أخبارالرئيسيةمغاربة العالم

الخطوط الملكية المغربية: استغلال أم ضرورة اقتصادية؟

الحدث الافريقي-عادل العسري- رئيس جمعية العمال المغاربة بإيطاليا

يعيش أفراد الجالية المغربية هذه الأيام حالة من الاستياء والغضب الشديدين بسبب الارتفاع “غير المبرر” لأسعار تذاكر الخطوط الملكية المغربية، والذي وصل في بعض الأحيان إلى مستويات تفوق الألف يورو للذهاب والإياب للشخص الواحد. هذا الارتفاع بات يهدد بتغيير خطط العديد من المغاربة المقيمين بالخارج لقضاء عطلتهم الصيفية في وطنهم الأم، ويدفعهم نحو وجهات سياحية أخرى أكثر تنافسية في الأسعار، مثل تركيا التي يمكن السفر إليها بنفس المسافة تقريبًا بنصف التكلفة.

تأثير الارتفاع على الاقتصاد المغربي
من المفترض أن تكون الخطوط الملكية المغربية شركة “مواطنة” تساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتشجيع السياحة، لا أن تكون عاملًا في تدميره. فبصفتها اللاعب المسيطر على سوق النقل الجوي المغربي، تؤثر الخطوط الملكية المغربية بشكل مباشر على أسعار باقي شركات الطيران العاملة في السوق. عندما ترفع أسعارها، تتبعها الشركات الأخرى، مما يخلق احتكارًا فعليًا يدفع ثمنه المستهلك المغربي والجالية.

هذا الارتفاع الصاروخي في الأسعار لا يقتصر تأثيره على الأفراد فحسب، بل يمتد ليطال شريحة واسعة من القطاعات الاقتصادية داخل المغرب. ففي الوقت الذي تجني فيه الخطوط الملكية المغربية “أرباحًا هائلة”، تتكبد الفنادق وشركات النقل الداخلي وأصحاب البازارات ووكالات تحويل العملات والأسواق، وحتى التجار والحرفيين البسطاء، خسائر فادحة نتيجة تراجع أعداد الوافدين من الجالية المغربية. لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالشهادات التي تؤكد قلة أعداد الجالية الوافدة هذا العام، مما ينذر بموسم سياحي باهت.

صمت مطبق وتساؤلات مشروعة
المثير للاستغراب والأسف هو الصمت المطبق للصحافة الرسمية تجاه هذه القضية الحارقة. هذا الصمت يمكن تفسيره بالاعتبارات المالية والارتباطات الإعلانية التي تربطها بالخطوط الملكية المغربية. لكن ما لا يمكن تفهمه هو صمت الوزارة المكلفة بالجالية، أو حتى رئيس الحكومة، اللذين من المفترض أن يكونا في صدارة المدافعين عن مصالح الجالية ورعاية شؤونها، والبحث عن حلول لمشاكلها الملحة. ففي الوقت الذي تخصص فيه العديد من الحكومات حول العالم تذاكر مدعومة لمواطنيها المقيمين بالخارج، تبدو الحكومة المغربية غائبة عن المشهد.

حتى المؤسسات التي تدعي خدمة الجالية، مثل مجلس الجالية ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، تبدو غائبة عن الساحة. إذا كانت هذه المؤسسات لا تستجيب لتطلعات الجالية ولا تقدم لها أي خدمات حقيقية بخلاف “الإشهارات والخطابات البالية”، فربما حان الوقت لإعادة النظر في جدواها أو حتى إغلاقها.

هل ننتظر التدخل الملكي؟
في ظل هذا الإحساس بالاستغلال والتهميش، تتجه أنظار الجالية المغربية نحو جلالة الملك محمد السادس، الذي لطالما كان السند والعون لهم في أوقات الشدة. يتساءل الكثيرون: هل ننتظر تدخلًا ملكيًا جديدًا لتحديد سقف لأسعار التذاكر، كما حدث في سنة 2021 خلال فترة جائحة كورونا؟ أم ننتظر “غضبة ملكية” أخرى، على غرار ما حدث بمناسبة عيد العرش سنة 2015 بسبب ضعف الخدمات وسوء المعاملة داخل القنصليات المغربية؟ يبدو أن جلالة الملك محمد السادس هو الوحيد الذي يحمل هم الجالية، بينما يعتبرها البعض الآخر “بقرة حلوبًا”.

إن قضية ارتفاع أسعار تذاكر الخطوط الملكية المغربية ليست مجرد مشكلة فردية، بل هي قضية وطنية تتطلب وقفة جادة ومسؤولة من جميع الأطراف المعنية، قبل أن تتفاقم الأزمة وتؤثر سلبًا على الروابط بين الجالية ووطنها الأم.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button