
بقلم: محمد سراج الضو-قيدوم الصحافيين المغاربة
قبل حوالي 35 سنة وفي 19دجنبر 1989، تعرضت ناقلة نفط إيرانية لحادث عرضي وربما كان حادثا مدبرا بحكم العلاقات المتوترة بين ايران والمغرب حينئذ. في عرض المحيط الأطلسي، على بعد حوالي 200 كيلومتر من سواحل المغرب وفي مقابل مدينة الوليدية الصغيرة غير بعيد عن مدينة آسفي أدى الحادث إلى انفجار خزانات الناقلة، وتسرب كميات هائلة من النفط، تقدر بحوالي 70 ألف طن، أي حوالي ربع حمولة الناقلة، وهو ما كان يشكل تهديدا للسواحل المغربية بكارثة بيئية خطيرة يمكنها أن تقضي على منطقة بحرية مغربية غنية بالثروات السمكية وتدمر النشاط الاقتصادي بالمنطقة الذي يعيش منه عدد كبير من السكان.

المغرب حينئذ لم بكن يملك إمكانيات تقنية ولا مالية لمواجهة مثل هذه الوضعية المعقدة، ما دفع الحسن الثاني إلى اللجوء لطلب الدعم الدولي و أول من استجاب لطلب الحسن الثاني كان العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، الذي خصص هبة مالية بقيمة 50 مليون دولار، لتمويل عمليات تنظيف وتجفيف السواحل المغربية من النفط العائم فوق مياه المنطقة البحرية، ومنعه تمدده حتى لا يتحول إلى كارثة بيئية ستؤثر على النشاط الاقتصادي وعلى السياحة بالمنطقة وبالأقاليم المجاورة.
كان المغرب في هذه الفترة يعيش ظروف اقتصادية صعبة جدا نتيجة الجفاف وبرنامج التقويم الهيكلي وأيضا تكالب قوىٰ إقليمية معادية لبلادنا منها الجزائر وإيرَان وسوريا وكوبا..
استغل الحسن الثاني عبور السفينة العلمية التي يديرها الرحالة وعالم البحار الفرنسي كوسطو Cousteau من المنطقة البحرية الأطلسية وطلبت منه المصالح المغربية المسَاعدَة في التغلب على توسع البقعة النفطية نحو السواحل المغربية، كوسطو لم يستجب واستمرت سفينته في الإبحار غرباً و لم يعرف إلى اليوم لماذا لم يستجب لنداء المساعدة ؟ ..
أمام هذه الوضعية الصعبة قام الحسَن الثاني باللجوء إلى طقس سلطاني عتيق يلجأ اليه السلاطين المغاربة عندما تحل كارثة ولا يستطيعون مواجهتها، إذ قام بتجنيد كل حفظة القرآن بكل مَناطق المَغرب وجعلهم يتلون القرآن في الجوامع، بعد أيام من العجز عن توقيف تمدد بقعة الزيت الضخمة، تخللتها محاولات تقنية لمنع هذا التمدد ، ومن الصدف وبركات هذه البلاد أن رياحا شرقية قوية هبت ودفعت بقعة الزّيت السوداء غرباً بعيداً عن الشّوَاطيء المَغربية نحو جزر ماديرا والأسور..
أمام هذا الفرج غير المنتظر ما كان على العاهلين السعودي والمغربي حينئذ إلا أن يتفقا على تحويل الهبة المالية التي كانت موجهة للحد من الخسائر، نحو تحقيق واحد من أحلام المغرب وملكه في تلك الحقبة، وهو التوفر على جامعة متطورة على غرار الجامعات الأمريكية في مصر ولبنان، فكانت النتيجة جامعة الأخوين في مدينة إفران، والتي حملت اسم “الأخوين” الذي يشير إلى العلاقة الخاصة بين الملكين.



