أخبارالرئيسيةفي الصميم

دعوة للإضراب الوطني في المغرب: قراءة سوسيولوجية للحراك النقابي

في خضم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، تأتي دعوة النقابات للإضراب الوطني يومي 5 و6 فبراير 2025 كمؤشر على حالة من الاحتقان الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع المغربي. هذا التحرك النقابي يستدعي قراءة سوسيولوجية عميقة لفهم أبعاده ودلالاته المجتمعية.

بقلم/ سناء حدنان

يكشف توقيت الإضراب عن تصاعد حدة التوتر بين الطبقة العاملة والسياسات الاقتصادية المتبعة، فالطبقة العاملة التي تمثل شريحة واسعة من النسيج الاجتماعي المغربي، تجد نفسها في مواجهة تحديات معيشية متزايدة، وتأتي دعوة الإضراب كتعبير جماعي عن حالة عدم الرضا هذه، ويمكن فهم هذا الحراك النقابي من خلال مستويين أساسيين: على المستوى الاقتصادي، يعكس الإضراب أزمة هيكلية تتمثل في تآكل القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع تكاليف المعيشة. أما على المستوى الاجتماعي، فيمثل الإضراب تعبيراً عن تنامي الوعي الطبقي وتبلور هوية جماعية للطبقة العاملة.

ويبرز البعد السياسي للإضراب من خلال دور النقابات كوسيط بين المجتمع والدولة. فالنقابات، بتاريخها النضالي الطويل في المغرب، تمثل قوة ضغط اجتماعية تسعى للتأثير في السياسات العمومية، وتعكس دعوة الإضراب قدرة هذه المنظمات على التعبئة الجماهيرية وتنظيم الاحتجاج الاجتماعي، ولعل أهم ما يميز هذا الإضراب هو طابعه الوطني الشامل، مما يعكس عمق الأزمة الاجتماعية وشموليتها. فالمطالب المرفوعة لا تقتصر على قطاع معين أو فئة محددة، بل تمس مختلف شرائح المجتمع المغربي.

من جانب آخر، يكشف هذا الإضراب عن تحول في أنماط الاحتجاج الاجتماعي في المغرب. فالإضراب المنظم والمؤطر نقابياً يمثل شكلاً متقدماً من أشكال النضال الاجتماعي، يعتمد على التنظيم والتخطيط والتفاوض.
وتبقى النتائج المحتملة لهذا الإضراب رهينة بعدة عوامل، أهمها مدى التجاوب الرسمي مع المطالب المرفوعة، وقدرة النقابات على الحفاظ على وحدة الصف النقابي، ومدى تفاعل المجتمع مع دعوة الإضراب.

إن قراءة هذا الحدث سوسيولوجياً تكشف عن عمق التحولات التي يشهدها المجتمع المغربي، وعن تنامي دور المجتمع المدني في صياغة المطالب الاجتماعية والدفاع عنها. كما تؤكد أهمية الحوار الاجتماعي كآلية لتدبير النزاعات الاجتماعية وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.

وتبقى المسألة الأساسية هي مدى قدرة هذا الإضراب على تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وإحداث تغيير حقيقي في السياسات الاجتماعية والاقتصادية. فالتحدي الحقيقي يكمن في تحويل الاحتجاج إلى قوة اقتراحية قادرة على المساهمة في صياغة البدائل وتطوير الحلول.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button