بين طهران وبيونغ يانغ: هل نشهد بداية أفول إسرائيل في الشرق الأوسط؟

في عالمٍ يتغيّر بسرعة، وبينما تتسارع التحالفات وتُعاد صياغة خرائط النفوذ، يطفو على السطح سؤال يهمّ كل متابع للشرق الأوسط:
هل نشهد بداية نهاية الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة؟
وهل يشكّل التقارب غير المسبوق بين إيران وكوريا الشمالية ملامح تحول استراتيجي يضع حدًا للتفوق الإسرائيلي المدعوم من الغرب؟
– مناورات الخطاب والسياسة
التصريحات النارية الأخيرة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والتي أعلن فيها اصطفاف بلاده عسكريًا إلى جانب إيران، لم تأتِ في فراغ. فالرسالة كانت موجهة بوضوح إلى تل أبيب وواشنطن، لتقول إن زمن “اللعب المنفرد” قد انتهى، وأن معسكر المقاومة – كما يُسميه أنصاره – لم يعد معزولًا.
كوريا الشمالية، رغم بعدها الجغرافي، ترى في الملف الإيراني فرصة لإعادة فرض نفسها لاعبًا استراتيجيًا على الساحة الدولية. أما طهران، فهي تزداد ثقة بنفسها كلما اتسعت رقعة التضامن العسكري والدبلوماسي معها، من موسكو إلى بيونغ يانغ، مرورًا ببعض قوى الجنوب العالمي.
– إسرائيل: بين التفوق والقلق
منذ عقود، استفادت إسرائيل من تفوقها العسكري والتكنولوجي المدعوم أمريكيًا، لكنّ هذا التفوق بات اليوم مُهدّدًا أمام محورٍ جديد لا يكتفي بالدعم السياسي، بل يتحدث علنًا عن الردع المتبادل بل وحتى الرد المباشر.
لقد أدركت إسرائيل منذ فترة أن استمرار “سياسة الغارات” ضد النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان والعراق، قد لا تمرّ دون ثمن. لكن الجديد هو دخول عنصر نووي صامت – كوريا الشمالية – على خط الأزمة. وهنا تكمن الخطورة: المعادلة لم تعد فقط إيرانية – إسرائيلية، بل تحوّلت إلى دولية.
– العرب بين الحذر والأمل
في هذا المشهد المعقد، يقف العالم العربي بين الحذر من التصعيد، وبين الأمل في تراجع النفوذ الإسرائيلي الذي طالما ارتبط بالاختراقات السياسية والتطبيع والإملاءات الغربية.
شعوب عربية كثيرة – حتى تلك التي لا تتفق مع طهران سياسيًا – بدأت ترى في هذا الاصطفاف الجديد نوعًا من التوازن الذي طال انتظاره.
لكن السؤال الأهم: هل يكون هذا التغير في ميزان القوى كافيًا لإعادة القضية الفلسطينية إلى مركز الصراع، بدل أن تبقى ورقة ضغط ثانوية؟
– إلى أين تتجه الأمور؟
التحالف الإيراني-الكوري، حتى اللحظة، هو في مستوى الخطاب والتهديدات. لكنّ التاريخ يُعلّمنا أن بعض الحروب الكبرى بدأت بكلمات نارية فقط.
فهل تُترجم هذه التصريحات إلى خطوات عملية؟ وهل تملك بيونغ يانغ فعلًا الإرادة للانخراط في صراع خارج حدودها، أم أنها تستخدم إيران كورقة مساومة مع واشنطن؟
الأكيد أن المنطقة تعيش منعطفًا تاريخيًا. فالعالم لم يعد كما كان، والتحالفات القديمة بدأت تتآكل، فيما تصعد قوى بديلة تُعيد رسم ملامح المستقبل.



