Hot eventsأخبارأخبار سريعةفي الصميم

الاحتجاج صوت وطن لا يقبل الانكسار


بقلم القبطان عبد اللھ دكدوك

إنّ احتجاج المغاربة اليوم ليس نزوة عابرة ولا صرخة ضالّة، بل هو صوت شعب حيّ، لم يتعلّم الانكسار، يطالب بحقوقه بلسان العقل والوجدان، ويذكّر بأنّ الصبر وإن طال، لا يعني الرضا بالظلم ولا قبول التهميش. فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وأبناء هذا الوطن أبوا أن يكونوا شياطين صامتة، بل صدحوا بالحق، مؤمنين أنّ الوطن أمانة، لا يجوز التفريط فيها ولا الاتجار بآلام أبنائه.

لكن، ويا للأسف، في زحمة هذه الأصوات، قد تتسلل الانزلاقات: من تعطيل للمصالح، إلى تهديد للأمن، إلى ركوب موجة الغضب من قبل من لا يهمه الوطن بل مآربه الضيقة. وهذه سلبيات إن تُركت بلا رادع، تحوّل الاحتجاج من وسيلة إصلاح إلى معول هدم. وهنا وجب التنبيه: فحرمة الوطن خط أحمر، لا مساومة عليها ولا مجال للمقامرة بها.ى

أما الحلول فهي واضحة كالشمس:

  1. إرادة سياسية صادقة: فتح حوار جاد مع المحتجين، والإنصات لمطالبهم بلا تهميش ولا تسويف.
  2. محاربة الفساد فعلاً لا قولاً: فالمغربي اليوم لا يثور من فراغ، بل من غلاء الأسعار، وغياب العدالة الاجتماعية، واستفحال المحسوبية.
  3. عدالة اجتماعية حقيقية: بدعم التعليم، والصحة، والشغل، حتى يشعر المواطن أنّه شريك في التنمية لا ضحية لها.
  4. إشراك الشباب: فهم وقود المستقبل، ولن يرضوا أن يبقوا على الهامش.
  5. إعلام صادق: ينقل هموم الشعب بموضوعية، بدل التطبيل أو التحريض.

وعلى الحكومة أن تعي أنّ الاستهانة بالاحتجاجات مغامرة خطيرة، وأنّ تراكم الغضب يفتح أبوابًا لا تُغلق. فالشعوب لا تُقهر بالقوة، بل تُحتوى بالعدل.

إنّ المغرب وطن عزيز، والوطنية ليست شعارًا يُرفع في المناسبات، بل هي عهد: أن نحميه من الانقسام، ونصون وحدته، ونرفع رايته، بالعدل قبل القوة، وبالمساواة قبل الشعارات. فمن أحب الوطن حقًا، لا يقمع صوته، ولا يزايد على أبنائه، بل يصغي إليهم، ويحتضنهم، ويمضي بهم إلى برّ الأمان.

وختامًا: المغرب ليس بلدًا عاديًا بين الدول، بل هو أرض لها جذور حضارية ضاربة في التاريخ، ومكانة إقليمية ودولية لا يُستهان بها. لهذا، لا ينبغي أن نسقط في فخ الأعداء الذين يتربصون بنا، ولا أن نترك الغضب يحرق بيتنا بأيدينا. بل الواجب أن نحوّل هذه الاحتجاجات المطلبية إلى طاقة إيجابية، نُسخّرها للعمل على إيجاد حلول بنّاءة، تصون الوطن، وتزيده قوة ومنعة، وتجعله نموذجًا في الإصلاح السلمي والبناء الجماعي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button