وزيرا الثقافة والعدل يؤكدان التزام المغرب بتعزيز مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية

في إطار المؤتمر الدولي حول “دور هيئات الجمارك في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية”، الذي تستضيفه الإيسيسكو بالرباط حتى 5 يوليوز، أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي ووزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، يوم امس الإثنين، على التزام المغرب الراسخ بحماية الممتلكات الثقافية وتعزيز آليات التصدي لتهريبها.
الاتجار بالممتلكات الثقافية: جريمة منظمة وعمل تخريبي
أوضح وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، أن “الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية جريمة منظمة ضد الموروث الثقافي”. مُردفاً أن المملكة بقيادة الملك محمد السادس، الذي يولي أهمية خاصة لـالتراث الثقافي، تدرك القيمة الاستثنائية للممتلكات الثقافية، فهي “ليست مجرد قطع أثرية أو أعمال فنية، بل هي شهادات حية على حضارات متعاقبة، وذاكرة مشتركة للإنسانية”.
وأضاف بنسعيد أن “هذه الكنوز أصبحت هدفاً لشبكات إجرامية منظمة تستغل الصراعات والنزاعات، وتستفيد من الفراغات القانونية والتكنولوجية، لتهريبها من أوطانها الأصلية”. مؤكداً أن “الاتجار غير المشروع بـالممتلكات الثقافية ليس مجرد جريمة اقتصادية، بل هو عمل تخريبي يمس الذاكرة الجماعية للشعوب، ويقوي الإرهاب والجريمة المنظمة، ويعرقل جهود التنمية المستدامة”.
المغرب يتحصن ويواصل استعادة ممتلكاته الثقافية
أفاد بنسعيد بأن المغرب اتخذ بقيادة الملك “خطوات استباقية وحاسمة لمواجهة هذه الظاهرة”، لافتاً إلى تعزيز الإطار القانوني والتشريعي بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، خاصة اتفاقية اليونسكو لعام 1970. كما تم تكثيف جهود الرقمنة وجرد الممتلكات الثقافية، ودخل “قانون جديد لـحماية التراث الثقافي حيز التنفيذ، بمقتضيات جديدة وهامة للحد من الممارسات المهددة لهذا التراث”.
وعلى المستوى العملياتي، أكد بنسعيد أن التركيز ينصب على “تقوية قدرات أجهزتنا الأمنية والقضائية في مجال التحقيق والملاحقة القضائية لمرتكبي هذه الجرائم، بـالتعاون الوثيق مع مؤسسات أمنية دولية والمنظمات الدولية الشريكة”. وذكّر بأن المغرب قام بعمليات استرجاع لـممتلكات ثقافية بالتعاون مع دول صديقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الشيلي.
ودعا بنسعيد إلى “تضييق الخناق على الأسواق السوداء وتشديد الرقابة على المزادات الفنية التي قد تكون غطاء لغسل هذه الممتلكات”، مع “إطلاق مبادرات لدعم الدول المتضررة، خاصة تلك التي تعاني من النزاعات، في جهودها لحماية تراثها واستعادة ما سُرق منها”. واقترح أيضاً “استغلال التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وblockchain، في تتبع أصل الممتلكات الثقافية وتوثيقها”.
– تعزيز القدرات والتعاون في مكافحة التهريب
من جانبه،شدد وزير العدل عبد اللطيف وهبي على أن تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية يقتضي “العمل على تعزيز قدرات الفاعلين المؤسساتيين، وأجهزة إنفاذ القانون، كمؤسسة الجمارك”، مشيراً إلى الدور الحيوي الذي تضطلع به الجمارك في مواجهة تهريب القطع الثقافية ومنع انتقالها عبر المنافذ الحدودية بطرق غير قانونية.
وأضاف وهبي أن هذا التعزيز يشمل أيضاً “المؤسسات القضائية والأمنية، وباقي المؤسسات والإدارات التي تُعنى بـحماية الممتلكات الثقافية”. وأوضح أن ذلك يتم من خلال “تعميق مدارك أجهزة إنفاذ القانون، وتقوية قدراتها وتأهيلها لامتلاك المؤهلات القانونية والمهارات الفكرية اللازمة للتنزيل الأمثل للمقتضيات القانونية المتعلقة بمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، بما يتلاءم مع الممارسات الدولية”.
ويرى وزير العدل أن مكافحة هذا النوع من الجرائم تستلزم أيضاً “اعتماد آليات التعاون القضائي الدولي في شقه القضائي والأمني”، خاصة وأنها “تُشكل في غالب الأحيان سلوكاً إجرامياً عابراً للحدود الوطنية، يتم في إطار عصابات ومنظمات إجرامية، وبطرق احتيالية واحترافية تتطلب مواجهتها اعتماد تقنيات بحث خاصة”.
– مبادرات قانونية مغربية لحماية التراث
لم يفت وهبي أن يستحضر في كلمته مبادرات المملكة المغربية “في إطار مسايرة التوجهات الدولية في مجال حماية الممتلكات الثقافية”، من خلال المصادقة على كافة الاتفاقيات الدولية وإبرام اتفاقيات ثنائية مع دول أخرى لمكافحة الاتجار غير المشروع بها واستردادها. كما سعت المملكة إلى “ملاءمة التشريع الوطني مع الإطار القانوني الدولي وتطويره للاستجابة للتحديات الراهنة”.
وراهنت المملكة من خلال هذه الملاءمة على “تعزيز قدرات أجهزة إنفاذ القانون على محاربة ظاهرة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وضبط مرتكبيها والحد من حالات الإفلات من العقاب”. وأفاد في هذا الصدد بصدور “أول قانون خلال فترة الحماية سنة 1912 يُعنى بحفظ الآثار والكتابات القديمة والتاريخية”، تلته عدة نصوص قانونية ذات صلة. وكان آخر هذه القوانين “القانون رقم 33.22 المتعلق بـحماية التراث لسنة 2025″، والذي “جاء بمقتضيات حديثة ومتطورة في مجال حماية التراث بكل أصنافه، علاوة على بعض المقتضيات الزجرية الواردة في مجموعة القانون الجنائية أو في بعض القوانين الجنائية الخاصة”.



