مضيق هرمز.. عودة تدفق النفط رغم توترات الشرق الأوسط

استعادت حركة ناقلات النفط في مضيق هرمز عافيتها مجددًا بعد تراجع مؤقت أثار قلق الأسواق العالمية، في إشارة إلى تحسن ثقة شركات الشحن رغم استمرار التهديدات الجيوسياسية في المنطقة. هذا الانتعاش السريع يحمل دلالات مهمة لأسواق الطاقة واقتصادات الدول المنتجة.
شهد يوم الاثنين انخفاضاً حاداً في عدد ناقلات النفط المارة عبر مضيق هرمز، الذي يُعد أحد أهم الممرات الحيوية لتجارة الطاقة عالمياً، حيث تمر من خلاله نحو 20% من إمدادات النفط العالمية. يبدو أن هذا التراجع كان نتيجة حذر مؤقت من ملاك السفن بعد تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل. لكن مع بداية يوم الثلاثاء، أظهرت البيانات ارتفاعاً ملحوظاً في عدد السفن العابرة، ما يُشير إلى تراجع المخاوف الأمنية عقب إعلان هدنة مؤقتة بين الطرفين، رغم هشاشتها.
انخفض متوسط عدد ناقلات النفط التي تغادر يومياً عبر المضيق إلى 20 ناقلة خلال الأسبوع، مقارنة بمتوسط 22 ناقلة قبل اندلاع الأزمة في 13 يونيو. أما السفن القادمة، فقد واصلت التدفق بمعدلات شبه ثابتة، ما يعزز فكرة أن التراجع كان ظرفياً. ورغم بوادر التعافي في حركة المرور البحرية، إلا أن المخاوف ما زالت قائمة، لا سيما بعد اتهامات أمريكية للطرفين بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن بعد ساعات فقط من سريانه. يبقى مضيق هرمز نقطة ساخنة في خريطة الطاقة العالمية، حيث تتأثر حركة الملاحة فيه بشكل مباشر بأي اضطرابات سياسية أو عسكرية في الشرق الأوسط.
أما بخصوص ناقلات الغاز المسال، فقد تراجعت بشكل واضح يوم الاثنين، لتسجل نحو ثلث مستوياتها المعتادة، ويُعزى ذلك أساساً إلى تراجع السفن القادمة. في المقابل، ظلت حركة ناقلات الغاز الطبيعي المسال مستقرة، مع تسجيل ما بين 5 و6 سفن يومياً، بينما بقيت ناقلات البضائع السائبة دون مستوياتها العادية.
ويعكس الانتعاش السريع في تدفقات النفط عبر مضيق هرمز ارتياحاً نسبياً في الأسواق العالمية، حيث ساهم هذا التحسن في تهدئة مخاوف المستثمرين من احتمال حدوث اضطرابات طويلة الأمد في سلاسل التوريد. وقد أدى ذلك إلى استقرار نسبي في أسعار النفط، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى احتمالية ارتفاعات حادة حال استمرار التوترات. لكن تبقى الأسواق في حالة ترقب، حيث أن أي تصعيد جديد قد يعيد المخاوف إلى الواجهة، خاصة وأن المضيق يظل أحد أكثر النقاط حساسية في تجارة الطاقة. وتتابع شركات الشحن والمستوردون عن كثب التطورات الجيوسياسية لتقدير المخاطر وضمان استمرارية الإمدادات دون انقطاع.
كما يشكل استقرار الملاحة في مضيق هرمز عاملاً حيوياً لدول الخليج، خاصة وأن معظم صادراتها من النفط تمر عبر هذا الممر الاستراتيجي. وقد وفر التعافي الأخير متنفساً لالاقتصادات الخليجية التي تعتمد بشكل كبير على العائدات النفطية، مما سمح بإعادة التوازن إلى الميزانيات العامة، ودعم خطط التنمية المرتبطة برؤية “ما بعد النفط”.
أما على صعيد السياسات النفطية، فقد يسهم هذا الاستقرار في تعزيز موقف دول “أوبك+”، خصوصاً السعودية والإمارات، في الحفاظ على مستويات إنتاج مدروسة تدعم استقرار الأسواق دون الدخول في دوامات اضطرابات أو ضغوط تسويقية. كما قد يشجع ذلك على إبرام عقود توريد طويلة الأجل مع شركاء آسيويين وأوروبيين، في ظل انحسار المخاطر الأمنية مؤقتاً.



