
بقلم: الطيب دكٌار-صحفي وكاتب
من أجل التغلب على الصعوبات التقنية التي تحول دون انتخاب ممثلي الصحفيين المحترفين بكيفية نزيهة وشفافة وقانونية ، في إطار مؤسسة مهنية مستقلة، سيكون من المناسب، في رأيي، اعتماد منهجية واقعية وعملية وتوافقية، تضمن تمثيل الجميع، دون إقصاء، وتنبذ الصيغ المرفوضة التي اتبعت إلى يومنا هذا ، والتي تحابي بعض الجمعيات، التي تعتبر ” الأكثر تمثيلية “، على حساب أخرى.
وكوطني غيور على بلاده، أتمنى أن نحقق هذا المبتغى ، على الرغم من أن وزارة الاتصال لم تبد، لحد الآن، أي استعداد لإنشاء مجلس مستقل، قادر على أن يضمن مشاركة الجميع ، وبالتالي وضع حد للصراعات الداخلية بين مختلف جمعيات الصحفيين، وهي الصراعات التي تجري من أجل الظفر بالرواتب والأجورالمغرية التي تمنحها السلطات العمومية لأعضاء المجلس، والتي لو تم إلغاؤها لتراجع الحماس الانتخابي والإثارة لدى الهيئات المهنية المختلفة.
عندما أشدد على ضرورة استقلالية المجلس عن السلطة وقوى المال ، فأنا لا أقصد أن تنعزل هذه المؤسسة عن السلطة أو تمثل شكلا جديدا من أشكال المعارضة ، وإنما تكون هيئة تنسجم مع النموذج القائم في الدول الديمقراطية، وخاصة في أوروبا حيث تشكل مثل هذه الهيئات ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية والحرية.
ولا شك أن هذه الهيئة ، بصيغتها هذه ، من شأنها أن تعزز صورة المغرب في مجال حرية الصحافة ومصداقية الصحفيين المهنيين المغاربة.وينبغي أن يتشكل هذا المجلس من جميع النقابات والجمعيات الصحفية واتحادات الصحفيين ، وهذه المنظمات تكون أعضاء في مجلس الإدارة، على غرار الناشرين والجمهور الذي يضم مستقبلي الإنتاج الصحفي المكتوب والمسموع والمرئي والخبراء في هذا المجال.
ويقوم المجلس ، الذي نقترح أن يسمى “مجلس الأخلاقيات والتحكيم في النزاعات” بين الصحفيين المحترفين والناشرين، وبين الصحفيين والجمهور، بمهمته طبقا للتشريع المغربي المتعلق بالصحافة . ويحق لكل جمعيات الصحفيين والناشرين الشرعية ،الانضمام إليه شريطة أن تطلب ذلك ويتم قبول طلبها. وتنتخب الهيئات الثلاث الممثلة فيه عددا متساويا من الممثلين يشكلون مجلس الإدارة الذي سيتولى إصدار بطاقات الصحافة ، والتحكيم في النزاعات بين المهنيين والجمهور ، والسهر على احترام أخلاقيات المهنة.
أما موارد المجلس، فتتكون من المساهمات السنوية للجمعيات المنضوية تحت كل هيئة ، ومن إعانات السلطات العمومية على المستوى الوطني والإقليمي، وإعانات المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي واليونسكو.
ويتألف المكتب التنفيذي للمجلس من رئيس ينتخب لمدة ثلاث سنوات، ويساعده نائب للرئيس، بالإضافة إلى أمين عام وأمين للصندوق، ويساعدهما نوابهما. ويقوم المجلس بتشكيل لجان من بينها لجنة التحكيم ولجنة بطاقة الصحافة ولجنة البت في المسائل المحالة عليه .
ولا يتقاضى أعضاء مجلس الإدارة أجوراً ، غير أن المجلس يتحمل نفقات سفرهم والمصاريف المرتبطة بأداء مهامهم.
ومما لاشك فيه أن هندسة المجلس هذه ستطبع بطابع المرونة الانتخابات التي تعثرت عدة مرات في المغرب لأسباب مختلفة، وتضمن تمثيلية جميع الهيئات المهنية.
ومن شأن هذه الهندسة كذلك المساعدة على إنشاء مجلس مستقل عن السلطات العمومية ، وهو ما يعزز سلطته في القطاع ومصداقيته على الصعيد الوطني والدولي.
كما سيساهم في تعزيز الثقة بين الصحفيين والجمهور، ويعزز مصداقية الصحفيين المحترفين في مواجهة أشكال الاتصال الأخرى غير المهنية.



