تحول استراتيجي: التعاون العسكري المصري الصيني يقلق إسرائيل

أثارت التقارير الإعلامية الإسرائيلية المتعلقة بتنامي التعاون العسكري بين مصر والصين قلقًا واسعًا في الأوساط الأمنية الإسرائيلية، حيث ترى تل أبيب أن هذا التطور قد يؤثر على التوازن الاستراتيجي الإقليمي لصالح القوات المصرية. نقلت صحيفة “يسرائيل هايوم” العبرية عن مصادر أمنية إسرائيلية مخاوفها من الاجتماعات المشتركة بين مسؤولين مصريين وصينيين رفيعي المستوى، والتي تركزت على مناقشة صفقات أسلحة متطورة تشمل سفنًا حربية وأنظمة دفاع جوي متقدمة.
تأتي هذه التوجهات المصرية في إطار سياسة عسكرية جديدة تهدف إلى تنويع مصادر تسليحها وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، التي كانت المورد التقليدي للأسلحة للجيش المصري. هذا التغيير ناجم عن القيود الأمريكية المفروضة على بعض الصادرات العسكرية، مما دفع القاهرة للبحث عن شركاء جدد يلبيون احتياجاتها الدفاعية دون قيود.
لم تقتصر المحادثات المصرية الصينية على الجانب التسليحي فقط، بل امتدت لتشمل مجالات أوسع مثل التدريب العسكري المشترك، التعاون التكنولوجي في مجالات الحرب الإلكترونية وأنظمة المراقبة، بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا العسكرية المتقدمة. وقد عرضت بكين على القاهرة شراكات متقدمة في مجال الإنتاج العسكري المشترك، بما في ذلك تطوير أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المسيرة، مما يعكس توجهًا مصريًا لتعزيز القدرات الدفاعية الذاتية والاعتماد على الصناعات العسكرية المحلية.
أبدت الدوائر الأمنية الإسرائيلية قلقها من أن هذا التعاون المتعمق قد يؤدي إلى تغير في موازين القوى العسكرية بين مصر وإسرائيل، خاصة في ظل البيئة الإقليمية المضطربة التي تشهد تصاعدًا في التهديدات الأمنية. وتؤكد التقارير أن مصر تسعى بشكل متوازٍ لتعزيز شراكاتها الأمنية مع عدة دول أخرى مثل روسيا، فرنسا، ألمانيا، والهند، في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى بناء قوة ردع فعالة في منطقة تشهد العديد من الأزمات والنزاعات، من غزة إلى السودان وليبيا.
يأتي هذا التوجه المصري في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات استراتيجية كبيرة، حيث تسعى الدول الإقليمية لتعزيز أمنها القومي في ظل تراجع النفوذ الأمريكي النسبي وتصاعد دور القوى الدولية الأخرى مثل الصين وروسيا في الشرق الأوسط. هذا التحول يعكس رغبة مصر في تعزيز استقلاليتها الاستراتيجية وتأمين مصالحها في منطقة متقلبة.



