أخبارالرئيسيةجهات المملكةسياسة

المنتخب السياسي بالداخلة..سياسي موسمي بامتياز

في الداخلة، السياسة لها طقوس خاصة، تكاد تشبه مواسم الصيد البحري أو الأعياد الدينية طوال سنوات الولاية، يغيب المنتخب في صمت عميق، لا يُرى في الشوارع، ولا يُسمع صوته في هموم الناس، ثم فجأة، مع اقتراب الانتخابات، يطلّ كضيف شرف طال انتظاره، مبتسمًا، متفائلًا، وواعدًا كأنه يحمل مفاتيح الجنة.

بقلم: الإعلامية فتوتة هنون

المنتخب الذي لا يتذكر إلا في اللحظة الأخيرة المواطن في الداخلة تعوّد على هذه المفارقة منتخب لا يتذكر مشاكله إلا حين يحتاج إلى صوته سنوات كاملة تمرّ على البطالة، على ضعف البنية التحتية، على المستشفيات المزدحمة والمدارس المتعبة، دون أن يجد المنتخب نفسه معنيًا.

لكن في موسم الانتخابات، يتحول هذا الغياب إلى حضور مفرط: زيارات، لقاءات، أسئلة عن الأحوال، وحتى وعود بحلول سحرية.وعود تُباع كما تُباع الأحلامالحملات الانتخابية بالداخلة تتحول إلى سوق للوعود.

هناك من يبيع التنمية بالجملة، ومن يوزع فرص العمل كما لو كانت أوراق يانصيب، ومن يعد بتحويل المدينة إلى نسخة مصغرة من دبي. المواطنون يعرفون أن أغلب هذه الوعود ليست سوى عروض موسمية، تلمع فقط تحت أضواء الحملة، ثم تختفي في ظلام ما بعد التصويت.

ذاكرة المواطن أطول مما يظن السياسيالمفارقة المضحكة أن المنتخب يظن أن ذاكرة المواطن قصيرة، بينما الحقيقة أن الناس يحفظون تفاصيل كل حملة، ويحوّلونها إلى نكتة جماعية تروى في المقاهي والبيوت.

المواطن لم يعد يصدق بسهولة، بل صار يتعامل مع السياسة على أنها مسرحية تُعرض كل خمس سنوات، بنفس النص تقريبًا، وبممثلين يغيّرون فقط ملابسهم وخطابهم.

المنتخب بالداخلة يشبه الهلال؛ يظهر في مناسبات محدودة ثم يختفي، لكن الفرق أن الهلال على الأقل يلتزم بمواعيده الفلكية، أما المنتخب فظهوره مرتبط فقط بحاجة الأصوات.

بين الانتخابات والانتخابات، يعيش في بيات سياسي طويل، لا يكسره إلا موسم التصويت.في النهاية، يظل المشهد السياسي بالداخلة صورة ساخرة لسياسي موسمي: غائب دائمًا، حاضر عند الحاجة.

ولعل السؤال الذي يردده المواطنون هو: هل سيأتي يوم نرى فيه المنتخب جزءًا من حياتنا اليومية، يشاركنا همومنا ويدافع عن مصالحنا طوال ولايته، لا مجرد زائر عابر في موسم الانتخابات؟.

إلى أن يحدث ذلك، ستبقى السياسة في الداخلة مرتبطة بموعد محدد كل خمس سنوات فقط.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button