أخبارالرئيسيةالمرأةسياسة

المرأة المغربية بين الكفاءة الفردية والكوطة الانتخابية: مسار نحو الريادة

حضور المرأة المغربية في مراكز القرار، لم يعد مجرد استثناء أو محطة رمزية، بل أصبح واقعاً متنامياً يعكس إرادة سياسية واضحة وتراكمات مجتمعية ناضجة. فمن قيادة المجال الترابي إلى تدبير وزارات استراتيجية، ومن رئاسة جماعات كبرى إلى تسيير مؤسسات دستورية، ومن التأثير في المشهد الاقتصادي والمالي إلى الريادة في الثقافة والفن والبيئة، رسخت المغربيات أدواراً نوعية لا يمكن القفز عليها في أي قراءة لمسار التنمية الوطنية.

ففي المشهد الاقتصادي، تبرز نادية فتاح العلوي كأول وزيرة للاقتصاد والمالية، ومريم بنصالح شقرون كرئيسة سابقة لرجال الأعمال بالمغرب، وفي المجال السياسي نجد أسماء أغلالو عمدة الرباط، وفاطمة الزهراء المنصوري وزيرة ورئيسة مراكش، بينما تحتل زينب العدوي مكانة استثنائية كأول امرأة تترأس المجلس الأعلى للحسابات. وعلى مستوى الدبلوماسية، حملت كريمة بنيعيش ملفات دقيقة في مدريد، فيما تقود أمينة بوعياش المجلس الوطني لحقوق الإنسان. أما في الواجهة الفنية والثقافية، فقد صنعت أسماء مثل ليلى العلمي ونبيلة معن إشعاعاً دولياً للثقافة المغربية.

و إلى جانب هذه النماذج، لعبت الاميرات الجليلات ادوار سامية فتصدرت سمو الأميرة للا سلمى في
مجال الصحة ومحاربة السرطان،
و سمو الاميرة للا حسناء في البيئة،
سمو الأميرة للا مريم في قضايا المرأة والطفل، و سمو الاميرة للا أسماء في الدفاع عن حقوق الأطفال الصم.

و منذ اعتماد نظام الكوطا النسائية في الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية، تمكّنت نساء كثيرات من دخول المؤسسات المنتخبة، ما أتاح لهن فضاءً للمشاركة السياسية. فقد ارتفعت نسبة تمثيلية المرأة في البرلمان إلى حوالي 24%، وهي نسبة قياسية مقارنة بما قبل 2002 حيث لم تتجاوز العشرات. كما سمح نظام اللوائح الجهوية للنساء بتولي مسؤوليات داخل الجماعات والجهات، وهو ما انعكس إيجاباً على صورة المغرب دولياً.

إلا ان السؤال يظل مفتوحاً: هل الكوطا مجرد آلية انتقالية لفتح الباب أمام النساء، أم أنها تحولت إلى سقف يقيد طموحاتهن؟ الواقع يكشف أن عدداً كبيراً من الكفاءات النسائية تجاوزن منطق الكوطا، وأثبتن قدرة على المنافسة في الدوائر الفردية، وتسيير مؤسسات استراتيجية، ما يعني أن التمكين الحقيقي لا يقف عند حدود المقاعد المحجوزة بل يتجسد في الاعتراف المجتمعي بكفاءتهن.

حيث ان الحضور النسائي اليوم ، لا يقتصر على التمثيلية الشكلية، بل يمتد إلى المساهمة المباشرة في صياغة النموذج التنموي الجديد الذي يراهن عليه المغرب. فوجود نساء في وزارات المالية، الانتقال الطاقي، إعداد التراب، ومؤسسات الرقابة، يعكس وعياً بضرورة إشراك المرأة في القطاعات التي تحدد مستقبل البلاد.

اليوم المرأة المغربية، تقف على مفترق طرق: بين آلية الكوطا التي فتحت لها باب المشاركة، والكفاءة الذاتية التي مكنتها من فرض وجودها في أرقى المناصب. وإذا كان اعتماد الكوطا قد شكل ثورة صامتة في بداية الألفية، فإن التحدي الراهن هو الانتقال إلى مرحلة المنافسة الحرة والمتكافئة حيث لا تكون المقاعد مضمونة، بل تنتزع بالجدارة والثقة الشعبية.

ايضا قصة المرأة المغربية، من الأميرات إلى البرلمانيات، ومن رائدات الاقتصاد إلى قائدات المجال الترابي، هي قصة تحول مجتمع بأكمله نحو الاعتراف بأن التنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق إلا بنصفه الآخر.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button