى

كالمنّ والسلوى

النسق إبادة

ظلُ عبادة

وللموت وسادة

♦♦

من يعشق الكدَرْ

يجد الصّفو

في باب السكرْ

وفي نهاية النّظرْ

يقطف العمرْ

ويضيّع الخبرْ

من يقتله البيْنْ

وظلمة العينْ

ومبيت بين نهدينْ

وظمأ لشفتين

فليجد المأوى

في  المعابد

♦♦

امرأة ومرآة

تنظران للحياة

أنتِ الأعمقْ

قالت المرأةُ للمرآة

بل أنتِ الأعمق

قالت المرآةُ للمرأة

فخَجِلَ العمقْ

وعبَرَ المرآة

بحثا عن الصدقْ

♦♦

أتلفتُ حظي من العربَدهْ

وأفرغتُ ما راكمه عُمري

من مَنقصة ومَحمده

في أقرب مِرمَدهْ

نَدِبْتُ كغريق

في صرخة موصدهْ

فهبّت قسوة

على صدري

كضجيج يعوي

♦♦

قالتِ انتظرْ
من يتسرعُ في الحب
يقتله الحب أو ينتحرْ
فأنا بركان طال نومُه
وحين أحب أحيى
وكل ما عداي يندثرْ
لا توقظ بركاني وتذهبْ
فليس من الحبْ
أن تحب ثم تعتذرْ
إن أحببت فانتظرْ
وإن يئست فانتظرْ
ولا تهجرْ حبيبا
غدًا حبه قد يستعرْ

♦♦

قال لها:

الصداقة تولدُ من التشابه

قالت له:

الصداقة تولدُ من الاختلاف

فتشابكت الأيدي

وانتفضت الشفاه

فذاب الاختلاف في التشابه

وأذاب التشابهُ الاختلاف

فقالت له:

ما الصداقة يا صديقْ

قال لها:

الصداقة غرقٌ

والصديق غريقْ

♦♦

تهتُ عن القِبلهْ

فانحنيتُ لقُبلهْ

وقرأت جهرا

أنت صنمْ

أنت عدمْ

أي إله يقبل صلاة

أولها بَوْح

 وآخرها سقمْ

♦♦

قضم الوعيُ الفراغ

فشيدَ الناس معبدا للشراههْ

وعبدوا البلاههْ

تفرغوا لحراسة الحقيقة

ونسوا  أن العقل جنونْ

إما أن يكون أو لا يكونْ

♦♦

إن كـبّـل الحبُ العشاقَ

وزادهم سجنُهم اشتياقَا

فلأن جنة الحب

لا يُشفى منها

من في عطرها استفاقَ

♦♦

أضربتُ عن الحب الأعوامَ

ورتّلتُ سرّا

“من يحبُّ يعبدُ الأصنامَ”

وحين ابتسمتِ

صرتِ قِبلتي

ورتلتُ جهرًا

“حبّك عبادهْ

يُدخلُ من يحبكِ الجنّهْ

كما ورد في الأناجيل

والقرآن والسنّهْ”

♦♦

في قلبي جَمَرات

اسمها أنتِ

فلترقصي

كما شئتِ

عودي إليه الآن

أو متى شئتِ

فهو ينبض بكِ

كل أيام الله

من السبتِ

 إلى السبتِ

♦♦

نفضت بقايا سفرْ

خِطتُ ابتساماتك

على إيقاع القدرْ

انتظرتُ قبلة منك

تعيد الخفقان للحجرْ

فتعاليْ نطرد المكائدْ

ونُعِدّ للقائنا القصائدْ

تعالي نَكبر بين القبلْ

ونَسْقي من لذة لأخرى

بساتين الأمل

♦♦

أفترشُ السحابْ

أتسوّل بجرحي

من باب لبابْ

الغيبُ هاوية

 كالعدم

يُلقي بي في الندمْ

قدري الخرابُ

إن كنتِ منفايَ

فمرحبا بالعذاب

♦♦

لاحَ وجهٌ

يُخفي سرّ الشّرق

يَعزف لحن الشّوق

يَروي عطشَ أثَرْ

في صُبح القدر

ولد فجأة

كما يُلقى حجر

كما يُسقى شجر

من بَصَرْ

♦♦

لكي ترى نفسَكْ

كما أنت

سِر في الاتجاه المضاد

ولكي ترى غيرَكْ

خُن ظلكْ

إن كذبتَ تحديتَ الله

وإن قلت الحقيقهْ

خنت نفسك وغيرك وصرت ظل ظلك

(يتبع)

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button