حين نطق المجد مغربياً… أسود الأطلس يكتبون التاريخ

بقلم: الاستاذ مولاي الحسن بنسيدي علي
في ليلة ستظل عالقة في الذاكرة، عاد المنتخب الوطني المغربي ليؤكد للعالم أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل مرآة لهوية أمةٍ تصنع المجد بالعزيمة والإصرار. لقد حمل شباب المغرب على عاتقهم رسالة وطن بأكمله، فقاتلوا بشرف، وتألقوا بإبداع، وأعادوا إلى الجماهير المغربية طعم الفخر والفرح والانتماء.
ليلة مغربية بامتياز، تهادى فيها الفخر من الشمال إلى الجنوب، وارتفعت فيها راية الوطن خفّاقة في سماء المجد. منتخب المغرب كتب فصلاً جديداً في سجل البطولات، عنوانه الإصرار، العزيمة، والروح القتالية التي لا تعرف المستحيل.
منذ صافرة البداية، بدا واضحاً أن هؤلاء الشباب لا يلعبون لمجرد الفوز، بل يلعبون من أجل رفع اسم المغرب عالياً بين الكبار. كل تمريرة كانت رسالة، وكل هدف كان نشيداً للوطن، وكل تصدٍ كان تعبيراً عن حب الأرض.
لقد أبان المنتخب المغربي عن كفاءة عالية وتماسك جماعي قلّ نظيره، فكانت الروح واحدة، والهدف واحد: إدخال الفرحة إلى قلوب الملايين من المغاربة الذين تابعوا كل لحظة بقلوبهم قبل أعينهم.
إنها كرة قدم مغربية الهوية، عالمية الأداء، وأخلاقية السلوك.
لقد وحّد هذا الفريق ما عجزت عنه السياسة، وأعاد الثقة لشعبٍ تواقٍ إلى الانتصار. فبينما يتعثر الكهول في دهاليز السياسة والمصالح داخل مقرات احزابهم ودواوينهم، يمضي شباب الوطن بثقة إلى المنصات، ليقولوا للعالم:
“هنا المغرب… هنا الإبداع والإرادة والعزيمة.”
الكأس اليوم ليست مجرد قطعة معدنية تُرفع للأعلى، بل رمزٌ لوطنٍ توحد في لحظة فرحٍ نادرة، رمزٌ لروح لا تنكسر، ولجيلٍ آمن أن المجد يُصنع بالعرق، لا بالشعارات.
هنيئاً لأسود الأطلس بهذا التتويج التاريخي، وهنيئاً لكل مغربي رفع رأسه فخراً بهذا الفريق الذي كتب التاريخ بأقدامه، ورسم البسمة على وجوه أجيالٍ من المحبين.
فليُكتب بحروف من ذهب:
“حين يعلو النشيد الوطني، تصمت كل الأصوات.”
ولأن الفرح حين يأتي من عرق الجباه وسواعد الشباب يكون أصدق وأنقى، فإن انتصار المنتخب المغربي لم يكن مجرد فوز رياضي، بل ولادة جديدة للأمل في قلوب المغاربة جميعاً. لقد اجتمع الكبير والصغير، الرجل والمرأة، في لحظة واحدة من الانسجام الوطني، حين ذابت كل الفوارق أمام علمٍ واحد ونشيدٍ واحد.
هكذا هي كرة القدم حين تتوشح بالأحمر والأخضر: تتحول إلى قصيدة وطنية تُروى بالدموع، وتُحفظ في ذاكرة الأجيال.
فشكراً لهؤلاء الأبطال الذين جعلوا العالم يصغي لإيقاع المغرب،
وليرتفع الدعاء صادقاً:
دامت راية الوطن خفّاقة، ودُمت يا بلدي مغرب المجد والعزة مرفوع الرأس بين الأمم.
….



