أخبارالرئيسيةفي الصميم

عندما يتحول البيان إلى إنذار: قراءة في بلاغ دفاع اعتابو وديكوك

بقلم: زهير أصدور

صدر مؤخراً بيان عن محامي الفنانتين نجاة اعتابو وسامية ديكوك، يرد فيه على ما وُصف بأنه أخبار زائفة ومسيئة لسمعتهما وكرامتهما. غير أن المتأمل في الصياغة يلحظ أن الوثيقة أقرب إلى إنذار قانوني منها إلى بيان توضيحي للرأي العام.

فبدل أن يقدم البيان معطيات دقيقة أو رواية بديلة تفنّد الأخبار المتداولة، اكتفى بالنفي العام والتهديد بالمتابعات القضائية، مما أفقده جانباً من قيمته الإعلامية. ذلك أن وظيفة البيان، في جوهرها، ليست فقط التلويح بالقانون، وإنما أيضاً طمأنة الرأي العام وتزويده بالحقائق.

كما أن الجمع بين مخاطبة وسائل الإعلام والرأي العام من جهة، وتوجيه وعيد بالملاحقة من جهة أخرى، أوقع النص في خلط بين وظيفتين مختلفتين: الأولى تواصلية تتطلب لغة هادئة وشفافة، والثانية قانونية تتطلب دقة وحزماً. هذا التداخل جعل الخطاب يبدو قاسياً، وأحياناً دفاعياً أكثر مما ينبغي، بما قد ينعكس على صورة الموكلتين.

الممارسة الفضلى تقتضي أن يتضمن أي بيان من هذا النوع تحديد الأخبار الزائفة موضوع الطعن، وتكذيبها بشكل صريح، مع تقديم معطيات صحيحة بديلة، على أن يُختتم بعبارة مقتضبة تشير إلى الاحتفاظ بالحق في اللجوء إلى القضاء عند الاقتضاء. بذلك، يتحقق التوازن بين الشفافية التواصلية والصرامة القانونية، ويُعطى للرأي العام ما يحتاجه من توضيحات، مع صون حق الموكلتين في حماية سمعتهما عبر المساطر القضائية.

البيان كما صيغ قد يحقق وظيفة الردع، لكنه لا يحقق وظيفة البيان. والحماية الحقيقية لا تختزل في التهديد بالمقاضاة، بل تمر أولاً عبر توضيح الحقيقة للرأي العام، ثم عبر تحريك المساطر القانونية ضد من يتعمد التشهير أو نشر الأخبار الزائفة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button