قراءة في أبرز عناوين الصحف المغربية لهذا اليوم الأحد 29 يونيو 2025

مع بداية هذا اليوم، تتصدر واجهة الأحداث الوطنية والدولية سلسلة من المستجدات المتنوعة بين ملفات حقوقية، اقتصادية، تنموية، اجتماعية ودبلوماسية، تُظهر تداخل الأبعاد المحلية مع السياقات الإقليمية والدولية.
نبدأ من الصحراء المغربية، حيث وجّه منتدى الكناري الصحراوي خلال الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان رسالة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك، ندد فيها بـ«الانتهاكات الجسيمة والمنهجية» التي يتعرض لها سكان مخيمات تندوف الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو، مطالبًا بتدخل دولي عاجل وفتح تحقيقات مستقلة حول الوضع الإنساني الحرج بهذه المخيمات. وقد وثّق المنتدى حالات متعددة من الإعدامات خارج القانون، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعبودية الحديثة، والتمييز العنصري، داعيًا إلى تمكين المنظمات الدولية من دخول المخيمات بحرية لتنفيذ بعثات تحقيق مستقلة.
كما أحصى المنتدى 21 حالة إعدام أو محاولة إعدام منذ 2014، مع استمرار اختفاء المستشار السابق في ملف حقوق الإنسان لدى البوليساريو، الخليل أحمد أبريه، بعد توقيفه على يد المخابرات الجزائرية عام 2009. وأشار كذلك إلى تورط جبهة البوليساريو في أنشطة إرهابية عابرة للحدود، مستشهداً بحالة عدنان أبو وليد الصحراوي وانضمامه لداعش في الساحل، ووجود مقاتلين سابقين في جماعات مثل «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». إلى ذلك، كشف عن تحويل ممنهج للمساعدات الإنسانية، مع اختفاء أكثر من 105 ملايين يورو من المساعدات الأوروبية الموجهة لمخيمات تندوف بين 1994 و2004، مطالبًا بإحصاء شفاف للسكان تحت إشراف دولي وآلية رقابة مستقلة لتوزيع المساعدات.
وفي سياق متصل، جدد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية تأكيده على عدم اعتراف الاتحاد الأوروبي بـ”الجمهورية الصحراوية” المزعومة، موضحًا أن دعوة هذا الكيان إلى اجتماع وزاري مشترك مع الاتحاد الإفريقي كانت من اختصاص الاتحاد الإفريقي حصريًا.
كما أدان حزب التجمع الوطني للأحرار الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة السمارة، معتبرًا إياه “عملًا إرهابيًا جبانًا” نفذته ميليشيات “البوليساريو”، مؤكدًا أن هذا الاعتداء لن يثني المغرب عن تعزيز وحدته الترابية، ومشيدًا بالجهود الأمنية، وداعياً الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياتهما تجاه مثل هذه الاعتداءات.
ومن جانب حقوق الإنسان، شهدت الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف شهادات دامغة ضد “البوليساريو”، حيث اتهمت فعاليات حقوقية الجبهة بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المحتجزين في مخيمات تندوف، شملت العنف الجنسي والتجنيد القسري للقاصرين، مع دعوات لتوثيق هذه الانتهاكات وتحريك المساءلة الدولية.
على الصعيد الوطني، صادقت اللجنة الوطنية للاستثمارات في دورتها الثامنة بالرباط على 47 مشروع اتفاقية استثمارية بقيمة تناهز 51 مليار درهم، منها 36 اتفاقية و11 ملحقًا، متوقعة إحداث نحو 17 ألف منصب شغل، بينها 9000 مباشر و8000 غير مباشر. وأكد خبراء اقتصاديون أن هذه الدورة تعزز تموقع المغرب ضمن سلاسل القيمة العالية، خاصة في قطاع صناعة السيارات الذي يستحوذ على حوالي 54% من فرص الشغل المرتقبة، مع تحذير من مخاطر التركيز في قطاع واحد، داعين لتنويع القاعدة الصناعية والانفتاح على أسواق جديدة.
من جهته، أوضح أستاذ الاقتصاد عبد الرزاق الهيري أن المشاريع تعكس سياسة المغرب الصناعية منذ بداية القرن الـ21، مع الحاجة إلى إصلاح مناخ الأعمال وتعزيز الثقة بين المستثمرين والاقتصاد الوطني، مبرزًا دور صندوق محمد السادس للاستثمار في دعم البنى التحتية، ومشيرًا إلى توقعات قانون المالية 2025 بتحقيق 350 مليار درهم من الاستثمارات العمومية.
وأشار الخبراء إلى أهمية توسيع الخريطة الاستثمارية نحو أقاليم مثل بني ملال، الرشيدية، وزان، شفشاون، تارودانت وبوجدور لتعزيز العدالة المجالية، مع الاعتراف بالتحديات المستمرة في البنى التحتية ونقص الموارد البشرية المؤهلة، مؤكدين أن تفويض دراسة المشاريع ذات القيمة الأقل من 250 مليون درهم للمستوى الجهوي هو خطوة نحو الجهوية المتقدمة، بشرط دعم القدرات المحلية وتبسيط المساطر.
في البرلمان، رصدت الصحافة استمرار ظاهرة مغادرة بعض البرلمانيين للجلسات العمومية فور تأكيد حضورهم رغم نظام المراقبة الإلكترونية “البوانتاج”، ما يشكل خرقًا لمدونة الأخلاقيات البرلمانية. أما محليًا، فقد عبرت فعاليات جمعوية في جماعة بلفاع بإقليم اشتوكة آيت باها عن رفضها إقامة وحدات لتربية الدواجن قرب المناطق السكنية، محذرة من انعكاسات سلبية على الصحة العامة والبيئة. وفي إقليم ورزازات، لا تزال ساكنة دواوير جماعة وسلسات تعاني من صعوبات التنقل بسبب هشاشة المسلك الطرقي الوحيد الرابط بجماعة تازناخت، رغم المراسلات المتكررة للجهات المعنية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، أشار تقرير إلى تراجع أعداد المستفيدين من البرنامج الوطني للتخييم، مع تعبير مسؤولين جمعويين عن قلقهم من غياب رؤية استراتيجية وتراجع الدعم، مؤكدين أن المخيمات لم تعد مجرد فضاء ترفيهي بل أداة تربوية لترسيخ القيم والمواطنة، وداعين إلى مساءلة السياسات العمومية وتطهير الحقل الجمعوي من الانتهازيين وإشراك كافة الفاعلين في صياغة مشروع تربوي وطني شامل.
وفي الجانب البيئي والصحي، حذرت الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك من مخاطر العقارب والأفاعي مع ارتفاع درجات الحرارة، خصوصًا في المناطق القروية والجبلية، داعية إلى تعزيز التوعية وتجهيز المراكز الصحية بالمضادات الحيوية والأمصال الضرورية.
وعلى الصعيد الفلاحي، أعربت جمعية المنتجين الفلاحيين باشتوكة آيت باها عن قلقها من قرار وزاري بإيقاف دعم بذور ومشاتل الطماطم والبطاطس والبصل، معتبرة أن هذا الدعم كان له أثر إيجابي في استقرار الأسعار وضمان الأمن الغذائي.
وفي المجال الأمني، تمكنت عناصر الشرطة القضائية بأكادير، بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من توقيف مواطنين بريطانيين صدرت بحقهما أوامر اعتقال دولية، الأول مشتبه في جريمة قتل عمد، والثاني لعدم الامتثال للمحكمة، ووُضعا رهن الحراسة النظرية تمهيدًا لتسليمهما للسلطات البريطانية.
أما في الجانب العسكري، خصصت مجلة «القوات المسلحة الملكية» ملفًا شاملاً لأبرز أنشطة شهري أبريل وماي، مع التركيز على الذكرى التاسعة والستين لتأسيس القوات المسلحة وتمرين «الأسد الإفريقي 2025». كما أبرزت المجلة الأمر اليومي الذي وجّهه الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة، ومساهمته في تطوير الصناعة العسكرية الوطنية وتعزيز السيادة الدفاعية. وشملت التغطية عدة أنشطة ملكية وأميرية، بينها ترؤس الملك لاجتماع مجلس الوزراء، واستقبال وزراء خارجية دول تحالف الساحل، واستعراض التعاون العسكري الدولي وتمارين مشتركة وبرامج استباقية لمواجهة التهديدات الصحية.
على الصعيد الدولي، أعلن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني (80 عامًا) ترشحه لولاية سابعة، ما قد يمدد فترة حكمه لتقترب من خمسة عقود، في وقت تتعالى أصوات معارضة تتهمه بالتشبث بالسلطة وتغييب التعددية.
وفي الشرق الأوسط، نقلت قناة «آي 24» الإسرائيلية عن مصدر سوري أن إسرائيل وسوريا ستوقعان اتفاقية سلام قبل نهاية العام، تشمل انسحابًا تدريجيًا من الأراضي المحتلة وتحويل مرتفعات الجولان إلى «حديقة سلام».
اقتصاديًا أيضًا، وقّع المغرب وتركيا في إسطنبول مذكرتي تفاهم حول السلامة الطرقية والملاحة البحرية، بحضور وزيري النقل بالبلدين، ضمن فعاليات منتدى الربط العالمي للنقل. تهدف المذكرة الأولى إلى الاستفادة من التجربة التركية في تأمين نقل البضائع، فيما تسعى الثانية لتعزيز الأسطول البحري المغربي في إطار الإستراتيجية الوطنية للنقل.
كما سلط تقرير صادر عن وكالة Germany Trade & Invest (GTAI) الضوء على التحول المتسارع للمغرب إلى مركز صناعي وتصديري رئيسي في إفريقيا ومنطقة المتوسط، بفضل موقعه الاستراتيجي وسياساته التحفيزية، وتقدمه في قطاعات السيارات والطيران والبطاريات الكهربائية. وأكد التقرير أن المغرب تجاوز مرحلة كونه وجهة بديلة للاستثمار الصناعي، ليصبح فاعلًا محوريًا في سلاسل التوريد الأوروبية، مدعومًا بقربه الجغرافي، وانخفاض تكاليف الإنتاج، وتوفر يد عاملة مؤهلة، إضافة إلى شبكة اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وكشف التقرير عن طفرة نوعية في استقطاب الاستثمارات في مجال البطاريات الكهربائية، مع إطلاق ست وحدات إنتاج بقيادة شركات صينية، من بينها مشروع ضخم قرب القنيطرة بطاقة تصل إلى 100 غيغاواط/ساعة، لدعم مجموعة فولكسفاغن الألمانية. كما انخرطت شركات كورية وكندية مثل LG Energy Solution في استخلاص المواد الأولية لهذه الصناعة، ما يعزز موقع المغرب كمصدر رئيسي للانتقال الطاقي العالمي.
وبين عامي 2022 و2024، استقبل المغرب نحو 79 مشروعًا استثماريًا جديدًا، ما يعكس ثقة متزايدة من المستثمرين الدوليين. ويحتضن المغرب أكثر من 230 شركة أجنبية في قطاع السيارات، و150 شركة في قطاع الطيران. كما استفاد من بنية تحتية لوجستية متطورة تشمل موانئ حديثة، وخط القطار فائق السرعة، ومناطق تسريع صناعي، والمنطقة المالية Casablanca Finance City التي جذبت مؤسسات كبرى مثل بنك Commerzbank الألماني.
ويعمل المغرب على توسيع خط القطار السريع ليصل من طنجة إلى أكادير مرورًا بالدار البيضاء ومراكش استعدادًا لكأس العالم 2030، مع اعتماد بنود “المحتوى المحلي” لتشجيع التصنيع الوطني. كذلك تخطط الحكومة لتطوير أحواض بناء السفن ومراكز الصيانة والإصلاح لإنشاء أسطول بحري وطني يخفض تكاليف التصدير، خاصة في قطاع الصيد البحري.
ومع ذلك، أكد التقرير أن المغرب بحاجة لمزيد من الاستثمارات لتعزيز الاندماج الصناعي وتوفير فرص العمل، وسط معدل بطالة يبلغ 13%، مع الإشارة إلى إصلاحات قانونية وضريبية جديدة تشجع الاستثمار من خلال إعفاءات ضريبية ومنح مباشرة.
وفي محور آخر، كشف تقرير مشترك لمعهد التنمية والاستدامة الألماني ومجلس السياسات الاقتصادية أن المغرب واصل تقليص نفقاته الضريبية تدريجيًا لتعزيز العدالة والنجاعة المالية، حيث بلغت هذه النفقات 35.4 مليار درهم عام 2023 (2.4% من الناتج المحلي الإجمالي) مقابل 2.9% عام 2022، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 32.1 مليار درهم في 2024. ويعود هذا التراجع إلى إلغاء 24 إجراء ضمن إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، ما قلص النفقات بنسبة 28.3%. وحصل المغرب على 55.7 نقطة في مؤشر الشفافية ليحتل المرتبة 28 عالميًا، لكنه ما زال بحاجة إلى مزيد من الشفافية وتبسيط عرض المعلومات، وتقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للإجراءات الضريبية.
ونختم بهذه اللمحة الإفريقية، حيث أشادت وزيرة النقل بجمهورية الكونغو بالبنية التحتية المينائية المغربية، معتبرة أنها تساهم في انفتاح إفريقيا على العالم. وجاء ذلك خلال مشاركتها في منتدى الربط العالمي للنقل بإسطنبول، الذي شهد حضورًا رسميًا مغربيًا بقيادة وزير النقل عبد الصمد قيوح، لتعزيز التعاون في مجالات النقل البحري والجوي والسككي.
—



