الفصل 51 من دستور 2011 وما بعده

بقلم الاستاذ:مولاي الحسن بنسيدي علي
من أجل تحليل أعمق لموضوع نقاش قانوني الذي خضناه مع بعض الطلبة والباحثين من أبناء جاليتنا المغربية بفالنسيا الإسبانية ومتابعثهم لمجريات الأحداث بالوطن الذي يريدون له الاستقرار والأمن والعيش الكريم.
وكان سؤالهم ما هي الحالات التي تمكن الملك من إعفاء الحكومة طبقا للدستور ؟
وقد أعددنا لهم مما استقيناه من دستور 2011 إجابة مقتضبة: وفق مراجع لدراسات سابقة
ونضعها بين نظر القارئ تعميما للفائدة ونستعين بالله في ذلك .
صلاحيات الملك في حل البرلمان وإقالة الحكومة وفق دستور 2011
يشكل دستور 2011 بالمغرب مرحلة انتقالية نحو تكريس نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية، مع احتفاظ الملك بمكانة سامية باعتباره رئيس الدولة وضامن دوامها واستمرارها، وحامي حمى الدين والوطن. ومن بين أهم الصلاحيات التي أولاها الدستور للملك: سلطة حل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة، وهي صلاحيات لها تأثير مباشر على استقرار المؤسسات وامتصاص الأزمات السياسية والاجتماعية.
أولا: صلاحية حل البرلمان
أقر الفصل 51 من دستور 2011 حق الملك في حل مجلسي البرلمان أو أحدهما، لكن وفق الشروط الواردة في الفصول 96 إلى 99:
استشارة رئيس الحكومة ورئيس المحكمة الدستورية، وإخبار رئيسي المجلسين قبل صدور ظهير الحل (الفصل 96).
منع تكرار الحل لنفس السبب خلال سنة واحدة (الفصل 97).
تنظيم الانتخابات داخل أجل محدد (الفصل 98).
عدم جواز حل جديد لمجلس النواب قبل مرور سنة على انتخابه (الفصل 99).
يتضح أن المشرع الدستوري حاول تحقيق توازن بين ضمان الاستقرار السياسي ومنح الملك سلطة التدخل في لحظات الأزمات.
ثانيا: إقالة الحكومة أو رئيسها
الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات (الفصل 47).
لا يملك الملك، بمقتضى النص، حق إقالة الحكومة كاملة بإرادته المنفردة، وإنما يمكنه:
إعفاء رئيس الحكومة، مما يؤدي إلى استقالة الحكومة برمتها.
أو إعفاء وزير أو أكثر باقتراح من رئيس الحكومة أو بعد استشارته.
في حالة الإعفاء، تستمر الحكومة المنصرفة في تصريف الأمور الجارية (الفصل 87).
هذا التقييد يعكس روح دستور 2011 الذي عزز من اختصاصات رئيس الحكومة مقارنة بالدساتير السابقة، مع إبقاء سلطة التحكيم العليا بيد الملك.
ثالثا: حكومة تصريف الأعمال
حينما تتم إقالة أو استقالة رئيس الحكومة، فإنها تواصل تسيير الشؤون الجارية بشكل مؤقت إلى حين تعيين حكومة جديدة وفق مقتضيات الفصل 47. هذه المرحلة تُعرف دستوريًا بـ”حكومة تصريف الأعمال”، وتكون صلاحياتها محدودة في التسيير العادي بعيدًا عن اتخاذ قرارات سياسية كبرى.
يُظهر التحليل أن دستور 2011 قيّد بعض صلاحيات الملك التي كانت مطلقة في الدساتير السابقة، خاصة فيما يتعلق بإقالة الحكومة. ومع ذلك، فإن الملك ظل محتفظًا بدور محوري في ضمان استقرار المؤسسات عبر سلطتي الحل والإعفاء. ومن ثَمّ، يمكن القول إن الدستور المغربي حاول المزاوجة بين مطلب دمقرطة السلطة التنفيذية ومطلب الحفاظ على ثقل المؤسسة الملكية كضامن لوحدة الدولة واستقرارها.
مراجع وهوامش
عبد العزيز القراقي، الملك والسلطة التشريعية في المغرب: قراءة في دستور 2011، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد خاص بدستور 2011، 2012.
أمينة المسعودي، النظام الدستوري المغربي: قراءة في مستجدات دستور 2011، منشورات كلية الحقوق الرباط، 2013.
محمد الطوزي، الملكية والإصلاح الدستوري في المغرب، المركز الثقافي العربي، 2012.
الحبيب بلكوش، قراءة أولية في دستور 2011: نحو فصل جديد في الحياة السياسية المغربية، دفاتر وجهة نظر، 2012.
دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.



