برز اسم المهاجم الشاب غونزالو غارسيا (21 عامًا) كأحد أبرز المفاجآت في صفوف ريال مدريد خلال بطولة كأس العالم للأندية 2025. استغل غارسيا ببراعة غياب نجم الفريق كيليان مبابي بسبب التهاب معوي حاد، ليثبت أن أكاديمية “لا فابريكا” لا تزال تزخر بالمواهب القادرة على التألق تحت أضواء “السانتياغو برنابيو”. بثلاثة أهداف وتمريرة حاسمة في أربع مباريات، أصبح غونزالو حديث الساعة، ما يثير تساؤلات حول مستقبله مع الفريق، تأثيره على خيارات المدرب تشابي ألونسو الهجومية، ومصير لاعبين آخرين مثل رودريغو غويس.
– من “لا فابريكا” إلى الواجهة: موهبة “الميرنغي” تتألق
غونزالو غارسيا ليس اسمًا جديدًا على ريال مدريد. هذا المهاجم الإسباني، الذي تدرج في أكاديمية النادي، كان نجمًا ساطعًا في فريق ريال مدريد كاستيا، حيث سجل 25 هدفًا في الدوري الإسباني من الدرجة الثالثة الموسم الماضي. هذا الأداء جعله على رادار المشجعين، لكن قلة توقعوا أن يصبح الخيار الأول لتشابي ألونسو في بطولة كبرى مثل كأس العالم للأندية.
مع إصابة مبابي، وجد ألونسو نفسه أمام تحدٍ كبير في خط الهجوم. اختياره لغونزالو لم يكن محض صدفة؛ فقد أشار ألونسو إلى معرفته بقدرات اللاعب جيدًا، وإن لم يتوقع هذا التألق التهديفي. “كنت أعلم أنه سيرهق المدافعين وسيجد المساحات، لكن تسجيله لهذه الأهداف… هذا أفضل بكثير!”، هكذا وصف ألونسو تألق الشاب بعد مباراة يوفنتوس.
– تألق مونديالي مفاجئ: أكثر من مجرد بديل
لم يكتفِ غونزالو بملء الفراغ الهجومي، بل أضاف بُعدًا جديدًا لهجوم ريال مدريد. في مباراة دور الـ16 أمام يوفنتوس، سجل هدف الفوز برأسية قوية من تمريرة متقنة من ترينت ألكسندر-أرنولد، مؤكدًا قدرته على التأقلم مع الضغوط الكبيرة. “رأيت الكرة قادمة من ترينت، وقلت إن هذه فرصتي!”، صرح غونزالو معلقًا على هدفه لقناة “ريال مدريد تي في”.
لم يقتصر تألق غونزالو غارسيا على التسجيل؛ فقد أظهر قدرة على الربط بين الخطوط، والضغط على الخصوم، وحتى اللعب على الأطراف عند الحاجة، كما حدث في مباراة باتشوكا عندما لعب ريال مدريد بعشرة لاعبين. جاءت أهدافه الثلاثة من معدل 2.04 أهداف متوقعة (xG)، مما يعكس كفاءته العالية في استغلال الفرص. إضافة إلى ذلك، قدم غارسيا تمريرة حاسمة في مباراة باتشوكا، مما يبرز تنوع مهاراته.
– مقارنات مع الأساطير: هل يتبع خطى راؤول؟
لم يكن تألق غونزالو غارسيا مجرد مفاجأة عابرة، بل وضعه هذا الأداء في مقارنات مع أساطير النادي مثل إيميليو بوتراغينيو وراؤول غونزاليس. فقد سجل غونزالو أربعة أهداف في أول عشر مباريات له مع الفريق الأول، مقتربًا من رقم راؤول الذي سجل خمسة أهداف في أول عشر مباريات له. هذه المقارنات ليست مجرد أرقام، بل تعكس قدرة غونزالو على تحمل ضغوط اللعب في نادٍ بحجم ريال مدريد.
وعلق اللاعب الشاب على هذه المقارنة قائلاً: “أن يُقارنونني براؤول هو أكثر من مجرد إطراء”، معربًا عن فخره بتلقيه رسالة تهنئة من أسطورة ريال مدريد نفسه. كما أثنى خوسيلو، المهاجم السابق لريال مدريد، على غونزالو، مشيرًا إلى أنه “البديل المثالي” للرقم 9 الذي يبحث عنه النادي، مؤكدًا أن خليفته كان موجودًا بالفعل في لا فابريكا.
– تأثير على خيارات ألونسو الهجومية: معضلة التشكيلة
أضفى تألق غونزالو غارسيا المزيد من الحيرة على تشابي ألونسو، وجعل استبعاده من التشكيلة الأساسية أمرًا صعبًا، حتى مع عودة كيليان مبابي. ومع وجود نجوم مثل فينيسيوس جونيور وجود بيلينغهام وإندريك، أصبح لدى ألونسو خيارات هجومية وفيرة. لكن غونزالو يقدم بُعدًا مختلفًا: فهو مهاجم تقليدي يجيد الحركة داخل منطقة الجزاء، وقوي في الرأسيات، ويمتلك غريزة تهديفية حادة. هذه الصفات جعلته يشبه خوسيلو، الذي كان يقدم أهدافًا حاسمة رغم دوره الثانوي في الفريق.
لقد أثبت غونزالو، بأدائه، أنه ليس مجرد بديل مؤقت، بل خيارًا يمكن الاعتماد عليه في المباريات الكبرى، سواء في الدوري الإسباني أو دوري أبطال أوروبا. من المنطقي أن يتصدر مبابي وفينيسيوس الخيارات الهجومية، لكن إذا استمر هذا التألق اللافت من غونزالو، فإنه سيشارك بمساحة أكبر قد تقلص من دقائق إندريك في هجوم ريال مدريد.
– مستقبل غونزالو ومصير رودريغو: هل يقترب الرحيل؟
أثار تألق غونزالو غارسيا أيضًا تساؤلات حول مستقبل رودريغو غويس. المهاجم البرازيلي، الذي لم يشارك أساسيًا سوى في مباراة واحدة خلال البطولة، يبدو خارج خطط ألونسو الأساسية. ومع ظهور غونزالو كلاعب يجيد أداء الأدوار الهجومية من العمق وعلى الأطراف، بالإضافة إلى المرونة التكتيكية لدى ألونسو بتدوير خطة اللعب بين 4-3-3 و3-5-2، فإن قرار التخلي عن رودريغو قد يقترب من التنفيذ أكثر من أي وقت مضى.
مع اهتمام أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، وفي مقدمتها آرسنال، قد يكون رودريغو على أعتاب الرحيل، خاصة مع رغبته في ضمان مكان في تشكيلة البرازيل لكأس العالم 2026. وتشير تقديرات السوق إلى أن ريال مدريد قد يحصل على حوالي 80 مليون يورو مقابل اللاعب، لكن غيابه عن التشكيلة قد يؤثر على قيمته.
– تحديات المستقبل: إثبات الذات في قلعة البيرنابيو
على الرغم من تألقه، يواجه غونزالو غارسيا تحديات كبيرة. فاللعب في ريال مدريد يعني التعامل مع ضغوط هائلة، كونه تحت مجهر ملايين المشجعين. سيكون استمرار اللاعب في تقديم الأداء نفسه في مباريات الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا بمثابة الاختبار الحقيقي لقدراته. كما أن المنافسة مع نجوم مثل مبابي وفينيسيوس ستجعل الحصول على دقائق لعب أمرًا صعبًا، لكن ثقة ألونسو به قد تمنحه دورًا ثانويًا حاسمًا، على غرار ما قدمه خوسيلو سابقًا.
الأمر المؤكد هو أن تأثير غونزالو قد يدفع ريال مدريد لإعادة تقييم خططه في سوق الانتقالات، وربما يفتح الباب أمام رحيل رودريغو. في النهاية، يبدو أن غونزالو غارسيا على أعتاب كتابة فصله الخاص في تاريخ ريال مدريد العريق، ليصبح الرقم 9 الذي طال انتظاره.
برأيك، هل سيتمكن غونزالو غارسيا من ترسيخ مكانته كأساسي في هجوم ريال مدريد، أم سيبقى خيارًا تكتيكيًا مهمًا على مقاعد البدلاء؟
