أخبارالرئيسيةفي الصميم

القمار..حين يصبح الداء هو الدواء!

بقلم: ليلى حبش

في المغرب، تُرفع لافتة “الترفيه” و”التنمية الرياضية” لتبرير انتشار أنشطة القمار، من سباقات الخيل إلى اليانصيب الوطني. مكاتب الرهان تستقطب آلاف المواطنين يومياً، تُدرّ مداخيل بمليارات الدراهم سنوياً، وتُسوَّق على أنها دعم للفروسية أو مساهمة في الاقتصاد الوطني. لكن خلف هذه الواجهة البراقة، تختبئ حقيقة مُرّة: تشجيع الإدمان بعينه.

المفارقة الأكثر إثارة للسخرية أن جزءاً من هذه المداخيل يُخصص لإنشاء مراكز لمكافحة الإدمان! أي منطق هذا؟ أن نفتح أبواب القمار مشرعة أمام المواطنين باسم “اللعب المشروع”، ثم نبني لهم مراكز علاج لانتشالهم من المستنقع نفسه الذي دفعناهم إليه؟!
الأمر يشبه بائع السمّ الذي يفتخر بإنشاء مستشفى لعلاج التسمم.

المواطن البسيط هو الضحية الأولى. شباب عاطلون يحلمون بالثراء السريع، موظفون يغريهم “حلم الفوز”، وآباء يغامرون بلقمة أولادهم في سباق ضد الحظ. وفي النهاية، خزينة الدولة تربح، فيما تخسر الأسر استقرارها، وتخسر الصحة النفسية توازنها، ويخسر المجتمع استقراره.

الحديث عن “رهان ترفيهي بريء” لم يعد مقنعاً. الأرقام تتحدث عن مداخيل ضخمة، لكن أيضاً عن ضحايا كثيرين، لم يظهروا بعد في الإحصاءات الرسمية. وإذا كانت الحلول المطروحة تقتصر على إنشاء مراكز علاج، فإننا لا نقوم سوى بإدارة الأزمة بدل مواجهتها.

الحقيقة واضحة: لا يمكن محاربة الإدمان بأموال الإدمان نفسه. ولا يمكن أن نُقنع الناس بأن القمار “ترفيه مشروع”، ثم نتظاهر بالقلق عليهم عندما يسقطون في فخّ الإدمان. المطلوب هو سياسة واضحة: إما أن نُشجع القمار أو نحاربه. أما أن نفعل الأمرين معاً، فذلك قمة التناقض,

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button